التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 6, 2024

ازدواجية معايير واشنطن تحول دون استتباب الامن والسلام في أفغانستان وباكستان 

الوقت ـ لايخفى على أحد أن واشنطن إتخذت سياسات مزدوجة تجاه أفغانستان وباكستان مما تدل على مخالفة المسؤولين الأمريكيين مع إستتباب الأمن والسلام في أفغانستان ومحاولتهم إفشال مفاوضات السلام؛ حيث لم تكن تريد أمريكا يوما ما إحلال السلام في هذا البلد ولايوجد بصيص أمل لتغيير هذه السياسة ومحاولات الأمريكية لإحباط مفاوضات السلام بأفغانستان خير دليل على ذلك.

تم إقامة اربعة لقاءات لحد الآن من جانب لجنة تنسيق الرباعية حول مفاوضات السلام في أفغانستان بمشاركة مسؤولي البارزين الأفغاني والباكستاني والصيني والأمريكي في محاولة لإستئناف المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وجماعة طالبان وقد أزاحت هذه اللجنة الستار في الإجتماع الثالث عن “خطة طريق” السلام بأفغانستان ودعت في الإجتماع الرابع طالبان للجلوس على طاولة المفاوضات المباشرة مع الحكومة الأفغانية.

ومن المتوقع أن تضع هذه المفاوضات نهاية لصراع طويل طال أكثر من ثلاثة عقود بين طالبان والحكومة الأفغانية وهذا ما أكد عليه مسؤولي الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية في الإجتماع الأخير.

وقد التقى رئيس الأركان المشتركة للجيش الباكستاني جنرال “راحيل شريف” مع المنسق الأمريكي الخاص بمقر الرئيسي للجيش الباكستاني في مدينة “راولبندي” بعد عقد الإجتماع الثالث للجنة تنسيق الرباعية حول أفغانستان يوم 6 فبراير العام الراهن بهدف التشاور حول أفغانستان والاوضاع الأمنية في المنطقة. وأكد المسؤولين الأمريكيين والباكستانيين في هذه اللقاء على حل القضايا الأمنية خاصة في أفغانستان.

وهاجمت مراسلة صحيفة “نيويور تايمز” الأمريكية “كارلوتا غال” في نفس اليوم باكستان واعلنتها المسؤول المباشر عن الواقع الميداني في أفغانستان فضلا عن مسؤوليتها إزاء حركات الجهادية في أنحاء العالم. وحاولت المراسلة الأمريكية في مقالها الذي يحمل عنوان “يد باكستان في صعود الجهاد العالمي” أن تقدم باكستان مسؤولا عن الفلتان الأمني في أرجاء العالم واتهمت استخبارات الجيش الباكستاني “آي إس آي” بالوقوف وراء أحداث العنف والتشدد في أنحاء العالم.

وأعلنت الصحفية البريطانية أن باكستان تقف وراء الأعمال الإرهابية والصراعات المحلية في أنحاء العالم مما جعل أفغانستان تشكك في سياساتها ولاتثق محاولاتها في إطار مسيرة السلام في داخلها. ومن جهة أخرى إتهمت غال جهاز المخابرات الباكستاني بخلق الفوضى في الصين وتشكيل تنظيم داعش الإرهابية.

لكن يجب دراسة أهداف التي دفعت هذه الصحيفة الأمريكية لنشر هذا المقال ضد باكستان بالتزامن مع الاجتماع الثالث للجنة تنسيق الرباعية حول أفغانستان في إسلام أباد.

ومن المثير للعجب أن المراسلين والاعلام الأمريكي لم يكونوا على علم بمساعدات بيت الأبيض لصالح الجماعات الجهادية في أفغانستان بهدف تحقيق مصالحها أمام روسيا. وتخصص واشنطن مليارات دلار لتحقيق هذه الأهداف ولم يكن “اسامة بن لادن” زعيم القاعدة إلا عنصرا أمريكيا يخدم مصالحها وكان له علاقات تجارية وشخصية مع الحكام الأمريكي.

وكان للبيت الأبيض دورا واضحا في الاشتباكات بين الحركات الجهادية بعد هزيمة روسيا في أفغانستان كما كان جماعة طالبان من صناعتها بذريعة إستتباب الأمن بهذا البلد وأرسل قوات حلف الأطلسي وحلفاءها الآخرين إلى أفغانستان بعد أحداث 11 من سبتمبر عام 2001 بينما لم يكن يحمل أي من منفذي هذه الهجوم الجنسية الأفغانية.

ولايختلف الامر حول العراق وليبيا حيث هاجمها القوات الأمريكية دون مبرر مشروع واعترف رئيس وزراء البريطاني السابق “توني بلير” قبل مدة في حوار مع القنوات الرسمية لهذا البلد أن التقارير المرتبطة بوجود السلاح الذري في عراق كانت بعيدة عن الحقيقة ولم يكن ظهور داعش إلا نتيجة لنفس الهجوم الخاطئ ضد عراق.

كما أقرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة “هيلاري كلينتون” عدة مرات في تصريحاتها لوسائل الإعلام أن الوضع المأساوي والخطرة لأفغانستان لم يكن إلا نتيجة السياسات الخاطئة للبيت الأبيض.

وتعمل حاليا الاعلام الأمريكي على تشويه سمعة باكستان وبث الاشاعات والصاق التهم عليه بهدف عرقلة مسير السلام في أفغانستان ولايخفى على أحد أن واشنطن هي داعمة رئيسية للإرهاب في المنطقة وأشار مسؤولين باكستانيين في مواضيع مختلفة أن هذا البلد تعتبر الضحية الكبيرة للإرهاب؛ حيث قتل أكثر من 60 ألف باكستاني نتيجة الأحداث الإرهابية.

وبينما تؤكد واشنطن على مفاوضات السلام في أفغانستان، تقوم من جهة أخرى بإجراءات تزرع بذور الفتنة والأنشقاق بين الحكومة وطالبان وهجوم طائرات بدون طيار الأمريكية ضد أهداف جماعة “حقاني” طيلة الأيام الاخيرة وبالتزامن مع مواصلة مفاوضات السلام في أفغانستان شاهد حي لازدواجية معايير بيت الأبيض تجاه بلدان المنطقة بما أن هذا الهجوم وضعت علامة سؤال كبيرة أمام مشاركة هذه الجماعة في المفاوضات التي من المقرر أن تجري في الشهر المقبل.

ويرى الخبراء والمراقبين أنه يجب على الأمريكا أن تقبل مطالب طالبان حول إنسحاب قواتها من أفغانستان لاثبات جديتها في استتباب الأمن والسلام فيها ولاقناع الجماعة للمشاركة في مفاوضات السلام مع الحكومة الافغانية، لكن من البديهي أن واشنطن لاتريد احلال السلام في باكستان وافغانستان والبلدان الأخرى في المنطقة بسبب مصالحها الخاصة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق