التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 5, 2024

هستيريا الخوف السعودي ؛ الجذور والتداعيات 

أصيبت السعودية بهستيريا الخوف وعجز الخبراء والمحللون عن كشف جذور وأسباب ذلك؛ حيث تهاجم كل من تراه حولها بسبب الخوف الوهمي. ودفع هذا السلوك الجنوني السعودية للقيام بإجراءات غير مدروسة كالإعتداء على اليمن والإعدام الجماعي للمعارضة وعلى رأسها الشيخ نمر باقر النمر العالم الديني الشيعي وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بذريعة الهجوم على السفارة وقنصليتها بطهران ومشهد المقدسة وليس هذه النظرة والتصرف العدواني ضد الجيران خارجا عن إطار السياسة الخارجية وإستراتيجية السعودية تجاه الآخرين ومخططاتها المستقبلية.

ويجمع الخبراء على أن السياسة الخارجية للسعودية والتي تشكل النفط والعائلة الملكية والعقيدة الوهابية أضلاعها الثلاثة تشهد تطورا تاريخيا لم يسبق لها مثيل، لكن يصعب فهم حوافزها والتمييز بين الإجراءات التي ترجع إلى المخاوف فضلا عن التصرفات المنبثقة عن السياسات الداخلية. في الواقع، تعتبر سيطرة السعودية على أكبر إحتياطي النفط في العالم أهم عامل لقوتها، لكنها تشكل في نفس الوقت خاصرتها الضعيفة إذ بإمكانها أن تستخدم صدارتها في قائمة الدول المصدرة للنفط أداة لتحكمها بين هذه الدول ومعيارا لمعاقبة أو مكافأة بعض البلدان وتجعل دخلها النفطي الذي يقدر 1.5 تريليون دولارا مصدرا لتمويل حلفاءها الضعفاء، تحول التذبذب في أسعارها وإنخفاضها من 110 دولار عام 2014 إلى أقل من 30 دولار في الظروف الراهنة عاملا لإضعافها وقنبلة موقوتة لبلد تعتمد ميزانيتها على النفط حتى 90 في المئة؛ حيث شهدت السعودية في العام الماضي عجزا يساوي 15 في المئة من إجمالي إنتاجها وتراجع إحتياطيها المالي من 650 ميليار دولار إلى 100 مليار دولارا.

أما المشكلة الثانية في مجال الحقول النفطية فترجع إلى تواجد المصادر النفطية والبنى التحتية في المنطقة الشرقية التي يقطنها الشيعة ويصل عددهم إلى 15 في المئة من إجمالي سكان السعودية وهذا يعتبر بالنسبة لها لغزا يصعب حلها بسبب الموقع الجغرافي لهذه المنطقة التي تقع على محاذاة 6 بلدان تضم أكثر عدد من الشيعة (العراق 57%)، الكويت (36%)، البحرين (70%)، القطر (14%)، الإمارات (15%) واليمن (44%) ) وتنظر السعودية إلى هذا الواقع تهديدا لمحافظتها الشرقية بسبب خوفها من إنتفاضة الشيعة أو إنفلات الأمور من يدها بهذه المحافظة والذي بإمكانها أن يصبح مقدمة لإنهيار نظام الحكم وإقتصادها الذي يعتمد على النفط فضلا عن مواجهتها لتهديد عسكري حال سيطرة البلد الأجنبي على البحرين ولاشك أن الحل يكمن في إحقاق حقوق المواطنين وخاصة الشيعة.

على صعيد آخر، تشكل العقيدة الوهابية الحجر الأساس لحكومة السعودية ويسود الفكر الوهابي أجواء المجتمع السعودي؛ حيث يطالب أكثر مواطنيها بإقصاء الشيعة وأتباع الأديان الأخرى والجمع بين هذه العقيدة والعامل النفطي يعطي الحكومة السعودية القدرة على جلب الشباب المنتمين للإسلام السني وتربيتهم حسب التعاليم الوهابية وتوجد صلة قوية بين تخويف الشباب السني المتدينين من الشيعة وإيران وإنتماءهم الأكثر نحو الوهابية.

ويعتبر البعض أن كلمة السر في إستمرار حكم العائلة الملكية في السعودية تكمن في تنفيذها للتعاليم الوهابية والحفاظ على التوازن بين النفط والعقيدة الوهابية والمؤسسات الحاكمة عبر إستخدام الأموال النفطية كأداة لتأجيج الصراع مع الشيعة وأتباع الأديان الأخرى، لكنها تخاف تداعيات قراراتها ضمن معادلة الربح والخسران خاصة بعدما وصف “أبو بكر البغدادي” حكام السعودية بـ”القادة المستبدة والمرتدة” مطالباً السعوديين بالإنتهاض ضدها.

وقد أحدثت زيادة قوة إيران بعد إطاحة صدام عام 2003 وأخذ الشيعة بمقاليد الحكم في العراق زلزالا قويا هزّ أركان السعودية بسبب مجاورة شيعة العراق بمناطقها الشرقية حيث توجد حقول النفط السعودية فضلا عن خطر إنتفاضة الشيعة في الخارج وانعكاساتها على الشيعة داخلها كما تشكل الثورات العربية وسقوط أنظمة الحكم في تونس ومصر والخوف من وصول عاصفة الربيع العربي إلى السعودية والدول المحاذية لها، هاجسا آخر يقض مضاجع آل سعود خاصة في ظل الخوف من إمكانية تراجع مكانة السعودية لدى الأمريكان. ويرى هذا البلد أن الحليف الأمريكي الذي تخلى عن الرئيس المصري حسني مبارك، لايمكن أن يلتزم بدعم العائلة الملكية السعودية كما ينبغي الإشارة إلى أن الإتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية وعلى رأسها أمريكا يعتبر من وجهة نظر السعودية دليلا على تغيير التوازن لصالح إيران.

وفي نهاية المطاف يجب القول إن الحل الأمثل للوقوف أمام المجازفات السعودية يتمثل في حيلولة إيران دون الإستقطاب والتحالفات الإقليمية على أساس الميول الطائفية والمذهبية عبر محاولتها للوصول إلى الأواصر المشتركة بينها والدول السنية غير العربية منها تركيا وباكستان ودول آسيا الوسطى والخطوة الثانية تتمثل في وقوف إيران أمام التحالف القوي بين السعودية والكيان الإسرائيلي وتركيا والعمل على دفع البيت الأبيض نحو المراجعة في التحالفات والعلاقات بينها والسعودية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق