التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

تبعات الموقف الفرنسي المتشدد في المفاوضات النووية مع ايران 

 في الوقت الذي تحاول فيه فرنسا اتخاذ مواقف متشددة تجاه الملف النووي الايراني في المفاوضات الجارية حاليا في العاصمة النمساوية فيينا اعتبرت وكالة الصحافة الفرنسية انه في حال توصل ايران والدول الست الى اتفاق نهائي يجب على فرنسا ان تبادر الى كسب ثقة الايرانيين لكي يكون لها مكان في دولة مهمة مثل ايران وسوقها الاقتصادية الواسعة.

 

ويقول مصدر دبلوماسي غربي في هذا المجال “ان اولى نتائج الاتفاق النووي المرتقب هو فتح ابواب السوق الايرانية والذي ينتظره جميع الغربيون الذين ينافسون بعضهم البعض في سباق ماراثون ويراقبون بعضهم البعض بشكل سري” كما يصف احد الخبراء الاقتصاديين الفرنسيين الوضع قائلا “ان الشركات الاقتصادية العالمية تقف كعدائين ينتظرون صافرة بداية السباق امام السوق الايرانية الكبيرة التي تمتلك امكانيات كبيرة وهي التي قد تعرضت للعقوبات منذ عقد من الزمن”.  

ويبلغ عدد سكان ايران ٧٧ مليونا وهي الرابعة في الترتيب العالمي لاحتياطات النفط والثانية عالميا في احتياطات الغاز وفي حال حصول اتفاق نووي مع الدول الست يتوقع ان تنفتح الاسواق الايرانية امام الاستثمارات العالمية بالتزامن مع فرض الرقابة الدولية على البرنامج النووي الايراني من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وتقول ايران انها لن تقبل بأية عمليات رقابة خارج اطار العمليات الاعتيادية المتبعة حاليا.   

 وكان السفير الايراني في فرنسا علي آهني قد قال في عام ٢٠١٣ موجها كلامه الى الفرنسيين “احذروا من ان يتجاوزكم الجميع لأن السوق لن تصبر وان منافسيكم يتواجدون من قبل في هذه السوق”. 

وكانت فرنسا حاضرة بثقلها في السوق الايرانية وخاصة في قطاع صناعة السيارات (شركتي بيجو ورينو) وقطاع النفط (شركة توتال) قبل فرض العقوبات الاقتصادية على ايران وقد كان حجم التبادل التجاري بين فرنسا وايران في عام ٢٠٠٤ اربعة مليارات يورو لكنه تراجع الى خمسمئة مليون يورو في عام ٢٠١٣، ويعرب المدير التنفيذي لشركة بيجو الفرنسية عن أسفه حيال هذا التراجع ويقول ” للأسف فإن المجتمع الايراني يوجه الينا اللوم بشكل كبير لأننا تركناهم لوحدهم اثناء فترة صعبة بالنسبة لهم، ان صانعي السيارات الصينيين والامريكيين هم جميعهم خلف الابواب، ان كسب ثقة الايرانيين اصبح صعبا بالنسبة الينا”. 

وكانت سمعة فرنسا في ايران ايجابية الى حد ما قبيل فترة فرض العقوبات الاقتصادية على ايران بسبب العلاقات الثقافية والتاريخية لكن الخبراء يعتقدون ان السمعة الفرنسية في ايران قد تضررت الان بشكل كبير بسبب المواقف الفرنسية المتشددة ازاء البرنامج النووي الايراني، وقد قال وزير الطرق وبناء المدن الايراني عباس آخوندي مؤخرا انه يعتقد بأن المسؤولين الاقتصاديين هم اكثر واقعية من المسؤولين السياسيين وان المسؤولين الاقتصاديين هم الذين سينجحون في فرض آرائهم في النهاية.     

وقد حرصت الحكومات الفرنسية بعد ظهور البرنامج النووي الايراني على اتخاذ مواقف متشددة تجاه هذا البرنامج ووصف بعض المحللين هذه المواقف بموقف من يسمون بـ”الصقور” لكن هذه المواقف قد اشتدت مؤخرا ايضا عندما نراجع تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي قال “ان فرنسا تريد اتفاقا محكما، اننا لسنا متشددين بل اننا منطقيون”، ويرجع بعض المحللين سبب هذه المواقف الفرنسية المتشددة الى العلاقات التي تربط بين فرنسا والدول الخليجية حيث تحاول فرنسا اظهار نفسها كمدافعة عن هذه الدول في وجه البرنامج النووي الايراني بغية كسب ود هذه الدول وعقد صفقات تجارية واقتصادية وعسكرية معها بقيمة عشرات المليارات من الدولارات كما حصل اثناء الزيارة الاخيرة للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى السعودية.  

وتحاول السعودية والكيان الاسرائيلي دوما رفع اصواتهما في وجه البرنامج النووي الايراني ويقولان بأن هذا البرنامج هو تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة وذلك بسبب خشية الرياض وتل أبيب من تزايد نفوذ ايران في المنطقة بعد حصول الاتفاق النووي المرتقب بين ايران والدول الست لكن اعتراف القوى العالمية بالبرنامج النووي الايراني وقبول هذه القوى بوجود برنامج لتخصيب اليورانيوم داخل الاراضي الايرانية يعتبر اعترافا منهم بأن هذا البرنامج هو سلمي بحت ولذلك فإن الدول التي عرقلت حل القضية النووية الايرانية لسنوات مثل فرنسا من الطبيعي ان تدفع ثمن سياساتها المتشددة تجاه ايران خلال الفترة المقبلة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق