التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 4, 2024

وجه تركيا الحقيقي: العالم الإسلامي أم الكيان الإسرائيلي؟ 

لم يكن كشف نائب المدير العام لوزارة خارجية الکيان الاسرائيلي آفيف شيرؤون النقاب عن اتفاق إسرائيلي- تركي على رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين أمراً غريباً على كلّ متتبع لعلاقات “ماوراء الإعلام” التركية الإسرائيلية.

فمع رفع التمثيل الدبلوماسي من مستوى سكرتير ثان، منذ احداث مرمرة قبل خمسة اعوام ونصف العام، إلى مستوى القائم بالاعمال، ستدخل تركيا في مرحلة جديدة من العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، مرحلة تميط اللثام عن موقف أردوغان الحقيقي تجاه تل أبيب الذي كان لسنوات خلت موضع تساؤل للعديد من أبناء الشعوب العربية والإسلامية.

بديلاً لروسيا
لايمكن فصل هذا الإنعطاف التركي عن واقع العلاقة المتأزمة مع روسيا بعد حادثة إسقاط الطائرة، بل يمكننا القول إننا نشهد واقعاً مشابها لما حدث في سفينة مرمرة عام 2010 عندما إعتدت القوّة البحريّة الإسرائيلية على سفينة مرمرة التركية. عندها رفض الكيان الإسرائيلي تقديم الإعتذار في الفترة الاولى، وشهدت العلاقات توتّراً حقيقياً بين البلدين، إلا أن هذا التوتّر لم يدم طويلاً بعد أن قدّمت تل أبيب إعتذارها لأنقرة بعد فترة، وهذا ما هو متوقع اليوم من الرئيس أردوغان مع سيّد الكرملين اذا ما أراد الحفاظ على علاقات بلاده مع الدب الروسي.

وكما ساهمت حادثة مرمرة في دخول تركيا إلى الأسواق العربية، بعد التقارب السياسي الذي نتج عنه حضور الرئيس أردوغان في القمّة العربية مطلع العام 2010، اليوم ستحاول تركيا بعد رفع تمثيلها الدبلوماسي وتحسين علاقتها السياسية مع تل أبيب أن تعزّز التعاون الإقتصادي والتبادل التجاري الذي لم يتوقّف في يوم من الأيام، بل شهد وتيرة تصاعدية بدأت بـ3.5 مليار دولار في العام 2010 وناهزت الـ5.7 في العام 2014.

إن ذريعة “التمثيل الدبلوماسي” تهدف بشكل رئيسي للإلتفاف على العقوبات الإقتصادية التي فرضها الكرملين، ولازال بعضها في جعبته، على الإقتصاد التركي، لاسيّما في ملف الطاقة حيث أعلنت موسكو وقف مشروع “السيل التركي”، مما دفع بأنقرة للجوء إلى الكيان الإسرائيلي بعد قطر، إذ ذكرت “القناة الإسرائيلية الأولى” أن “تركيا معنية باستيراد غاز من “إسرائيل” كي لا تكون مرتبطة بروسيا”. وأضافت القناة أن “عدّة شركات تركية طلبت من”إسرائيل” شراء الغاز “الإسرائيلي” بعد الأزمة مع روسيا”.

بإختصار، تركيا التي ستخسر وارداتها من الغاز الروسي، وكذلك مشروع “السيل التركي” الذي يهدف لتحويلها مركزاً لتصدير الطاقة إلى أوروبا، وجدت ضالّتها في الكيان الإسرائيلي الذي سيغطّي جزءاً كبيراً من إحتياجات الطاقة التركيّة، وسيجعل من الأراضي التركيّة مركزاً لتصدير الطاقة الإسرائيليّة إلى أوروبا.

العالم الإسلامي
ولكن عند الدخول في الآثار المترتّبة على هذا الواقع الجديد، لا بد من الإجابة على جملة من الأسئلة أبرزها يتعلّق بإدعاء تركيا لزعامة العالم الإسلامي، فكيف يتزعّم هذا العالم من تربطه علاقات إستراتيجية مع أكثر الكيانات عدوانيةً على الشعب الفلسطيني وقبلة المسلمين الأولى؟ كيف سيجيب أردوغان الذي ركن إليه العديد ممن يريدون مواجهة الكيان الإسرائيلي على أسئلتهم؟ وماذا عن حركة حماس التي إلتجأت إلى تركيا، بإعتبارها سنداً للمقاومة؟

إن مطالعة حديث شيرؤون، تؤكد زيف الإدعاءات التركية وإعتماد السياسة الأردوغانية على إستراتيجيّة “الإستغلال الإعلامي”، فكيف يكون رفع التمثيل الدبلوماسي “مبنياً على رغبة قوية لدى شرائح مختلفة من الشعب التركي” وفق شيرؤون، ألم يكن الشعب التركي في نظر قيادته عدوّاً لدوداً للكيان الإسرائيلي قبل إسقاط طائرة الـ”سو24″ الروسية؟ ألا تعيد هذه التصريحات إلى الأذهان تصريحات أردوغان النارية حول وقوفه إلى جانب الشعب السوري؟ هل في الحقيقة، وقف أردوغان إلى جانب الشعب السوري أم أراد تحقيق مصالحه على حساب البعض من أبناء سوريا؟ لماذا يقف أردوغان اليوم إلى جانب الكيان الإسرائيلي الذي إعتدى ولازال يعتدي على الشعب السوري ويحتلّ أراضيه؟ أم أن هؤلاء الذين لا يسبّحون بحمد “العثمانيين الجدد” ويقفون إلى جانب الرئيس والحكومة لا يعدّون من الشعب السوري؟

لسنا في وارد الحصول على إجابة لكافّة هذه الأسئلة، لأنها أوضح من الشمس في كبد السماء، فمن يريد زعامة العالم الإسلامي لا بد له من الدفاع عن قضايا المسلمين وحمايتهم، ولكن هذه الأسئلة موجّهة للعديد من أبناء الشعب العربي الذين وجدوا في الرئيس التركي، حتى الأمس القريب، بطلاً عربياً إسلاميّاً، رغم أنهم لو دقّقوا ملياً في مواقف الرئيس التركي منذ اليوم الأول وحتى يومنا هذا لوجدوا دلالات كثيرة تؤكد رغبته ببناء سلطنة عثمانية جديدة قوامها الإقتصاد والسياسة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق