التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مايو 17, 2024

العراق .. كابينة العبادي تنتظر خلف أسوار البرلمان 

رفض البرلمان العراقي الأسبوع الجاري وللمرة الثانية قائمة المرشحين لتولي الحقائب الوزارية التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي.

وكان من المقرر أن يتم التصويت على هذه القائمة يوم الثلاثاء الماضي إلاّ أن الخلافات بين الكتل السياسية من جانب، ورفض اللجان البرلمانية لعدد من المرشحين لتولي بعض الحقائب الوزارية في حكومة التكنوقراط المزمعة من جانب آخر، حال دون إجراء عملية التصويت.

وقوبل تأجيل التصويت على الكابينة الوزارية لمرتين باعتراض الكثير من الخبراء القانونيين والعشرات من أعضاء مجلس النواب داخل قبة البرلمان.

وقال سعد الحديثي المتحدث بإسم المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي إن الأخير قدّم قائمتين بالتغيير الوزاري إلى مجلس النواب أحدهما إستندت إلى لجنة الخبراء، والثانية بعد المباحثات مع الكتل السياسية، مشيراً إلى أن الملف الآن بيد مجلس النواب ليقرر التصويت على أيّ منهما.

ومن الأسباب المباشرة التي دعت العبادي لتقديم أسماء جديدة لتولي الحقائب الوزارية هي الوعود التي أطلقها لإجراء إصلاحات شاملة في البلد، في مقدمتها محاربة الفساد في جميع مفاصل الدولة في كافة الجوانب الأمنية والسياسية والإقتصادية.

وحظيت هذه الدعوات بدعم كبير من قبل المرجعية الدينية وكافة شرائح الشعب العراقي ونخبه السياسية والإعلامية. وقد حذّرت جميع هذه الأطراف من مخاطر عدم تنفيذ الإصلاحات على مستقبل البلاد التي تخوض الآن حرباً شرسة ضد الجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم “داعش” وتسعى لتحرير مناطقها المغتصبة من قبل عناصر هذا التنظيم وفي مقدمتها محافظة الموصل (400 كلم شمال العاصمة بغداد).

في هذه الأثناء أعربت الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي والتي تمثل التحالف الوطني عن قلقها من عدم حسم موضوع الكابينة الوزارية التي قدّمها العبادي وإرجاء التصويت عليها للمرة الثانية في داخل مجلس النواب.

وكان من المقرر أن تتشكل الحكومة الجديدة من وزراء من المستقلين التكنوقراط، في حين طالبت العديد من الكتل السياسية بضرورة أن تضمن الحكومة القادمة التوازن بين كافة المكونات السياسية والقومية في البلد.

ورغم سعي العبادي لتقديم كابينة بعيدة عن المحاصصة الحزبية والسياسية، إتهمت بعض الأطراف الكتل المتنفذة في العملية السياسية القائمة بالسعي لعرقلة تشكيل الحكومة الجديدة للحفاظ على المكتسبات التي جنتها من المحاصصة الحزبية والطائفية المعتمدة في البلاد منذ غزوها من قبل أمريكا عام 2003.

ويعتقد الكثير من المراقبين أن الخلافات السياسية قد تترك آثاراً سلبية على قدرة العراق في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تحتل مناطق متعددة من البلاد.

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد دعا خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد رئيس الوزراء العراقي إلى إبعاد شبح الخلافات السياسية عن الإستعدادات العسكرية الجارية لتحرير الموصل والمناطق الأخرى المحتلة من قبل تنظيم “داعش”.

كما حذّر السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة والعراق وأفغانستان “زلماي خليل زاد” في مقال نشرته صحيفة “نیویورك ‌تایمز” من خطورة تداعيات الأزمة السياسية الحالية في العراق الذي يواجه أيضاً أزمة أمنية بسبب وجود “داعش”، وأخرى إقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط.

ورغم أن الدستور العراقي ينص على أن من حق رئيس الوزراء تقديم مرشحين لتولي الحقائب الوزارية للتصويت عليها في البرلمان، إلاّ إنه وبسبب عدم تشاروه هذه المرة مع الكتل السياسية النافذة في البرلمان بهذا الخصوص قد أثار إعتراض هذه الكتل رغم كون المرشحين هم من التكنوقراط والمستقلين.

ويواجه العبادي ضغوطاً شعبية وسياسية كبيرة تطالبه بتنفيذ وعوده بالإصلاحات الشاملة في جميع المجالات الأمنية والسياسية والإقتصادية.

وكانت المرجعية الدينية في النجف الأشرف المتمثلة بآية الله السيد علي السيستاني قد دعت العبادي ولمرات عديدة خلال الأشهر الماضية إلى الإسراع بتنفيذ الإصلاحات، ومن بينها تقليص عدد الوزارات وتحسين الخدمات الاجتماعية ومكافحة الفساد الإداري والمالي المستشري في الكثير من دوائر الدولة.

وسعى العبادي خلال الفترة الماضية إلى ترشيح وزراء يتمتعون بالكفاءة والنزاهة يأخذون على عاتقهم تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، إلاّ أنه واجه صعوبات متعددة في تحقيق هذا الهدف بينها العراقيل التي وضعتها بعض الكتل السياسية واللاعبين الأساسيين والمؤثرين في البرلمان العراقي.

وكان رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق السيد عمار الحكيم قد طالب العبادي في وقت سابق بالإستقالة من حزب الدعوة الذي ينتمي إليه كي يتحقق بشكل عملي مفهوم الحكومة المستقلة التي طالبت بها المرجعية الدينية وكافة شرائح المجتمع العراقي ونخبه الإجتماعية والثقافية والإعلامية.

وكان بعض مرشحي العبادي لتولي حقائب وزارية قد أعلنوا إنسحابهم من التشكيلة الوزارية الجديدة بينهم المرشح لتولي حقيبة وزارة النفط “نزار محمد سلیم”، حيث أشار في تصريح إلى أن ترشيحه كان يجب أن يتم بموافقة رئاسة إقليم كردستان وبوجود توافق سياسي، وقد إنسحب لعدم تحقق ذلك.

ويرى المحللون أن السبيل الأمثل للخروج من الأزمة السياسية التي يواجهها العراق حالياً يكمن بإختيار عدد من الأشخاص المستقلين لتولي بعض الحقائب الوزارية، واختيار أشخاص آخرين من الكتل السياسية لشغل الحقائب الأخرى، شريطة أن يتم التوافق بين رئيس الوزراء والبرلمان بهذا الخصوص.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق