التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

دوابشة يحترق مرّتين.. وكذلك الکيان الإسرائيلي 

بدا جلياً للجميع حجم الحقد الإسرائيلي سواءً من الجيش أو المستوطنين تجاه الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه حيث لم تستثن آلة القتل الإسرائيلية بلباسها المدني هذه المرة الطفل الرضيع علي دوابشة من مدينة نابلس الفلسطينية، إلا أنه وفي سياق متابعتي لتداعيات هذا الحادث الإجرامي توقفت بالأمس عند خبرين جديدين الأول يتمثل بالزيارة التي قام بها وفد إسرائيلي مؤلف من ١٠٠ شخص إلى قرية الشهيد دوابشة، وأما الثاني فهو إحراق العلم الإسرائيلي أمام نقابة الصحفيين وسط العاصمة المصرية القاهرة.

 

الدوابشة يحترق مرّة ثانية

في محاولة بائسة لإمتصاص الغضب العالمي بعد الجريمة البشعة التي إرتكبها مستوطنون صهاينة بحق الطفل الفلسطيني علي دوابشة، طالعتنا بالأمس الزيارة التي نظمتها جمعية إسرائيلية تدعى “تاغ مئير” (علامة منورة)، إلى قرية دوما الفلسطينية لإجراء زيارة عزاء لعائلة دوابشة الذي قضى بسبب التطرف المستشري داخل الكيان الإسرائيلي . الخطوة الإسرائيلية الأخيرة جاءت لتنفض غبار الإرهاب عن هذا الكيان حيث ترى السلطات الإسرائيلية أن أي عمل إرهابي في هذه الظروف الإقليمية والدولية لا يصب في صالح تل أبيب.

الزيارة التي يصح تسميتها بزيارة “رجل الإطفاء” حاولت إطفاء الغضب الفلسطيني والعالمي وإعطاء صبغة إنسانية وسلمية عن المجتمع الإسرائيلي بعد توالي ردود الفعل الدولية ومطالبة مجلس الأمن بمحاسبة المجرمين، كما أنها تأتي بعد الزيارة التي قام بها رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عائلة الشهيد، وكذلك إدانة رئيس هذا الکيان رؤوفين ريفلين للحادثة الإجرامية، الذي إعترف بتساهل بلاده مع ظاهرة الإرهاب عندما كتب على صفحته على موقع فيسبوك باللغتين العربية والعبرية، الجمعة الماضية: “يفوق شعوري بالألم شعوري بالخجل، ألم على قتل رضيع صغير، ألم على أن أبناء شعبي قد اختاروا طريق الإرهاب وفقدوا إنسانيتهم”، مضيفاً: “للأسف الشديد، حتى الآن يبدو أننا تعاملنا مع ظاهرة الإرهاب اليهودي بتساهل”.

قد تنطلي هذه الخطوات على بعض السذج، إلا أنها بالتأكيد كانت في نظر الشعوب العربية والإسلامية بمثابة الحرق مرتين للطفل الدوابشة، فقد جاء هذا الردّ الإسرائيلي “غير البرئ” على الإجرام الإسرائيلي لأسباب عدّة أبرزها:

أولاً: يخشى الكيان الإسرائيلي من أن تتطور حملة العقوبات التي تمارس بحقّه من كافّة دول العالم، لذلك عمدت كافّة السلطات الرسمية الإسرائيلية لإدانة هذا العمل الإرهابي.

ثانياً: يخشى رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من إنتهاز واشنطن هذه الفرصة لمعاقبته بسبب التحريض الذي يقوم به نتنياهو للكونغرس الامريكي. 

ثالثاً: حاولت سلطات الکيان الإسرائيلي الحديث مؤخراً عن وقف لإطلاق النار في غزّة، وبالتالي إجراء مصالحة شاملة تفضي إلى سلام بين الكيان والشعب الفلسطيني، وبالفعل لاقت هذه الدعوة ترحيباً من قبل بعض الدول العربية التي تربطها علاقات علنية أو سريّة مع تل أبيب. 

رابعاً: حاول الإعلام الإسرائيلي مؤخراً إتهام الدول العربية برعاية الإرهاب والتطرف، وأن بيئته الخصبة للتطرف تسببت في ظهور التنظيمات الإرهابية، إلا أن هذا الفعل الإجرامي كشف زيف الإدعاءات الإسرائيلية. تل أبيب باتت في نظر الجميع جناحاً آخراً كتنظيم داعش في طائرة الإرهاب الإقليمية.

خامساً: تخشى تل أبيب أن تقضي هذه العملية الإرهابية على المساعي الإسرائيلية الرامية لإنشاء جبهة بين بعض دول محور ما يسمى بـ”الإعتدال العربي” وهذا الکيان في مواجهة محور المقاومة من ناحية وطهران من ناحية أخرى لاسيّما بعد الإتفاق النووي.

اذاً، لم تكن الإدانة بريئة وهذا ما يمكن إستشفافه من الهجوم الذي تعرّض له ريفيلين بعد الإدانة، حيث تحقّق الشرطة الإسرائيلية حالياً في “تصريحات معادية” تعرّض لها ريفيلين عقب الإدانة، بل تهدف سياسات “رجل الإطفاء” لرأب الصدع بين تل أبيب والخارج. 

 

جيل ورا جيل.. بنعاديكي يا إسرائيل 

لا شك في أن الحادثة الثانية التي تمثّلت بتنظيم عدد من المتظاهرين وقفة حاشدة أمام نقابة الصحفيين وسط القاهرة، تنديدا بحرق الرضيع الفلسطيني علي دوابشة، والقيام بحرق علم الکيان الاسرائيلي، وترديد هتافات منددة بممارسات هذا الکيان وجرائمه المستمرة بحق الفلسطينيين، تكشف مدى سخط الشعب المصري عموماً والإعلام المصري خاصةً على الإجراءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني. 

وعند التدقيق في العبارات التي استخدمت في المظاهرة ”يا حكومات عربية جبانة.. إما مقاومة وإما خيانة” و”مطالبنا مش كتير.. قفل سفارة وطرد سفير” و”الصهيوني الوضيع قتلوا الطفل الرضيع .. لا لا للتطبيع” و”بنرددها جيل ورا جيل.. بنعاديكي يا إسرائيل” و”القضية القضية.. فلسطين عربية” ” ، يتضح أنه ورغم محاولات الحكومة المصرية لتطبيع العلاقة، هناك رفض شبه تام من الشعب المصري للعلاقات الحالية مع تل أبيب.

لقد صدح الإعلام المصري بالأمس بما يخلج صدور الشعوب العربية والإسلامية، ولا ريب في أن أصوات هذه الحناجر نزلت ناراً وشناراً على الكيان الإسرائيلي الذي بدأت نار العزلة تحرقه خاصةً إذاما تطورت الامور إلى إنتفاضة جديدة، إلا أن هذا الكيان حاول أن يحرق دوابشة مرّة ثانية من خلال إجراءاته الخداعة، ولكن هيهات فقد فات الميعاد.   

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق