التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 6, 2024

تفجيرات تركيا ؛ هل انقلب الابن العاق على اردوغان 

بات من المعتاد على آذاننا ان نسمع بتفجير ارهابي في تركيا كما تعودناه في بعض دول المنطقة، بعد أن كانت تركيا إحدى أكثر البلدان أماناً، وتعتبر القبلة السياحية لكثير من شعوب العالم، وبات لتركيا وعلى غير العادة نصيبها من الضحايا والخسائر جرّاء الارهاب القائم في المنطقة، ولكن الغريب في هذه الأعمال الارهابية أن لا أحد يتبناها ولا نتائج تذكر من التحقيقات التركية، فهل هي فعلاً من صنع الأكراد كما تدعي السلطات التركية، أم أن المخابرات التركية تعمل بهذه الهجمات على اسكات الأصوات المعارضة داخلياً اضافة لتبرير مجازر السلطة بحق الأكراد في ديار بكر وغيرها؟

من هو المخطط الفعلي للهجمات الارهابية في تركيا؟

تعددت التحليلات والتكهنات حول من قد يكون خلف التفجيرات المتكررة في تركيا، خصوصاً أن التحقيقات التي تجريها السلطات التركية لم تأت بنتائج تذكر، بل بعثت على السخرية في الكثير من الأحيان بسبب التسرع باعلانها الطرف المسؤول عن التفجير بدليل العثور على هوية سورية في مكان التفجير وما شاكل ذلك من حجج ضعيفة.

في المرور على التفجيرات التي حصلت مؤخراً في تركيا نرى هذا التسلسل الزمني ونلاحظ أعداد الاصابات التي وقعت على اثرها ففي مارس 2016 قتل 37 شخصاً بانفجار في انقرة، وفي فبراير 2016 مقتل 28 شخصاً بانفجار وسط انقرة، وفي يناير 2016 قتل 10 اشخاص بانفجار في اسطنبول، وفي اكتوبر 2015 قتل أكثر من 100 شخص بانفجار في انقرة.

نلاحظ أن كل هذه التفجيرات حصلت بتسلسل زمني متقارب وكانت ادعاءات السلطات التركية واتهاماتها بعدها عشوائية ومتكررة، ولكن التقارب بين هذه التفجيرات وتوقيتها يطرح علامات استفهام كثيرة حول الخرق الكبير في المجتمع التركي، والضعف في قدرات الأجهزة الأمنية التي من المفترض أنها تحقق في هذه التفجيرات، الا اذا كان للأخيرة يد فيها.

ولفهم الاشكالية دعونا نعود بالزمن قليلاً الى الوراء، اذ يمكننا التنبه الى ان الصراع التركي الكردي قديم جداً وهو سابق للحرب السورية ولوجود داعش ولم نشهد هكذا تفجيرات مدروسة وبهذه الوتيرة الزمنية وعلى هذه الشاكلة من قبل ما يدفع التهم عن الكردي اذ كانت قدرته اللوجستية والعملانية أكبر في المرحلة السابقة من الصراع التركي الكردي. كما أنه منذ بداية الأزمة السورية وحتى عامها الثالث لم نر هكذا تفجيرات اذا ما اردنا ربطها بالنظام السوري مثلاً. بل إن الوتيرة المتسارعة للتفجيرات رافقت الضغط الكبير الذي شكله تقدم الجيش العربي السوري شمالاً مترافقاً مع التقدم الكردي واللذين اشرفا على اغلاق الحدود التركية مع سوريا بشكل تقريبي ومنع المقاتلين من القدوم من تركيا ما شكل ضغطاً كبيراً على التنظيم الارهابي داعش، بالاضافة الى الاتهامات المتوالية لتركيا بدعمها داعش وشرائها النفط منه، ما جعلها تنكر ارتباطها به لا بل تحاول ضربه في بعض المرّات ما قد شكل توتراً في العلاقة بينها وبين التنظيم الارهابي داعش، وهو ما يمكن ارجاعه كسبب لقرص التنظيم للسلطة التركية بهذه التفجيرات.

كما اذا ما تساءلنا كيف لجيش كبير يُعد من الأكبر في المنطقة ويمتلك أحدث أجهزة الاتصالات أن لا يستطيع الكشف عن ملابسات كل هذه التفجيرات، في وقت نجد فيها دولاً بأجهزتها البسيطة والصغيرة كلبنان استطاعت الكشف عن الملابسات والأشخاص وراء التفجيرات الارهابية في لبنان، فهل يتستر التركي على داعش لكي لا يفضح نفسه أكثر؟

لذا واذا ما افترضنا أن الأتراك ليس لديهم معلومات عن منفذي هذه العمليات الارهابية فهذه مصيبة، وإن كانت لديهم التفاصيل ويتسترون عليها فتلك مصيبة أكبر، وفي تفسير ذلك يكون التركي بين نارين أولهما الكشف عن تستره على العناصر الارهابية ونشاطاتها التي اتخذت من تركيا مأوى لها، والثاني يتمثل بضغط الداخل التركي الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الانفجار في وجه هذه السلطة، وخصوصاً بعد تمادي “أردوغان” في تصريحاته الأخيرة، والتي إعتبر فيها أن الأمن التركي أهم من الحرّيات في بلاده، وما سبق ذلك من قمع للحريات وكم الأفواه وإغلاق الصحف التي كشفت عبور قوات داعشية من تركيا الى سوريا، والضغط على وسائل الاعلام والتحكم بها والتضييق على الشعب التركي بحجب وسائل التواصل الاجتماعي عنهم والاعتقالات التعسفية.

فلماذا كل هذا التعسف من نظام “أردوغان”؟ ما الذي يخاف انكشافه على الملأ ويتحجج في سبل اخفائه بمصالح البلاد وأمنها القومي؟ طبعاً هو ليس لديه أي مشكلة باتهام الأكراد أو النظام السوري بالأعمال الارهابية.. اذاً ما يخفيه ليس متعلقاً بالأخيرين، انما طبعاً بالشريك الخفي الذي طالما اتهم النظام التركي بمساندته أي داعش، خاصة ان انتشار الارهاب في تركيا وانكشاف أمر التعاون التركي الداعشي لن يكون مرده سلبياً فقط على الداخل التركي انما على علاقة تركيا مع أوروبا، والتي توترت مؤخراً بسبب أزمة اللاجئين، اضافة للآثار التي قد تلحق بتركيا على صعيد علاقاتها الدولية بسبب المخاوف العالمية من تنامي خطر داعش وانتشاره.

أما دوافع التنظيم لهجماته في تركيا فهي كثيرة، نذكر منها أنه مثلاً لا يعترف بالآخر ويكفر الجميع ولا ميثاق أو عهد قد يردعه عن قتل الشعب التركي الذي بمعظمه مسلم ولكنه علماني وهو ما يتنافى مع ايديولوجيا داعش و يبيح دمه بالنسبة للتنظيم، ثانياً هو الضغط الذي يتعرض له داعش في العراق وسوريا خاصة والحرج التركي الذي يدفعه لرفع يده عن التنظيم بسبب الضغوطات الدولية على السلطات التركية، وهذه ما قد يدفع داعش لتهديد اردوغان بهكذا ارهاب لتحذيره من الانقلاب عليهم، كما يطرح البعض فرضية استخدام السلطات التركية داعش لتنفيذ هكذا هجمات والباسها للأكراد، وذلك لتبرر تنكيلها بحق الأكراد في ديار بكر وغيرها من المناطق مقابل غض الطرف عن تهريب السلاح والمال والعديد لداعش عبر الحدود التركية السورية.

فهل يخفي التركي تورط إبنه الضال داعش في الأعمال الارهابية المتوالية في تركيا بعد كل هذه الخسائر البشرية والمادية والمعنوية للشعب التركي؟ أم أن التحليلات الكثيرة المتواترة عن قرب انفراط عقد هذا النظام بسبب تهوراته المتوالية سيودي بالتنظيم الارهابي الى الهاوية أيضاً باعتباره الحاضن الأساسي له؟
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق