التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

عهد التميمي… مقاومة بنكهة الطفولة 

طفلةٌ فلسطينية في أوائل العقد الثاني من عمرها، رغم أنوثتها إلا أن جائزة “حنظلة للشجاعة” كانت من نصيبها، ورغم صغرها إلا أن قصتها ملأت وسائل الإعلام، هذه الطفلة ليست كسائر أطفال العالم، فهي ستكبر يوماً لتكون أُمّاً فلسطينية، أُمّاً مقاومة كما كانت طفلةً شجاعة مقاومة، لا نتحدث عن أسطورة أو قصة من خيال، إنما نتحدث عن الفتاة الفلسطينية “عهد التميمي”.       

 

“عهد التميمي” طفلة فلسطينية باتت مثالاً للشجاعة والمقاومة، فقد شاركت في مظاهرات اندلعت في قرية النبي صالح في رام الله بالضفة الغربية، إذ قام أهالي القرية بالاعتراض على مصادرة الكيان الإسرائيلي للأراضي، وخلال المظاهرات قام جندي إسرائيلي باعتقال الطفل الفلسطيني “محمد باسم التميمي” البالغ من العمر ١٢ عاماً، زاعماً أن الطفل كان يلقي الحجارة على الجنود، وقام الجندي بوضع الطفل فوق الصخور ليضغط عليه بشدة، وبعد لحظات جاءت الطفلة “عهد” شقيقة الطفل والبالغة من العمر ١٣ عاماً وقامت بمهاجمة الجندي الإسرائيلي، لتأتي والدته وخالته في وقت لاحق للمشارکة في تحرير الطفل. 

 

صور مقاومة الطفلة وأمها وخالتها للجندي الإسرائيلي ملأت المحطات الإخبارية ووسائل الإعلام، فرغم قوة الجندي والسلاح المدجج به لم يستطع الصمود في وجه الطفلة وذويها واضطر إلى الإنسحاب تاركاً الطفل في حال سبيله، مشاهد المقاومة والشجاعة التي أبدتها الطفلة كانت مضرب المثل، وقد دُعيت عهد إلى مدينة “إسطنبول” لتكريمها على شجاعتها في التصدي للكيان الإسرائيلي، وقدّمت لها بلدية “باشاك شهير” جائزة “حنظلة للشجاعة”، والجدير بالذكر أنه في عام ٢٠١٢ انتشرت أيضاً صور للطفلة مع أمها “ناريمان التميمي” وهما تواجهان الجنود الإسرائيليين. 

 

وتعليقاً على الموضوع اعتبر “ناجي التميمي”، منسق حركة المقاومة الشعبية الفلسطينية في قرية النبي صالح وعم الطفلة “عهد”، أن الظروف التي تمر على القرية صقلت من شخصيات الأطفال ونفسياتهم التي كسرت الخوف الذي طالما سعى الکيان الإسرائيلي إلى زرعه في الأهالي، وأشار التميمي إلى أن “الظروف التي عاشتها عهد كونت تلك الشخصية القوية التي تتمتع بها، فعهد شاهدت والدها وهو يتعرض للضرب والعنف أمام عينيها كما تم اعتقاله أمام عينيها، وهي من أسرة تتعرض لعمليات اعتقال وتفتيش واقتحامات مستمرة من قبل الاحتلال، فوالدها باسم قد تعرض للاعتقال مرات عديدة وهو معتقل حالياً بسجن عوفر لمشاركته في مظاهرة أمام متجر “رامي ليفي” اليهودي”. 

 

وتعتبر أسرة “عهد” من العائلات الفلسطينية المقاومة، فالأب “باسم التميمي” تعرض للاعتقال ٩ مرات، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة اُعتُقل مرتين، مرة حُكم عليه بمدة ١٣ شهراً، والمرة الثانية أُعتُقل ٤ أشهر بسبب مشاركته بمظاهرة احتجاجية رفضاً للتعامل الاقتصادي مع الکيان الإسرائيلي، أما حال الأم والأبناء فهم يشاركون بشكلٍ دائم في التظاهرات الأسبوعية التي تقام في القرية ضد مصادرة الأراضي وتنديداً بالهجمات المتكررة التي يشنها الجنود الإسرائيليون على القرية. 

 

الصمود والمقاومة اللذان ظهرا في الطفلة “عهد” يصفان حال المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، فرغم انعدام السلاح، لا تزال المقاومة تتأجج في قلوب الصغار والكبار، ورغم الصمت العربي، لا تزال صرخات “عهد” تحمي الأرض والعرض والنفس، وما فعلته الطفلة يمثل عهداً جديداً قطعه أطفال فلسطين بالاستمرار على خط المقاومة، وشجاعة “عهد” تؤكد أن أطفال الضفة الغربية يترعرعون على فكر المقاومة وثقافتها، كما أن سلوك الجنود الإسرائيليين تجاه “عهد وأخيها” والذي وُثِّق بالصور ومقاطع الفيديو يشير إلى قساوة وانعدام الإنسانية عند الجنود الإسرائيليين، وهذا ما سيزيد المقاومة اشتعالاً وتأججاً. 

 

ما فعلته “عهد” ليس جديداً في عهد المقاومة الفلسطينية، والتاريخ الفلسطيني مليءٌ بإخوةِ عهدٍ وأخواتها في درب النضال، كما أن عائلة “التميمي” ليست العائلة المقاومة الوحيدة، وليست قرية “النبي صالح” هي القرية الوحيدة في درب النضال، وليست الضفة الغربية هي من منبع المقاومة فقط، فكل بقعةٍ من فلسطين تعج بالأطفال والعائلات المقاومة، كما يقول الشاعر “نزار القباني” واصفاً المرأة الفلسطينية المقاومة “كل ليمونةٍ ستنجب طفلاً… ومحالٌ أن ينتهي الليمون”.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق