التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 6, 2024

خفايا الصفقة الروسية الامريكية 

يتحدث الأمريكيون عن خطة “ب” لسوريا، ثم يصححون، يحذرون من احتمال التقسيم، ثم يوضحون. تتسرب من الروس عبارة الفدرالية، ثم يصوّبون. يتبادلون الاتهامات مع السعودية وتركيا، ثم يستقبلون وفودًا خليجية وسعودية. وبين الأمريكي والروسي ينبري الاسرائيلي ويقول إننا متفقون مع روسيا ألا تزعجنا ونزعجهم في سوريا. يحصل كل هذا بعد اعلان وقف اطلاق النار الجزئي والمشروط في سوريا. ويوحي هذا الاتفاق الأمريكي الروسي بأنه أكثر ميلاً لروسيا ومحورها، ذلك لأنه يشرع دور الحكومة السورية ويشرع ضرب داعش والنصرة، وتيّارات ارهابية تكفيرية أخرى، وهذا بالضبط ما يقلق السعودية وتركيا والکيان الاسرائيلي.

اذًا شيء ما يحصل في العلاقات الروسية الأمريكية، هل في الأمر صفقة كاملة؟ أم تفاهم مؤقت؟ أم أنه فيه شيءٌ ما بين الاثنين؟ واذا كان في الأمر صفقة فهل تعني استكمال الحسم العسكري في سوريا وفرض تسوية سياسة على الجميع؟ ثم هل أن الاتفاق الروسي الأمريكي ثابت أم ينتهي بانتهاء ادارة باراك أوباما؟

يقول بعض المحللين السياسيين إن التقسيم أو الفدرالية في سوريا ليس مطروحا حتى الآن على الطاولة الروسية الأمريكية، حيث يقول الدكتور لورانس كورب مستشار الشؤون الدفاعية في مركز التقدم الأمريكي “إن الهدف الأمريكي بوجود أوباما أو برحيله هو وضع حل للنزاعات الداخلية والتوجه نحو العدو الأساسي للعالم أي داعش”، أما بالنسبة لما قالته خارجية روسيا عن الفدرالية فيقول أحد المختصين في الشأن السوري إن روسيا كانت تقصد بالفدرالية الاجتماعية بما معناها مثلاً أن الأكراد الذين لا يتعدون 20 في المئة في سوريا يحق لهم تعليم اللغة الكردية في مدارسهم، أيضا يقول الدكتور زياد سبسبي عضو مجلس الشيوخ الروسي ونائب رئيس لجنة العلاقات الدولية في المجلس الفدرالي الروسي “إن روسيا لم ولن تطرح شيئاً على الشعب السوري، الشعب هو صاحب القرار وروسيا ترى سوريا موحدة”.

الصفقة الروسية الأمريكية

لعل البنود الظاهرة في الصفقة الروسية الأمريكية هي لا شيء من المخفي، وبين الظاهر والمخفي ماذا يحمل الاتفاق الأمريكي الروسي؟

ـ تكثيف الحرب ضد داعش والنصرة وأطراف أخرى تعتبرها روسيا إرهابية.

ـ تعويم وتشريع الدولة السورية الحالية في سياق ضرب الإرهاب، ووقف إطلاق النار والمصالحات وايصال المساعدة الإنسانية ومنع المعارضة المسلحة من خرق المناطق التي تسيطر عليها الدولة… مقابل منع الجيش من اختراق مناطق تسيطر عليها فصائل يعتبرها الغرب غير إرهابية. (أي اتفاق على خطوط تماس أمنية حتى الآن لكن لا شيء يمنع تحولها الى خطوط تماس سياسية لو تعقدت الامور).

ـ اشراك الدولة السورية الحالية بالاتصالات العسكرية (بما فيها الأمريكية) ومد جسور بينها وبين المجموعات المسلحة غير الموسومة بالإرهاب بغية دمجها لاحقا في الجيش السوري او في تشكيلات أمنية أخرى.

ـ العودة الى المفاوضات، ثم الاتفاق على تشكيل حكومة موسعة، تضم أطرافا معارضة، والاعداد للانتخابات المقبلة. وترحيل مسألة الرئيس الأسد الى فترة لاحقة على أمل ان يقرر السوريون أنفسهم ماذا يريدون.

ـ تكثيف وتنويع الاتصالات الروسية مع الدول الخليجية (قمة مع امير قطر، واتصالات هاتفية مع ملك السعودية) والکيان الإسرائيلي، بغية طمأنته على مستقبل الحل السياسي والأمني في سوريا. وفي هذا السياق استقبلت موسكو في أسبوع واحد وفدا وزاريا عربيا ونوابا سعوديين ووفدا عسكريا إسرائيليا.

ـ منع الكرد من إقامة دولة مستقلة بغية طمأنة تركيا وتحييدها …. ثم اشراكها هي والسعودية وغيرهما لاحقا في حرب حقيقية ضد الإرهاب. (لم يكن تصريح وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن قلق من تنسيق بين الكرد وروسيا والنظام السوري عابرا).

يجب الانتباه هنا الى خلاف حقيقي بين تيارين أمريكيين حيال تركيا، ظهر الأول من خلال مشروع قرار تقدمت به اللجنة القانونية في مجلس النواب الأمريكي يوم الأربعاء الماضي يعتبر الاخوان المسلمين منظمة إرهابية، والثاني يريد دعم تركيا وهو فاعل في وزارة الدفاع التي أقرت صفقة قنابل خارقة للتحصينات الى انقرة.

ـ موافقة موسكو على تحرك أطلسي محتمل ضد الإرهاب الليبي. فحسب وول ستريت دجورنال بدأ البنتاغون بإرسال قوات الى ليبيا، وإيطاليا فتحت اجواءها.

اذاً، ان الصفقة الأمريكية والروسية هي أقل من صفقة وأكبر من اتفاق. لا تزال ملفات دولية كثيرة عالقة بين البلدين. لكن الوطن العربي وإيران وتركيا يعيشون حاليا على وقع هذا التقارب الروسي الامريكي الذي لم، وربما لن، تعرف كل تفاصيله وخفاياه وبنوده. ولو تم تنفيذ الاتفاق على نحوه الراهن، فيعني ان محور روسيا – إيران – سوريا – حزب الله، خرج رابحا من الحرب السورية (إذا ما نظرنا الى المسألة من ناحية استراتيجية وليس إنسانية في بلد تم تدمير البشر والحجر والتاريخ والحضارة فيه).
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق