التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أبريل 28, 2024

زیادة زراعة المخدرات … إحدی أهم نتائج الحرب الأمریکیة علی أفغانستان 

أينما وجد المحتل وجد الخراب والدمار، حقيقة تاريخية أثبتتها السنين الطويلة، فالمحتل دائماً يسعى لتحقيق أطماعه، لا يأبه لمصير الشعوب المستضعفة، يستثمر آلام الناس وأوجاعهم، يشرب دماءهم بكل هدوء وروية. هذا هو لسان حال أفغانستان المنكوبة اليوم، هذا البلد الذي مازال يعاني ويلات الحروب والفقر والجهل منذ عقود طويلة، لا عهد لأهله بالأمان والطمأنينة، وكل أمنياتهم تتلخص بيوم أقل تعاسة من سابقه.

 لم يحمل جنود التحالف الدولي إلى الشعب الأفغاني سوى مزيد من المعاناة والألم وتدمير لبلادهم المدمرة أصلاً، فمنذ عام ٢٠٠١م يوم دخلت هذه القوات أرض أفغانستان، والشعب الأفغاني يعاني مصائب الحروب، ويرى كيف استباحت قوى الشر العالمي أرضه وحولتها إلى مكان لتحقيق الأطماع ونيل المنى.

 وفي إطار مشروع هذه الدول الرامي إلى تدمير أفغانستان بكل ما تملكه من قدرات وطاقات وخصوصاً طبقة الشباب فيها، نطالع تقارير تفيد بتحول أفغانستان إلى المصدر الأساسي للمخدرات في العالم، حيث تشكل نسبة الأفيون المزروعة في أفغانستان ما يعادل ٩٠ بالمئة مما ينتجه العالم أجمع من هذه المادة القاتلة.

 يشير تقرير نشرته الأمم المتحدة على موقعها الرسمي تناول نتائج الدراسة الاستقصائية عن الأفيون في أفغانستان عام ٢٠١٤ والتي قامت بها وزارة مكافحة المخدرات الأفغانية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى ارتفاع بلغ سبعة في المئة في إجمالي مساحة الأراضي المستخدمة من قبل مزارعي الخشخاش، مقارنة بالعام الماضي. وتتوقع دراسة الأمم المتحدة احتمال ارتفاع إنتاج الأفيون بنسبة ١٧ في المئة. ويقدر المحصول بحوالي ٦٤٠٠ طن في عام ٢٠١٤ مقارنة بـ ٥٥٠٠ طن في عام ٢٠١٣. فوفقاً لإحصائيات رسمية تضاعفت مساحة الأراضي المخصصة لزراعة الأفيون في أفغانستان من ٧٦٠٠ هكتار في عام ٢٠٠١ إلى ٢٢٤ الف هكتار عام ٢٠١٤م ، أي بمعدل يفوق ٢٩ ضعفاً.

 وحول هذا الموضوع نشرت صحيفة ايزفيستيا الروسية مقالاً بتاريخ ١٣/١١/٢٠١٤م تناول نتائج تقرير الأمم المتحدة حيث أشارت الصحيفة إلى أن بإمكان الأراضي المزروعة بالأفيون في أفغانستان إنتاج ٦.٤ ألف طن من الأفيون النقي. كذلك نقلت الصحيفة الروسية تعليق نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد الروسي، اندريه كليموف، على هذا التقرير حيث يقول كليموف: “إن أمریکا تتغاضى عن ازدياد انتاج المخدرات، ووفق القانون الجنائي، تعتبر هذه جريمة إهمال، وخلال وجودهم (قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا) في أفغانستان ازداد انتاج المخدرات هناك سنة بعد أخرى. لقد رفض الأمريكان مكافحة هذه المشكلة، معللين ذلك، بأن وجودهم في أفغانستان ليس من أجل ذلك بل لمحاربة طالبان. وحسب قولهم، إنهم لا يرغبون بزيادة عدد الذين يطلقون النار على جنودهم في هذا البلد، مع العلم أن الجميع يعلم أن المخدرات وطالبان هما توأمان.”

 وتابعت الصحيفة مقالها بمقابلة أجرتها مع الجنرال في الجيش الروسي محمود غارييف، والذي أشار فيها إلى تضاعف إنتاج المخدرات في أفغانستان ٤٤ ضعفاً منذ دخول القوات الأمريكية إلى هذا البلد، مما يعني أرباحاً تقدر بـ ٥٠ مليار دولار سنوياً، لافتاً إلى أن الجزء الأكبر من المخدرات المنتجة في أفغانستان يهرب إلى روسيا.

 وأشارت الصحيفة الروسية في مقالها إلى أن أمريكا تستخدم ترويج زراعة وتجارة المخدرات في أفغانستان كوسيلة للضغط على البلدان المناوئة لها كروسيا وإيران والصين، حيث يمكن اعتبار هذا العمل بمثابة سلاح دمار شامل بكل ما تحمل كلمة دمار شامل من معنى، إذ يستهدف هذا السلاح حاضر المجتمعات ومستقبلها، ويقضي على شبابها، مما يعني القضاء على أي فرصة لتطور هذه المجتمعات ورقيها.

وفي العودة إلى تقرير الأمم المتحدة تشير إحصائيات رسمية إلى انتاج أفغانستان أكثر من ٩٠% من الأفيون غير المشروع في العالم، وأكثر من ٥٠% من هذه الكمية تنتجها ولاية هلمند الأفغانية وحدها. وفي حوار مع وكالة فارس للأنباء أشارت عضو البرلمان الأفغاني عن ولاية هلمند حبيبة سادات إلى أن زراعة المخدارت تنتشر في أكثر المناطق قرباً من مطار شورآب العسكري، والذي يمثل إحدى أهم القواعد الأمريكية في الولاية.

وأضافت سادات: أسهم الفقر وانعدام الأمن في اختلال حياة المواطنين في ولاية هلمند، كما تنتشر البطالة بشكل كبير الأمر الذي دفع بالناس إلى امتهان زراعة المواد المخدرة كطريق لكسب لقمة العيش.

وأضافت عضو البرلمان الأفغاني: تعتبر ولاية هلمند من أكبر ولايات أفغانستان، وتضم منابع مائية وفيرة جعلت أي نوع من الزراعات ممكنة فيها، وبعض أصحاب الأراضي في هذه الولاية يزرعون المخدرات بناء على طلب قوى التحالف الدولي. وتابعت سادات قولها: كثيراً ما اشتكى المزارعون عن قيام قوات التحالف عبر الطائرات بنثر بذور الخشخاش والأفيون مستخدمين الطائرات، وبهذه الطريقة تنتشر زراعة الأفيون في معظم أراضي الولاية. ولو زرع الناس القمح فقط، لنبت معه الأفيون أيضاً كون بذوره قد نثرت عن طريق طائرات القوات الأجنبية. وبناءً على هذه الشكاوى قمنا بمراجعة سفارات هذه الدول إلا أننا لم نحصل على نتيجة تذكر. واتهمت سادات قوات التحالف بدعم زراعة الأفيون في أراضي ولاية هلمند بقولها: لو لم يقوموا بتشجيع ودعم زراعة وتهريب المخدرات، لما كانت زراعة هذه المواد منتشرة بهذا الشكل، حیث مطار شورآب العسكري محاصر بمزارع الأفيون، ولو كانت قوات التحالف لا تدعم هذه الزراعة لما كان تجرأ أحد على زراعة هذه النبتة هناك.

يذكر أن الأفيون مادة مخدرة تستخرج من نبات الخشخاش، ويسبب الأفيون الإدمان ويعتبر المادة الأولية في تصنيع أنواع المخدرات كالهيروين والمورفين، کما تعتبر أفغانستان المصدر الرئيسي للأفيون في العالم يليها دول بورما، تايلاند ولاووس.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق