التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 25, 2024

حول أسس الاقتصاد المقاوم .. هكذا تتحرر الشعوب 

منذ سنوات يؤكد قائد الثورة في الجمهورية الاسلامية في إيران الامام السيد علي الخامنئي على موضوع الاقتصاد المقاوم، كنموذج جديد للاقتصاد الذي يحقق أهداف الجمهورية الاسلامية لجهة التحرر من قيود النظام الرأسمالي العالمي الحاكم، ويحول دون أن يتدهور الوضع الاقتصادي للبلاد خلال الأزمات وفي مواجهة الصدمات.

ويؤكد الامام السيد علي الخامنئي في خطاباته على عشر نقاط مستنبطة من الثقافة الاسلامية، وهي عبارة عن تدابير إقتصادية استراتيجية ومستمرة (ليست مرحلية) تؤدي إلى تحرر الشعب من هيمنة الاقتصادات الغربية الحاكمة. وقد أشار اليها خلال خطابات كثيرة كان آخرها خطابه بمناسبة بداية العام الايراني الجديد (عام 1395 هجري شمسي) والذي أسماه عام “الاقتصاد المقاوم، المبادرة والعمل” في تأكيد على مدى أهمية هذا الموضوع واستراتيجيته في فكر وسياسة الامام الخامنئي.

وأسس الاقتصاد المقاوم طبقا لما ورد في خطابات كثيرة للامام الخامنئي هي التالية:

دفع العجلة الاقتصادية للوصول إلى العدالة الاجتماعية
دفع وتحريك اقتصاد البلاد من خلال زيادة النمو الاقتصادي والانتاج الوطني وايجاد فرص عمل وخفض مستوى التضخم وتأمين الرفاهية للمجتمع وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية، فلا بد أن تستفيد جميع شرائح المجتمع من التقدم الاقتصادي وخاصة الطبقات المحرومة.

الخاصية المقاومة للاقتصاد
فمن الضروري أن يتمتع الاقتصاد بالقدرة على مواجهة العوامل التي تهدده. وهذه العوامل نوعان فبعضها الهزات الاقتصادية العالمية والكوارث الطبيعية التي تؤثر في اقتصادات الدول، وبعضها ناشئ عن ضغوطات مُفتعلة ومعادية كالحظر والعقوبات والتي لا تكون عادة عفوية.

التأكيد على الامكانات الداخلية
فالاعتماد على الطاقات والموارد الداخلية مسألة تحظى بأهمية خاصة في الاقتصاد المقاوم سواء الموارد الانسانية أو الطبيعية أو الاقتصادية أو الجيوسياسية.

الحركة الجهادية
والمقصود هنا أن الاقتصاد المقاوم بحاجة إلى حركة جهادية وهمة جهادية وإدارة جهادية للوصول إلى الهدف. وطبعا فان الروحية الجهادية لا بد أن تترافق مع تخطيط علمي مفعم بالقوة.

محورية الشعب
“يد الله مع الجماعة” هذا ما يؤكد عليه الاسلام، وانطلاقا من هذا المبدأ فمن الضروري اشراك جميع فئات المجتمع في هذه الحركة الاقتصادية والاستفادة من كافة الامكانات والمهارات والابداعات الموجودة لدى مختلف فئات الشعب بما في ذلك العلم والمعرفة والرساميل وكلها عناصر مؤثرة في حركة الاقتصاد الداخلي.

تحقيق الاكتفاء الذاتي
وهذا العنصر بالتحديد كان موضع تأكيد الامام الخامنئي منذ سنوات طويلة. فمن المهم الالتفات إلى المجالات الأكثر أهمية والتي يجب الوصول إلى الاكتفاء الكامل بها والتي تعتبر استراتيجية للدولة ومنها الغذاء والدواء في الدرجة الأولى.

الخروج من الاقتصاد النفطي
وهذا العنصر من الأهمية بمكان بسبب الاعتماد الكبير حتى وقت متأخر على تصدير النفط من قبل الجمهورية الاسلامية. وهذا الموضوع كان سببا لكثير من الضغوطات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على ايران. حيث يؤكد الامام الخامنئي على ضرورة عدم تصدير النفط الخام والسعي إلى تصدير الصناعات التي تحمل قيمة مضيفة وتقوي الاقتصاد. وبالفعل فقد قطعت الجمهورية أشواطاً كبيرة خلال السنوات الماضية في هذا المجال.

إصلاح نموذج الاستهلاك
عدم الاسراف والهدر وتجنب المصاريف التجملية واصلاح نموذج الاستهلاك هي من الأمور التي تؤكد عليها التعاليم الاسلامية. ومن هذا المنطلق يؤكد الامام الخامنئي على ضرورة التدبر والتعقل في الصرف. مؤكدا على الاهتمام بالمعايير الاسلامية في الاستهلاك وهذا لا يعني التقشف المجحف والذي يعتبر أمرا غير مقبول.

مكافحة الفساد
فلتأمين حضور ومشاركة الشعب في مسيرة الاقتصاد المقاوم يجب مكافحة الفساد وايجاد الأرضية التي تطمئن الناس إلى عدالة الحكم. فينبغي كف أيدي المفسدين والمستغلين والمحتكرين إضافة إلى منع المحسوبيات للمحيطين بالمسؤولين والمتحايلين على القوانين.

محورية العلم
حيث يؤكد الامام الخامنئي على هذا العنصر البالغ الأهمية والذي يؤثر بشكل مباشر على كافة العناصر الأخرى. فالاقتصاد المبني على العلم والمعرفة هو اقتصاد متين ولا يمكن محاربة العدو ومن يتربص بالأمة إلا من خلال العلم وامتلاك المعرفة والوصول إلى آخر التقنيات التكنولوجية والعلمية في العالم. كما يؤكد الامام الخامنئي على العلم الأصيل الذي يولد في الداخل ولا يُستورد من الخارج خاصة أن هذا الأمر له علاقة مباشرة بالاقتصاد المقاوم والذي بالأصل هو اقتصاد داخلي المنشأ والقوة.

وخلال الخطاب الأخير للامام الخامنئي في استقبال العام الايراني الجديد أعاد التأكيد على هذه الأسس ضمن عشر توصيات عملية نشير إليها باختصار وهي: التشخيص والتمركز على الأنشطة الاقتصادية المنافسة، إعادة احياء ودفع عجلة الصناعات الداخلية، تجنب استيراد ما يمكن تصنيعه داخليا، الإدارة الرشيدة للموارد المالية التي تأتي من الخارج، التأكيد على محورية العلم في فروع الاقتصاد المهمة، قطف ثمار الاستثمارات التي دفعت سابقا في بعض المجالات الاقتصادية المهمة كالبتروكيمياويات وبناء محطات الطاقة، اشتراط دخول التكنولوجيات والتقنيات الخارجية إلى داخل ايران ضمن الاتفاقات الثنائية التي تتم مع الخارج، المكافحة الجدية والواقعية للفساد والتهريب والمحسوبيات، ترشيد استهلاك الطاقة والاستفادة القصوى منها وأخيرا ايلاء الاهتمام الخاص بالصناعات المتوسطة والصغيرة.

ختاما وفي خلاصة لما ورد، من الجيد الاشارة إلى بعض الأسباب التي تجعل هذا النموذج الاقتصادي ضرورة ملحة لشعوبنا ودولنا في هذا الزمن. فأولا ان إقتصاداتنا ومجتمعاتنا باتت مرتبطة بشكل شبه كامل بالاقتصاد العالمي. بناءاً عليه لا بد إذا أن التأثير على إقتصاداتنا بات كبيرا بسبب الحدود الاقتصادية المفتوحة بالكامل. وثانيا لا يجب أن ننسى الطبيعة الاسلامية لمجتمعاتنا، وأهمية المحافظة على الاستقلال والعزة وعدم الرضوخ لسياسات دول الاستعمار المعاصر. وللوصول إلى هذا الهدف لا بد من اعتماد نموذج اقتصادي يستطيع مقاومة أي آثار سلبية لعقوبات وضغوطات تسعى الدول الكبرى إلى فرضها علينا لإخضاعنا. إذا وباختصار إن مسيرة تحرر الشعوب ليس ممكنا دون هذا النموذج من الاقتصاد الاسلامي المقاوم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق