التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 4, 2024

فشل الغرب في تسوية الأزمة السورية.. إخفاق استراتيجي أم تكتيك لتحقيق مصالح آنيّة؟! 

بعد مرور أكثر من سنة على تشكيل ما يسمى “التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب” الذي تقوده أمريكا وفشله الذريع في تحقيق هذه المهمة لأسباب عدّة سنتطرق إلى بعضها لاحقاً، اضطرت دول وأطراف أخرى في مقدمتها روسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله لبنان للتنسيق فيما بينها للاضطلاع بهذه المهمة في إطار تحالف جديد بات يعرف بتحالف (4+1).

وللتغطية على فشلها قامت أمريكا والدول الغربية الحليفة لها لاسيما بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاقليمية الموالية لها خصوصاً السعودية وقطر وتركيا والأردن بشن حملة اعلامية مكثفة للتشكيك بأهداف تحالف (4+1) وإثارة قضية احتمال تضرر المدنيين في الضربات الجوية التي تشنها روسيا هذه الأيام ضد مواقع ومقرات الجماعات الإرهابية في سوريا، وتحولت واشنطن بين ليلة وضحايا إلى لعب دور المدافع الأول عن حقوق الانسان وكأن قواتها ليست هي التي قتلت ما لا يحصى من المدنيين في العراق وأفغانستان ودول كثيرة في المنطقة والعالم طيلة العقود الماضية.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: هل الغرب حريص وصادق وجاد فعلاً في محاربة الإرهاب أم أنه يسعى لتحقيق أهداف لاعلاقة لها أصلاً بهذا الموضوع، وما يطرحه إعلامه بهذا الخصوص لايتعدى كونه ذرائع تهدف إلى خداع الرأي العام العالمي من جهة والحيلولة دون نجاح تحالف (4+1) في القضاء على الإرهاب أو تحجيمه من جهة أخرى؟!

للاجابة عن هذا التساؤل لابد من التذكير بما يلي:
1 – يعلم الجميع من خلال الوثائق والأدلة الدامغة أن الكثير من الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم “داعش” و”جبهة النصرة” و”القاعدة” وما يسمى “الجيش الحر” في سوريا تتلقى الدعم اللامحدود من السعودية وقطر وتركيا والأردن وهي دول حليفة لواشنطن والعواصم الغربية الموالية لها، ومن هنا يمكن الاستنتاج بسهولة أن المعسكر الغربي غير جاد؛ بل غير صادق في محاربة الإرهاب.
2 – لو كانت أمريكا والدول الغربية الحليفة لها صادقة حقاً في الدفاع عن المدنيين العُزّل لما سكتت أبداً عن قتل وإصابة وتشريد الآلاف من المدنيين جراء العدوان السعودي المتواصل منذ نحو سبعة أشهر على اليمن. وليت الأمر وقف عند هذا الحد؛ بل تؤكد جميع المعطيات المتوفرة ان هذا العدوان ما كان ليحصل ويستمر لولا الدعم اللامحدود من قبل الغرب والأنظمة الموالية له في المنطقة.
3 – تشير جميع التقارير الميدانية الواردة من سوريا إلى أن الضربات الجوية الروسية والهجمات البرية التي تشنها القوات السورية بدعم استشاري من إيران ومشاركة مقاتلي حزب الله ضد الجماعات الإرهابية قد ألحقت خسائر جسيمة بهذه الجماعات، وهذا الأمر قد أثار قلق الغرب الذي فشل حتى الآن في إقناع العالم بأنه جاد وصادق في محاربة الإرهاب، ولهذا عمد إلى إثارة الشكوك وخلط الأوراق لتشويه الحقائق فيما يتعلق بأهداف تحالف (4+1).
4 – يدرك الغرب تماماً أن القضاء على الجماعات الإرهابية أو إضعافها على يد تحالف روسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله سيؤدي إلى بقاء حكم الرئيس السوري بشار الأسد الذي سعت واشنطن وحلفاؤها الغربيون والاقليميون إلى الاطاحة به من خلال دعمهم اللامحدود لتلك الجماعات، وهذا يمثل بحد ذاته فشلاً استراتيجياً للغرب في كيفية التعاطي مع الأزمات في المنطقة ومن بينها الأزمة السورية.
5 – بات الغرب في حيرة من أمره في كيفية مواجهة المشاركة العسكرية الروسية الواسعة إلى جانب القوات السورية لمساعدتها في مواجهة الإرهاب؛ إذ ان الدول الغربية غير مستعدة على الاطلاق للدخول في مواجهة عسكرية شرسة ضد روسيا من أجل دول إقليمية كتركيا لأنها تعلم أن هذه المواجهة ستكون مكلفة جداً، ولهذا لم يبق أمامها سوى إثارة الغبار واستخدام الماكنة الاعلامية لتشويه صورة تحالف روسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله أمام الرأي العام العالمي للتعويض عن الهزيمة المرّة التي لحقت بالغرب نتيجة سياساته اللامسؤولة تجاه دول وشعوب المنطقة وسعيها فقط لتحقيق مطامعها اللامشروعة على حساب هذه الدول.

بقي أن نشير هنا إلى أن روسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله كانوا يدركون منذ البداية عدم جدوى التحالف الدولي الذي تتزعمه واشنطن لمحاربة الإرهاب في عموم المنطقة لكنهم كانوا يسعون بكل جهدهم إلى إقناع الغرب بضرورة التعاون الجاد والصادق معهم في هذا المجال وتسوية الأزمات الاقليمية بالطرق السلمية من خلال تجفيف منابع الإرهاب واحترام سيادة واستقلال ووحدة أراضي الدول التي تتعرض للإرهاب وفي مقدمتها العراق وسوريا.

من هنا يجب القول أن فشل الغرب في تسوية الأزمة السورية يمثل إخفاقاً استراتيجياً ستنعكس أثاره السلبية على نفس الدول الغربية على المديين القريب والبعيد لأن شعوب المنطقة لم تعد تثق أبداً بوعود هذه الدول خصوصاً بعد الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي لحقت بهذه الشعوب جراء سياسات واشنطن في إطار مشروعها المسمى “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الذي تسبب بحرائق هائلة في المنطقة دفعت دولها ولازالت تدفع جراءها أثماناً باهظة من دماء أبنائها وأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها واستقلالها وسيادتها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق