التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

الرابحون والخاسرون في اتفاق الهدنة السورية 

بعد دخول إتفاق وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ قبل عدة أيام إعتقد الكثيرون إن هذا الاتفاق لن يصمد طويلاً وسيتم خرقه من قبل بعض الأطراف، إلاّ ان هذا الأمر لم يحصل حتى الآن، ولايزال الهدوء يسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد.

ورحبت الكثير من الدول بهذه الهدنة وعدّتها إنجازاً مهماً من شأنه أن يمهد الأرضية لإستئناف مفاوضات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة من أجل التوصل إلى تسوية لإنهاء الأزمة المستمرة في هذا البلد منذ نحو خمس سنوات.

ويرى معظم المراقبين إن روسيا التي تدعم حكومة الرئيس السوري “بشار الأسد” سياسياً ودبلوماسياً، وشاركت بقوة في ضرب الجماعات المسلحة المعارضة لنظامه تمكنت من أن تقطف ثمار موقفها هذا رغم إعتقاد البعض بأنها خسرت فرصة ثمينة للقضاء على الجماعات الإرهابية في سوريا بموافقتها على وقف إطلاق النار في هذا البلد.

ويؤكد الكثير من الخبراء العسكريين والسياسيين بأن القيادة الروسية بزعامة الرئيس “فلاديمير بوتين” لقّنت الغرب درساً بليغاً في كيفية التصدي للإرهاب، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن أحد أهم الأسباب التي مكّنت روسيا من تحقيق هذا الإنجاز يكمن في نجاحها بإختيار حلفائها في المنطقة وفي مقدمتهم إيران وحزب الله وفصائل المقاومة الأخرى المدعومة من طهران التي تتمتع بقابليات عسكرية وسياسية متميزة وقدرة كبيرة على المناورة في أعقد وأحلك الظروف.

ورغم أن الهدنة في سوريا لا تسرى على تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” إلاّ أن روسيا وأمريكا إتفقتا على عدم وقف القتال ضد هذين التنظيمين، وضرب أي جماعة أخرى تخل بوقف إطلاق النار، ما يعني أن موسكو وواشنطن باتتا مقتنعتين بضرورة تثبيت الهدنة لتهيئة الظروف الملائمة لمواصلة محادثات التسوية التي أشار المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، “ستيفان دي ميستورا” إلى أنها ستنطلق في جنيف يوم 9 من الشهر الجاري.

ومن الأهداف الأخرى التي حققتها روسيا من خلال إقرار إتفاق الهدنة في سورية نجاحها بعزل تركيا التي سعت طيلة السنوات الخمس الماضية إلى إسقاط حكم الرئيس السوري بشار الأسد من خلال دعمها للجماعات الإرهابية. فقد هددت روسيا الجانب التركي بأنها ستقوم بإغلاق حدوده مع سوريا وذلك من خلال التعاون مع القوات الكردية في هذا البلد في حال لم تمتنع أنقرة عن التدخل في الشأن السوري وواصلت دعمها للمعارضة المسلحة هناك.

كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن نشر مزيد من الطائرات بلا طيار ومحطتي رادار في قاعدة حميميم بريف اللاذقية لمراقبة الوضع الميداني في سوريا بشكل تام. وأوضحت الوزارة إنها أرسلت مؤخراً 3 منظومات إستطلاع مطورة ومحطتي رادار مخصصتين لرصد عمليات قصف بالمدفعية ينفذها إرهابيون، ونشرت أيضاً طاقمين من وسائل الاستطلاع الميداني لتحديد مواقع مرابض الراجمات الصاروخية ومدافع الهاون التي تستخدم من قبل منتهكي الهدنة.

في هذه الأثناء عبّر الكثير من المراقبين عن إعتقادهم بأن الهدنة في سوريا ستعمق الخلافات بين الجماعات المسلحة المعارضة لحكومة “بشارالأسد”، وستمنح في نفس الوقت الفرصة للقوات السورية لإعادة تنظيم صفوفها، وهذا الأمر يمثل بحد ذاته نجاحاً آخر لدمشق وحلفائها، موسكو وطهران وحزب الله.

ومن أجل تثبيت الهدنة إقترح الرئيس السوري على المسلحين ممن يحملون الجنسية السورية عفواً والعودة إلى الحياة المدنية مقابل تخليهم عن سلاحهم، مشيراً إلى أن بعض الجماعات المسلحة خرقت إتفاق الهدنة منذ الساعات الأولى، إلاّ أن الجيش السوري إمتنع عن الرد لإعطاء فرصة للمحافظة على هذا الإتفاق.

من جانبه أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “بيتر كوك” أن مسؤولين من البنتاغون أجروا محادثات جديدة مع نظرائهم الروس في إطار مناقشات ترمي إلى تجنب وقوع حوادث عسكرية بين البلدين في سوريا.

وأضاف أن الجانبين ناقشا أيضاً الإجراءات الرامية إلى تعزيز سلامة العمليات العسكرية بين قوات التحالف الذي تقوده أمريكا وبين القوات الروسية تجنباً لصدام مقاتلات الطرفين أو حوادث غير مقصودة، ما يؤكد أن الإتفاق الأمريكي – الروسي المدعوم دولياً يشير إلى أن هناك مصلحة عامة في الحفاظ على إلتزام جميع الأطراف سواء داخل أو خارج سوريا بحماية إتفاق وقف إطلاق النار.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق