التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

بين احرار الشام وجيش الاسلام : سيرة تمتاز بالارهاب وضرب وحدة الدولة السورية 

تحاول واشنطن وحلفاءها في المنطقة إظهار فارقٍ بين تنظيمي داعش والنصرة، وبين أطراف آخرين لهم ممثلين عنهم في المفاوضات السورية. ولعل أبرز هذه الأطراف تنظيمي أحرار الشام وجيش الإسلام، والتي تحاول واشنطن تمييزهم رافضةً تصنيفهم كإرهابيين، مُصرةً على إبقاءهم ضمن أطراف المعارضة السورية. في وقتٍ خرجت موسكو لتُعبِّر عن سخطها، معتبرةً إياهم حركاتٍ إرهابية لا تختلف عن تنظيمي داعش والنصرة في الأداء. فكيف يمكن وصف هذه التنظيمات؟ ولماذا تَثبُت عليهم صفة الإرهاب؟

أحرار الشام: سيرة تمتهن الإرهاب والسطو، وتسعى لتفتيت الدولة السورية

تعتبر حركة “أحرار الشام الإسلامية” كما تطلق على نفسها التسمية، إحدى الفصائل العسكرية التي تتبنى “الفكر السلفي” كمرجعية لها، والتي نشأت إبَّان الأزمة السورية، حيث أُعلن عن تأسيسها في 11 تشرين الثاني من العام 2011، وذلك عن طريق الإتحاد بين أربعة فصائل إسلامية سورية وهي، كتائب أحرار الشام، حركة الفجر الإسلامية، جماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان المقاتلة. وعلى الرغم من أنها أكدت منذ تأسيسها استقلاليتها وبأنها لا تتبع أي تنظيم آخر من التنظيمات داخل سوريا وخارجها، فان الحركة لم تستطع اخفاء ارتباطاتها الإقليمية المُتشعبة بين تركيا وقطر.

اشتملت الإستراتيجية العسكريّة للحركة على مهاجمة القطع العسكرية الغنية واغتنام أسلحتها مستفيدة من خبرات بعض أعضائها. كما مثل السطو على أماكن المخصصات المالية وبعض المصارف السورية سياسة للحركة، استولت من خلالها على بعض مقرّاتٍ تابعة للبنك المركزي، يقال أنها كانت تحتوي على ما يتراوح بين 4 و6 مليارات ليرة سورية.

واضافة الى السطو على المصارف، اعتمدت الحركة على السيطرة على المعابر الحدودية، كمصدر أساسي من مصادر التمويل، الأمر الذي دفعها للتعاون مع داعش في أوقاتٍ عديدة. ويضاف الى ذلك التبرعات التي تقدمها لها بعض الهيئات، حيث تشير المصادرُ إلى أن حركة أحرار الشام حظيت بتمويل قطري وتركي كبير في الجوانب العسكرية فضلاً عن الحصول على الدعم المالي. وهو ما حصَّلته من خلال “صندوق الإغاثة والمساعدات الإنسانية” وهي منظمة من منظمات المجتمع المدني والمرتبطة بالحكومة التركية. الى جانب “جمعية قطر الخيرية”، وهي منظمة مدنية أخرى، مرتبطة بالحكومة القطرية.

شراكةٌ في الإرهاب مع النصرة، وتبنٍ للفكر السلفي جهراً

امتازت حركة أحرار الشام بعلاقاتها المميزة مع جبهة النصرة على الصعيد العسكري، رغم محاولتها الإبتعاد عن تنظيم القاعدة والإدعاء أنها لا تحمل الفكر نفسه. لكن أغلب عملياتها العسكريّة الكبرى، جرت بالتنسيق مع النصرة. وعلى الرغم من إعلانها أن التعاون معها هو أمرٌ ظرفي، ومحاولة وصفها داعش بأنهم خوارج، فإن الحركة تعلن صراحة تبنيها للفكر السلفي وسعيها لإقامة دولة إسلامية. كما أعلنت مراراً أن اسلوبها للتغيير في سوريا هو السلاح والقوة حصراً، وهو جوهر ما يتبناه الفكر السلفي. وهنا فإن محاولاتها تمييز نفسها، تسقط عندما نأتي للحديث عن مرجعياتها الأيديولوجية والفكرية. فنجد أن أحد مرجعيتها الفكرية هو أبو مصعب السوري، أحد أبرز منظّري وإعلاميي تنظيم القاعدة. بالإضافة الى أبو بصير الطرطوسي، الذي عاد من منفاه في بريطانيا إلى الأراضي السورية وأخذ ينشط في المجال الدعوي التكفيري.

جيش الإسلام: حكاية التأسيس والعلاقة بالنصرة

جيش الإسلام هو عبارة عن اندماج أكثر من 55 لواء وفصيل مسلح، تم تشكيله خلال الأزمة السورية. بدأ بنواة فصيل عسكري بهدف قتال قوات الحكومة السورية باسم “سرية الإسلام”. ثم تطوّر مع ازدياد أعداد مقاتليه ليصبح “لواء الإسلام”. وفي 29 أيلول 2013، أعلن عن توحّد عشرات الألوية والفصائل تحت راية “جيش الإسلام” الذي كان يعد وقتها أكبر تشكيل عسكري معارض، وكان يقوده زهران علوش، قبل أن ينضم هذا الجيش إلى الجبهة الإسلامية التي يشغل فيها علوش منصب القائد العسكري العام. وتكون الجيش إدارياً من مجلس قيادة و26 مكتباً إدارياً و64 كتيبة عسكرية. وانتشر في مناطق كثيرة من سوريا، وقد شارك في كثير من العمليات العسكرية الإرهابية في مختلف المدن السورية. ولم تتوانى هذه الحركة، عن الإعتراف بشراكتها مع جبهة النصرة. حيث قال زهران علوش قائدها العام يوماً: “إن جبهة النصرة فصيل مقاتل في سورية، اشتركنا معهم في عدة معارك، فرأينا منهم الإقدام، والجهاد، والعمل الدؤوب، ونحن نثني على جبهة النصرة، ولا نعتبرهم خوارج”.

تحليلٌ ودلالات

لا شك أن الإختلاف الأمريكي الروسي حول تصنيف هذين الطرفين بالإرهاب، ليس أمراً يحتاج الى الإستدلال. بل إن عدداً من الأمور يمكن الإشارة لها، والتي توضح حقائق مهمة يمكن إختصارها بالتالي:

تسعى واشنطن لإستغلال هذه الأطراف كأوراقٍ للضغط السياسي لا سيما فيما يخص مصلحتها في سوريا. وهنا تبدو جليةً أهداف واشنطن البعيدة عن مصالح الشعب السوري. وإلا فإن السيرة المعروفة للحركتين، تتميز بسعيها لإضعاف الدولة وتستخدم القتل والسطو كأدواتٍ لتنفيذ أهدافها وتأمين تمويلها. الى جانب أنها تعتمد الفكر السلفي، وهو الأمر الذي لا تُخفيه.
وهنا فإن المصالح الروسية تختلف مع مصلحة أمريكا، خصوصاً لجهة السعي الواضح لموسكو من أجل إنجاح المفاوضات، وهو ما يبدو أنه سيتعثَّر نتيجة المشاكل الحاصلة في طرف ما يُسمى المعارضة السورية. الأمر الذي ساهم في إنشقاق أشخاصٍ من الهيئة العليا للمفاوضات بسبب اعتراضهم على هيمنة المتطرفين، بمن فيهم قادة تنظيم جيش الإسلام، على الهيئة. وهو الأمر الذي ادى لسخط موسكو، والذي عبَّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مؤكداً على ضرورة اعتبار هذه الحركات إرهابية.
ولعل الأمر الذي يمكن استنتاجه مما تقدم، وضوح السعي الروسي لإنضاج الحل السلمي للأزمة السورية. في وقتٍ لا تبدو فيه واشنطن مُهتمةً بذلك. بل تدل مواقفها ومساعيها، على حاجتها لتقطيع الوقت، وبالتالي محاولة الرهان على المستقبل لكسب مزيدٍ من الأوراق. مما قد يُفسِّر تعثُّر المفاوضات.
إذن تعود واشنطن للرهان على الإرهاب من جديد. فيما تُثبت الوقائع، حجم تورط كلٍ من حركة أحرار الشام وجيش الإسلام بالإرهاب. وهو ما يمكن استنتاجه من خلال سيرتهم، والتي تمتاز بالإرهاب وضرب وحدة الدولة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق