التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

العلاقات السورية العربية.. أسباب القطيعة ودواعي الاستئناف 

لاحت في الآونة الأخيرة بشائر بالأفق تشير إلى أن العديد من الدول العربية بدأت تعيد النظر في سياساتها تجاه سوريا، فيما بدأت دول أخرى بينها تونس بإستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع هذا البلد والتي قُطعت في وقت سابق بسبب موقفها من الأزمة السورية التي اندلعت قبل أكثر من أربع سنوات. 

وانقسمت الدول العربية في بداية هذه الأزمة إلى أقسام عدة؛ بينها مؤيد لحكومة بشار الاسد والذي وقف إلى جانبها في محاربة الجماعات الارهابية وفي طليعتها العراق ولبنان، والآخر مُعارض لبقائها وفي مقدمتها قطر والسعودية والامارات والبحرين ومصر (في زمن الرئيس السابق محمد مرسي)، في حين تباينت مواقف دول أخرى بين التأييد والمعارضة كتونس وليبيا والمغرب، فيما إختار قسم رابع الحياد إزاء هذه الأزمة كالجزائر وموريتانيا والسودان.

وبعد قرار جامعة الدول العربية بتعليق عضوية سوريا في الجامعة بتاريخ ١٢ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١١ قطعت بعض الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع هذا البلد، ووصف هذا القرار في حينها من قبل الكثير من المراقبين بأنه قرار خاطئ وتسبب بتعميق الخلاف في الصف العربي بشأن هذه الأزمة. 

وأشارت تسريبات في الآونة الأخيرة إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية (نبيل العربي) يعتزم دعوة الجامعة لعقد جلسة لإعادة النظر في سياستها تجاه سوريا. ويعتقد الكثير من المحللين بأن ضوءاً أخضر غربياً يقف وراء هذه الدعوة ويطالب بتطبيقها على أرض الواقع في المستقبل القريب. 

 

فما هي الأسباب التي دعت إلى إتخاذ مثل هذا الموقف؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟

 

الاجابة عن هذه التساؤلات تتطلب الاشارة إلى ما يلي: 

١-    طول المدة التي استغرقتها الأزمة السورية وإخفاق الدول العربية وفي مقدمتها قطر والسعودية في تحقيق هدفها الرامي إلى اسقاط حكومة الاسد من خلال دعمها للجماعات الارهابية والتكفيرية طيلة تلك المدة. 

٢-    تغيير أمريكا والدول الغربية الحليفة لها لسياساتها تجاه هذه الأزمة والتي تمثلت أخيراً بقيام طائرات من هذه الدول بضرب مواقع الجماعات الارهابية لاسيما (داعش) في شمال سوريا في إطار ما يسمى التحالف الدولي لمحاربة الارهاب. 

٣-    الانتصارات المهمة التي حققها الجيش السوري على الجماعات الارهابية في الكثير من المناطق لاسيما في الزبداني والحسكة ودير الزور والرقة وحلب وشمال غرب دمشق والتي قلبت موازين القوى العسكرية لصالح الحكومة السورية. 

٤-    التهديد الأمني المشترك الذي تسببت به الجماعات الارهابية خصوصاً (داعش) لكثير من الدول العربية وفي مقدمتها تونس ومصر وليبيا.

٥-    الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الأخيرة ومن بينها حرق الطيار الاردني (معاذ الكساسبة) على يد عناصر (داعش) والجرائم الكثيرة التي ارتكبها هذا التنظيم في العديد من دول المنطقة والتي أثارت القلق بشأن امكانية اتساع رقعتها لتشمل كافة الدول العربية. 

٦-    التفجيرات التي حصلت مؤخراً في تركيا وفرنسا والتي دللت هي الأخرى على أن الدول التي دعمت (داعش) أو بقيت متفرجة على جرائمه في دول المنطقة ليست في مأمن من هذه الجرائم.

 

يأتي هذا في وقت يرى فيه الكثير من المتابعين للشأن السوري أن الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا أدركت تماماً أن بقاء نظام الاسد على رأس السلطة في سوريا أفضل لها من الجماعات الإرهابية التي تهدد أمنها واستقرارها، ولهذا بدأت بإعادة النظر أيضاً في سياساتها تجاه دمشق. 

ويحتمل بعض المراقبين قيام تركيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا بتشكيل تحالف عسكري للقضاء على (داعش) عن طريق تكثيف الضربات الجوية لمواقعه في سوريا والطلب في ذات الوقت من العواصم العربية لتغيير سياستها تجاه دمشق تمهيداً لاستئناف العلاقات معها بشكل تدريجي. 

وهنا تبرز أهمية إشراك الدول العربية المعتدلة وفي مقدمتها سلطنة عمان للعب دور الوسيط في إعادة هذه العلاقات إلى سابق عهدها؛ أي قبل اندلاع الأزمة السورية، وهذا من شأنه أن يعيد اللحمة ولو بشكل نسبي إلى العالم العربي الذي يعاني من انشقاقات حقيقية بسبب تباين المواقف بشأن الأزمات التي تمر بها المنطقة وفي مقدمتها العدوان السعودي المتواصل على اليمن، اضافة إلى وقوف بعض هذه الدول إلى جانب المشروع الأمريكي المسمى (الشرق الأوسط الجديد) رغم علمها بأنه يستهدف تمزيق المنطقة والعبث بمقدراتها والتحكم بمصيرها لصالح الكيان الاسرائيلي والدول الغربية الحليفة له.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق