التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 27, 2024

من سوریا الصامدة إلی سوریا المنتصرة 

 لعل الحدث السوري حين يقف أمام مرآة التاريخ، وعلى جبهات المواجهة المفتوحة والمؤامرات الدولية، يستطيع أن يسهب في شرح عملية ضد أشرس هجمات عرفتها البشرية على مر العصور، رغم أنها تتحصن خلف متاريس من التشويش المقصود والمتعمد. ومع هذا وبالرغم من مضي أكثر من اربع سنوات ودخوله العام الخامس، لا زال صمود الشعب السوري يحير العالم، وعلى هذا يمكن الركون إلى الكثير من التقاطعات لتحديد معالم الصمود وعوامل النهوض والتفاعل.

يقظة الدولة السورية ومنذ بداية الاحتجاجات التي كانت تحمل يافطة الإصلاح السياسي، وتطالب بالديمقراطية والتعددية الحزبية، وشطب المادة ٨ من الدستور السوري، أعلنت الدولة السورية بأن هذه الاحتجاجات هي مقدمة لمؤامرة وليس حراكا شعبيا، وأن الهدف الأول والأخير منها هو ضرب سوريا ومحور المقاومة، لكن غالبية العالم لم يصدقوا ذلك. وقد سايرت القيادة أبناء الشعب السوري في مطالبه العادلة، وتم سن قوانين جديدة مثل قانون للإعلام وقانون للإنتخابات ودستور جديد، وفي المسار الآخر عملت على ملاحقة المخربين، لكن الهجمة على سوريا كانت قوية، وكانت أكثر من اعصار دولي، ورغم ذلك صمدت سورية. وهنا يبرز السؤال الأساس, وهو ما هي عوامل صمود الشعب السوري ومحور المقاومة؟ وما هي المرحلة القادمة؟

عوامل صمود الشعب السوري كثيرة، يمكن اختصار بعضها وأبرزها وأكثرها تأثيرا كالتالي:

١- الانتصارات المتلاحقة التي حققها الجيش العربي السوري بعد التغيير في تكتيكاته والخبرات القتالية الكبيرة التي اكتسبها وراكمها على مدى أعوام في مواجهة هذه المجموعات الإرهابية في مختلف الظروف والجغرافيا، إضافة إلى قطع طرق الامداد والتمويل والاتصال بالتزامن مع الصراعات بين المجموعات الإرهابية.

٢- صمود الشعب والجيش وتمتع القيادة السورية برؤية واضحة وخبرتها الطويلة في التعامل مع الأزمات السياسية والدولية وقدرتها عند التفاوض على أن تحصل على ما تريد، إضافة إلى علاقات سوريا الدولية، حيث ان أغلب دول أوروبا الشرقية ساندت الدولة السورية بالإضافة إلى روسيا والصين وإيران في مواجهة حلف أمريكا وبريطانيا واتباعهما وهو ما أدى إلى تغير موازين القوى بما فيها العسكرية على الأرض لصالح الجيش السوري.

٣- الإعتداءات العسكرية التركية والإسرائيلية على السيادة السورية والتنسيق مع التنظيمات الإرهابية وتقديم كل الدعم لها، أوجد حالة مبكرة لدى الشعب السوري لحجم المؤامرة التي تتعرض لها بلاده.

٤- المجموعات الإرهابية لا تحارب في سوريا كما في ليبيا ومصر بناء على عقيدة أو دفاع عن مبدأ وبحث عن حرية، بل هي مجموعات مرتزقة من جنسيات أجنبية وعربية من معتنقي الفكر التكفيري تحارب بمقابل، وأن ما شهدته مصر وسوريا وغيرها من الدول التي تعاني من الفوضى منذ عام ٢٠١١ هي حروب الجيل الرابع التي تعتمد على فئة من الشعب لتدمير دولتها من خلال هذه المجموعات التكفيرية والمرتزقة.

٥- إن من يحمل المبادرة وهو الحكومة السورية هو ذاته الذي يقود حالة الاستنهاض ويعزز عوامل الصمود، وهي من الحالات الاستثنائية في العمل بالتوازي مع التفرّد القائم في حال الأمة وحاجاتها.

٦- التفاف الشعب السوري حول قيادته، ورفضه لاملاءات الخارج بالمطالبة بتنحي الرئيس الدكتور بشار الأسد.

٧-تماسك أركان الدولة السورية، ورص صفوفها، حیث لم تستطع المؤامرة اختراق أي مسؤول كبير، وتحويله الى معارض.

٨-وقفة الجيش العربي السوري الباسل حول قيادته، وفي تصديه للمؤامرة، وفي دفاعه عن سيادة الأرض، وأمن وأمان المواطن.

٩- ما جرى في الازمة الليبية كان درساً لدول العالم التي أيقنت وعلمت ان ليبيا دمرت وتحولت الى قاعدة للارهاب، ولذلك لن يُسمح للغرب ولاعداء سوريا اتباع نفس النموذج الليبي.

١٠- مواقف بعض الدول العربية المعادية لسوريا مثل قطر والسعودية وصرف أموال باهظة على الارهاب لاسقاط الرئيس بشار الاسد، أوضحت المؤامرة أكثر وأكثر، حتى ان الدول العربية قامت بتجميد عضوية سوريا في مجلس الجامعة العربية.

١١- تعاطف شعوب العالم مع سوريا اذ إن هذه الشعوب أدركت تعرض هذا البلد لمؤامرة کبری.

١٢-موقف العالم المسيحي وخاصة الفاتيكان ضد الارهاب وضد العنف الممارس ضد الشعب السوري، والمطالبة بوضع حد له.

لقد صمدت سوريا أربع سنوات كاملة، وهي قادرة علی الصمود أكثر وأكثر. وخلال هذه السنوات كشفت سوريا وجود ارهاب في المنطقة، وعرّت دول المجتمع الدولي التي كانت تمول هذا الارهاب وتدعمه من أجل تدمير سوريا. والارهاب في سوريا قد امتد الى العراق، وها هو العالم كله يتصدى للارهاب، وخاصة ارهاب تنظيم “داعش” ولكن بمستويات وبطرق متنوعة ومتفاوتة.

عالمنا العربي يواجه الارهاب منذ أكثر من أربع سنوات. هذا الارهاب امتطى حصان مطالب الديمقراطية والاصلاح. وهو صناعة غربية لضرب الأمتين العربية والاسلامية. ولو اراد العالم التصدي الفعلي للارهاب، فانه يستطيع ذلك، لكن دولا عديدة تستخدمه للحصول على مآرب وأهداف ومكاسب، وشعوب المنطقة هي التي تدفع الثمن. ولولا الصمود السوري، لسيطر الارهاب على المنطقة كلها، ولكانت المعاناة أكبر مما هي عليه الآن.

لقد بدأت السنة الخامسة في مواجهة الارهاب… وحتماً ستكون هذه السنة الحاسمة في القضاء عليه، لأن من يدعم الارهاب سيكتوي بناره عاجلاً أم آجلاً فهو لا يعرض أمن وسلام المنطقة للخطر، بل يعرض العالم كله للخطر، وهذا ما يجب أن يفهمه قادة العالم، وعليهم أن يجففوا منابع الدعم للارهاب، وان يعتذروا عن أخطائهم الكبيرة في صناعة عدو ارهابي بشع للعالم كله، وان يعتذروا فعليا من خلال احترام وحدة وسيادة سوريا، ووقف تدخلهم بالشؤون الداخلية لعالمنا العربي.

التسليح الخارجي والتطويق والحصار والعقوبات والدعاية الغرائزية الموتورة والتزوير واقتطاع جزء من الجسد السوري في الشمال والشمال الغربي يؤلمنا ويجرح مشاعر كل عربي يحب سوريا لكنه لن يكسر إرادة السوريين في دفاعهم عن بلدهم وحريتهم وانتمائهم للوطن العربي والبقاء في قلب المعادلة الشرق أوسطية كما في مركز المحور المناهض للاستعمار وللمشروع الصهيوني في المنطقة.

سوريا لن تسقط بل ستسقط الأقنعة قريباً وتظهر الحقائق والاصطفافات التي أوصلتنا لما نحن فيه من كرب واضطراب وضياع البوصلة، كما ستظهر الحقائق التي حولت ربيعنا العربي إلى خريف كالح يمزقنا شر ممزق بدل أن يوحدنا ويمهد لمستقبل مشرق تستعاد فيه الحقوق.

لن تسقط سوريا ليس لأن العدو لا يملك الأسلحة والأدوات للعدوان عليها وضرب بنيتها التحتية فهذه نراها اليوم تعمل بكفاءة، لكن سوريا لن تسقط لأن فيها شعباً أدرك بحسه وضميره أن ما يدور فوق أرضه ليس له علاقة بما یتطلع إليه بل يهدف لتدمير بلده، وقد حان الوقت للمواجهة الشاملة للعدوان الخارجي والإجرام الداخلي بكل الطرق والوسائل.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق