التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

لقاء المملوك – سلمان حصل: هل إقتنعت السعودية بالتعقّل؟ 

 ما هي إلا أسابيع قليلة مرّت على المبادرة الروسية، حتى بدأت نتائجها تظهر. فبالرغم من عدم الوصول إلى نتائج واضحة، فإنّ لقاء رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك بولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو نتيجة بحدّ ذاته. فاللقاء الذي وُصف بالمعجزة إن حصل كان عنوانه المصارحة بعد سنوات من القطيعة العدائية بين الجانبين. فسوريا التي مدّت يدها للحوار منذ بداية الأزمة لم تلق من السعودية إلاّ الصدّ وتصدير الإرهاب إليها لتدميرها وإشعال الفتنة بين أهلها. فهل إقتنعت السعودية أنّ زمن التحولات قد بدأ وأنّ التسوية السياسية هي الباب الوحيد للحل؟ وفي ظل سيرها بالوساطة الروسية أين سيدها الأمريكي من هذا المسار؟

 

في ٢٩ حزيران الماضي عقد رئيس الكرملين فلاديمير بوتين لقاءً في موسكو جمعه مع وليد المعلم وبثينة شعبان وفيصل المقداد عرض فيه المبادرة وإنشاء التحالف الذي يضم سوريا والسعودية وتركيا والأردن. وبرغم المفاجأة، والمقارنة بطلب معجزة، طلب الروس جواباً من الرئيس السوري بشار الأسد على العرض، وحصلوا عليه في الساعات التي تلت ذلك اللقاء، وكان ايجابياً. وخلال الأسابيع الماضية بدأت، تحت رعاية روسية، عملية فتح القنوات الأمنية لاستطلاع إمكانية تحقيق ذلك. وتم تكليف رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي المملوك، بمباشرة تلك اللقاءات، التي انعقد أولها في موسكو، فيما كلف الملك سلمان، مسؤولاً أمنياً لمتابعة الأمر. 

 

وبعد أن نضج التواصل بين الجانبين بوساطة روسية إشترط السعوديون بأن يكون اللقاء في الرياض فوافقت سوريا على ذلك. وبحسب ما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية في مقالٍ لها أنّ اللقاء بين المملوك وسلمان قد حصل بحضور رئيس الاستخبارات السعودية صالح الحميدان في العاصمة السعودية. وقد أقلّت طائرة روسية خاصة، على متنها نائب رئيس الاستخبارات الروسية، المملوك من مطار دمشق الدولي إلى الرياض. وقد نشرت الأخبار تفاصيل اللقاء حيث أشارت إلى أنّ اللقاء افتُتح بحديث للمسؤول الروسي عرض فيه للأوضاع في المنطقة وضرورة تعاون الجميع في وجه الإرهاب الذي وصل تهديده إلى كل بلد فيها. وبعدها شكر المملوك الروس على مبادرتهم متأسفاً لأن تصل العلاقة بين سوريا والسعودية إلى حدٍ يحتاج فيه البلدان إلى وساطة للتواصل، بعدما كان يشكل الجانبان ثقلاً عربياً.  

 

وبدأت المصارحة بين الطرفين بحسب المقال، حيث حمّل المملوك السعودية المسؤولية الكاملة عن كل ما جرى في سوريا من تدمير وتخريب ودعم للإرهاب وتمويله، وشراء ذمم بعض العشائر منذ وقت طويل وتشجيع الانشقاق في الجيش السوري. وقال إن السياسة السعودية “اتّصفت دائماً بالحكمة والعقلانية، فكيف تمشون وراء مشيخة قطر التي كان دورها تخريبياً من تونس الى ليبيا ومصر وغيرها، ومن هي قطر لتدير السياسة السعودية والسياسة العربية؟ 

 

وأكد المسؤول السوري متوجهاً إلى سلمان: “أنه رغم مسؤوليتكم عن كل ما حصل في سوريا لم نتعرض للسعودية كدولة في تعاطينا السياسي والاعلامي. وختم مملوك بالتأكيد على أن “وضعنا في سوريا ميدانياً متين، ولا بد أن التقارير تصلكم عن تقدم الجيش السوري في كثير من الأماكن”، متمنياً “أن تغيّروا وجهة نظركم وتعاطيكم مع ما يجري”. 

 

وفي المقابل قال سلمان للمملوك: “مشكلتنا معكم سببها تحالفكم مع ايران فمنذ وقت طويل مشيتم وراءها ونحن نخوض معها صراعاً كبيراً على مستوى المنطقة، ورضيتم أن تكونوا جزءاً من الحلف الايراني الذي نرى أن له أطماعاً في المنطقة تهدّد كياناتنا، كما أنكم في لبنان مشيتم وراء حزب الله الذي يسير في ركاب إيران، والذي يريد السيطرة على لبنان وتحويله الى محميّة إيرانية”. 

 

فاللقاء الذي حصل لم يكن متوقعاً في ظل علاقة عدائية متوترة بين سوريا والسعودية. ولكنه شكّل ثغرة في جدار الأزمة الخطيرة وكسر الجليد المتراكم بين الجانبين، وبعد الآن لم يعد شيء مستغرباً. ففي السياسة لا عداوة ولا صداقة دائمتين. وقد أشارت مصادر مطلعة الى أنّ مدير الادارة العامة للمخابرات السورية اللواء ديب زيتونة موجود في موسكو منذ فترة لمتابعة تفاصيل لها علاقة بهذا الموضوع. 

 

وقد أيقنت السعودية أنّ العودة إلى العقلانية مرغمة هو الحل الوحيد. ولم يعد مجدياً من جهة الإستمرار في صناعة وتغذية وتصدير الإرهاب الذي بات خارج السيطرة السعودية ويهدد أمنها، ومن جهة أخرى فإنها باتت تعلم جيداً أنّ سيدها لم يعد فرعون العصر الجديد والزمن الماضي قد ولّى خاصةً بعد خيبات الامل المتلاحقة من الإدارة الأمريكية التي أصبحت محكومة بالتوازنات الجديدة في المنطقة، والأولوية بالنسبة لها تقليل الخسائر وعدم الغرق في صراع غير محسوب الثمن.  

 

ومن جانب آخر فإنّ الموقف الأمريكي من المبادرة الروسية غير واضح، فكيف سيكون تعاطي إدارة أوباما مع التحرك السعودي في ظل الوسيط الروسي؟ وهل ستقف دون حراك بعدما إستقطبت روسيا أدواتها في المنطقة؟ وهل ستواكب السعودية بجدية وحسن نية المبادرة الروسية أم أنها تناور من جديد؟  

فالسعودية أمام فرصة حقيقية لإعادة بناء ما دمرته مع سوريا، والإرهاب الذي صنعته يدقّ بابها والرهان على أمريكا لم يعد منتجاً بعدما فهمت جيداً العبارة التي قالها كسينجر لبندر بن سلطان بأنّ “على أعداء أمريكا أن يخشوها ولکن على أصدقائها أن يخشوها أكثر”.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق