التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

هل الاردن الهدف الجديد لداعش؟ 

دون شك أن المرحلة الجديدة من عمليات الجيش السوري والعراقي بمساندة القوى الشعبية فرضت واقعا جديدا على مسارح المواجهات، إذ تمكنت تلك الجيوش من بلوغ الانسجام النسبي بعد مراحل من التضعضع والتباين في العمليات، وقامت بتوجيه ضربات قاصمة لهيكلية تنظيم داعش، على نحو هزّت مكانة التنظيم المسلح في سوريا والعراق، وأحبطت معنويات اعضائه. 

 

 فداعش الذي تلاعب بخرائط الشرق الاوسط، وضع سيادة البلدان التي خسرت اراضيها لصالحه على المحك، وقوّض من نفوذها على رقعة الجغرافيا، صار يدرك الكلفة الباهضة المترتبة من التلاعب بالجغرافيا “الشيعية” بجانب استلزام امتلاك القدرة الكافية لتحقيق ذلك. فامراء داعش بمختلف مناطق سوريا والعراق اقتنعوا بحاجتهم القصوى للخروج من هذا التقهقر ورفع معنويات مقاتليهم عبر ايجاد مناخ جديد يعيد للتنظيم بريقه. 

 

 ففتح جبهة جديدة يفرض واقعا سياسيا حديثا ويحفز دافعية انصاره بجانب انه يسرع وتيرة تجنيد الاعضاء الجدد. ولكن ماهي الوجهة المثلي لفتح مثل تلك الجبهة ونقل المعارك والسيطرة اليها؟ وبافتراض أن جميع دول الشرق الاوسط سيما الضعيفة منها ليست بمنأى عن خطرداعش، فان الاردن قد يكون الوجهة الجديدة لهجومه الخاطف المعهود ولكن لماذا الاردن؟ غالبية قادة داعش طرحوا عدة نقاط تبرر استهداف الاردن لختصها اجهزة المخابرات الاقليمية على النحوالتالي:

 

١-  تعاطف اغلبية الشباب الاردني مع داعش، تخلق حاضنة مواتية له في هذا البلد، حيث أن تعاظم منسوب تذمر الطبقة الشبابية من سلوكيات القيادة السياسية تشكل حافزا لنشاط التنظيم بين هذه الشريحة.

٢- الازمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وحجم ديون البلاد، فضلا عن إتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء والاوضاع الداخلية، دفعت الى حد ما الرأي العام الاردني للتعاطف مع داعش ومهدت لان يجد له حاضنة.

٣- سهولة امكانية فتح التنظيم عدّة جبهات مع الاردن وهي تعتبر ميزة لداعش مقارنة بباقي الدول المستهدفة.

٤- ثمة دوافع كافية لعناصر التنظيم لمقاتلة الحكومة الاردنية والثأر منها، حيث انها قتلت اكثرمن سبعة الاف مقاتل منه عبر الغارات الجوية التي أثرت على قدرات داعش ايضا، فيما لم يتورع التنظيم عن توعد الاردن بتحويله الى ركام عبرالافلام المسجلة التي يبثها والتي أظهرت ايضا رفع رايته السوداء بمحافظة معان كبرى محافظات البلاد. وتتحدث مصادر استخباراتية عن أن ابوبكر البغدادي قائد التنظيم المتشدد اوعز لانصاره بالاعداد الى هجوم واسع على الاردن والاطاحة بالملك عبدالله الثاني، ومن غير المستبعد حدوث ذلك على المدى القريب.

٥- طبيعة وجغرافيا الاردن التي تشكل الصحاري والأودية معظمهما، تعتبر ميزة لداعش لكونها تتيح له التمدد السريع في البلاد.

٦- يأتي الاردن في المرتبة الثانية بحسب الاحصائيات، من حيث التحاق مواطنيه بداعش، وهذا بحد ذاته يمثل نقطة ضعف للمملكة امام التنظيم. فتوظيف داعش لهذه الورقة بامكانه توجيه ضربة قاضية  للاردن من الداخل والتهيئة للهجوم من الخارج.

٧- الحرب في العراق وسوريا باتت تستنزف داعش وقلصت من عملانيته وصار يدرك صعوبة النصر على البلدين. فاحدى العوامل الاساسية في انتصارات داعش، امتلاكه عنصر المفاجأة، ومع دخول الحرب مرحلة الاستنزاف، بجانب خبرة القوات السورية والعراقية تحول عنصرالمفاجأة الى معضلة للتنظيم بالتالي فان تحقيق الانتصارات اضحى يتسم بالصعوبة.

٨- الاردن من الدول العشر التي اعلنت استعدادها الانخراط في الحرب على التنظيم، حيث أن هذا الامر أثار حفظية المتعاطفين مع داعش في الداخل.

٩- شهدت السنوات الماضية، تناميا ملحوظا للتيارات المتشددة في محافظة معان جنوبي المملكة، ووصلت الى حد رُفعت راية التنظيم السوداء في مظاهرات العام الماضي، التي اطلق المشاركون فيها شعارات تنادي بالغاء حدود سايكس بيكو، مؤيدين بذلك داعش فكرا وممارسة.

١٠- الاطاحة بنظام عبدالله الثاني تحول الى مطلب وهدف بحد ذاته للتنظيم المتطرف.

١١- القوات النظامية السورية والعراقية باتت تفصلها مسافة عن حدودهما مع الاردن، والظروف أضحت اكثر تمهيدا لشن الهجوم.

١٢- سرقة واحراق سيارة تابعة لجهازالمخابرات الاردنية بمحافظة معان، نموذج عملي لنفوذ داعش في المملكة.

١٣- توقيف ٦٠٠ شخص من  مؤيدي التيارات السلفية ومحاكمة ١٥٠منهم، يظهر نموذجا اخر لنفوذ التيارات المتطرفة في البلاد.

١٤ – النقطة الاساسية تكمن في أن تمدد حدود داعش الى تخوم  اسرائيل يضمن أمن ” الدولة الاسلامية”، فمجاورة التنظيم للحدود الاسرائيلية يتيح له استهداف المصالح الغربية بما فيها اسرائيل ذاتها اذا ما تعرض لهجوم من الدول الغربية، ليحقق بذلك قوة ردع امام الغارات الجوية الغربية.

١٥- اصطدم داعش في سوريا والعراق بحاجز” القوى الشعبية” و يتعرض لضغوطات قوية في الجبهتين الشيعية والكردية، ونظرا لأن الاردن أقل من العراق وسوريا من حيث النسبة السكانية، فذلك يتيح لداعش المناورة فضلا عن أن مقاومة القوى الشعبية ستكون اقل زخما فيه.

١٦- داعش استهدف الاردن عقائديا وايديولوجيا وصار له مناصريه شرقي المملكة وأن هذا السيناريو يسهل عملية الهجوم المحتمل.

١٧- سيطرة داعش على الانبار في العراق وتدمر في سوريا، وفرت الظروف الملائمة للهجوم على الاردن.

١٨- ثمة دافع قوى لاجتياح داعش محافظة معان، لامتلاكها قابلية تجنيد التيارات السلفية فيها، وهذا ورد في تأكيدات للمجموعات “الجهادية” التي عبرت عن تلك المنطقة بانها معقل لاستقطاب التيارات السلفية.

١٩- استيلاء داعش على معدات للجيش العراقي ومنها ٦ دبابات و١٠٠ عربة مدرعة في الرمادي، بجانب تلقيه اسلحة من تركيا في اعقاب انسحاب الجيش السوري من تدمر، أهل التنظيم لخوض الحرب مع المملكة الهاشمية.

وعلى ضوء ما ذكر، فان المعطيات الناجمة عن ضغوطات قوى المقاومة الشعبية في سوريا والعراق، تدفع  داعش نحو البحث عن عمق استراتيجي جديد في المنطقة والتمدد بعد الانتكاسات، حيث تعتبر الاردن الخيار الامثل، ومع هجوم مباغت لداعش قد يواجه ترحيبا نسبيا لشريحة من النسيج المجتمعي للبلاد. لذا فان تجربة التنظيم المتطرف في احتلال الموصل من جهة، والضعف السكاني والعسكري والامني للاردن من جهة أخرى، بجانب الضربات التي توجهها المقاومة الشعبية في العراق وسوريا، قد تشجع داعش لفتح الجبهة الجديدة مع الاردن، التي ستحمل بطياتها  الحافز المطلوب لانصارهواعضائه،للتمددمن‏‏‏ جديد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق