التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, مايو 20, 2024

اعادة ترتیب البیت السعودی، أبعادها و الدور الأمریکی فیها 

حصلت التعيينات الملكية الجديدة في السعودية في ظل خلافات كثر الحديث عنها داخل العائلة الحاكمة خصوصا بين الجيل الثاني من الأبناء، خلافات طفت على السطح بعد رحيل الملك عبدالله بن عبد العزيز، و أججها العدوان الأخير على اليمن بعد أن انقسمت الآراء داخل العائلة الحاكمة بين مؤيد ومعارض. فمرر الملك سلمان بن عبد العزيز قراراته مغلقا الباب على مرحلة اتسمت بالحساسية بدأت منذ تعيين سلمان ملكا، و كل ذلك بتنسيق مباشر مع أمريكا التي رعت سلسلة التغييرات.

بلغت الأوامر الملكية الأخيرة التي سلكها الملك سلمان بن عبد العزيز، أربعاً وعشرون أمرا كان أهمها تلك التي عين بموجبها كلا من محمد بن نايف ومحمد بن سلمان ولي ووليا لولي العهد، واعفي سعود الفيصل من منصب وزير الخارجية بعد ٤٠ عاما من استحواذه على هذا المنصب، فاسحا المجال أمام عادل الجبير لاستلام منصب لم يستلمه أحد قبله من خارج الأسرة الحاكمة، بتوصية أمريكية مباشرة حيث ترى فيه الحكومة الأمريكية الرجل الشاب نسبتاً لخلفه والمقرب منها بشكل كبير حيث عاش فيها معظم سنوات شبابه.

يسعى الملك السعودي نحو الإمساك بكل خيوط السلطة، وحصرها بين عائلتي سلمان ونايف واستبعاد عائلة متعب. حسبما يشير الباحث والكاتب المعارض الأستاذ فؤاد ابراهيم، يعمل الرجل على تقويض أي فرصة محتملة لوصول الأمير متعب بن عبدالله الى العرش، لأنّ الضمانة الوحيدة تتمثّل في وجود مقرن ولياً للعهد، لكن بإعفاء الأخير من مهمته أصبحت فرصة تنصيب متعب معدومة تماماً.

وقرارات سلمان هذه تحمل بصمات محمد بن نايف، الذي تولى قبل وفاة الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، ترتيب البيت السعودي الداخلي من واشنطن التي زارها بشكل مكثف لكسب الثقة على غرار ما فعل متعب الذي لم يحقق ما حققه بن نايف. واستعجل محمد بن نايف إقصاء عمه مقرن بن عبد العزيز (والدته يمنية) مستغلاً الحرب في اليمن. ورغم أن الأمر الملكي رقم أ/٨٦ الصادر عن الملك عبدالله بتاريخ ٢٨ آذار ٢٠١٥ ينص على أن أمر تعيين مقرن في ولاية العهد «لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل، لما جاء في الوثيقة الموقّعة منّا ومن أخينا سموّ ولي العهد..» أي سلمان، الا أن الملك لم يعمل بتلك الوصية لأسباب يراها موجبة وبررها بأنه يريد اعادة الدم الشاب الى روح الحكم السعودي.

وجرى استباق خطوة سلمان الليلية بإبعاد قوات الحرس الوطني، التي يترأسها متعب بن عبدالله بن عبد العزيز، إلى الحدود السعودية اليمنية، بقرار علني من سلمان يوم ٢١ نيسان/أبريل الجاري، سبق إعلان وقف «عاصفة الحزم»، بذريعة المشاركة في حماية الأراضي السعودية من الخطر اليمني. علماً بأن مصادر دبلوماسية أخرى على صلة بالعائلة الحاكمة في السعودية تؤكد أن متعب كان طامحاً لخلافة والده، قبل أن يقطع عليه محمد بن نايف الطريق في واشنطن. وسبق أن أقصي محمد بن نايف عن وزارة الداخلية في عهد عبدالله وعيّن أحمد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية في حزيران/يونيو ٢٠١٢. ولكن سرعان ما عاد بن نايف إلى الوزارة بعد خمسة أشهر، عقب أحداث أمنية وتفجيرات مشبوهة. 

ومن جهته، قال التلفزيون السعودي، فجر اليوم، إن سلمان أعفا أخاه غير الشقيق الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد ومن منصب نائب رئيس الوزراء. وأضاف أنه دعا لمبايعة ولي العهد وولي ولي العهد الجديدين في قصر الحكم، اليوم، بعد صلاة العشاء.

الأمر اللافت أيضا، كان إعفاء سعود الفيصل من منصبه وتعيين الجبير خلفاً له. إعفاء الفيصل من مهمته کان متوقعاً ولكن لم يكن ليخطر في بال أحد أن يتولى غير أبناء فيصل الحقيبة السيادية، وهي المرة الأولى التي يخرج فيها هذا المنصب من يد آل سعود، ما يكشف حقيقة تفرد سلمان من منطلق شخصي بالتعديل الجديد لاختيار الأكثر ولاء له (الجبير) الذي كان يرسل التقارير مباشرة له من أمریكا دون مرورها بالفيصل، ما يفتح المجال أمام الكثير من التساؤلات. كما تحدثت بعض المصادر عما يشبه الصفقة بين أمريكا والسعودية قضت بتعيين رجال مقربين من الادارة الأمريكية مقابل قبول تعيين محمد بن سلمان بمنصب ولي ولي العهد.

مصادر متابعة تؤكد أن أمر التعيينات حُسم قبل الساعة الحادية عشرة فبادر كل من بن سلمان وبن نايف بإبلاغ الشخصيات الهامة في الأسرة وخارج الأسرة (لم يكن متعب بن عبدالله بينهم)، مضيفاً أنه حين تيقّنوا من وصول الخبر إلى “دائرة المجاملات” قرّروا الإعلان لقطع الطريق على من قد يحاول إجهاضه أو يُحرجهم بعمل ما، “هذا سبب الإعلان فجراً”.

واعتبر المغرد الشهير “مجتهد” أن إعلان الأمر الملكي ضمن قرارات كثيرة “هو من باب تهوين الأمر وتمريره ضمن حزمة كبيرة من القرارات، وهي حيلة لم تنفع فلم يلتفت أحد لبقية القرارات”. وقد وعد أن يعلن لاحقا عن أسماء الأمراء الذين يتحفظون على مبايعة بن سلمان وبن نايف.

في المحصلة ان اعادة ترتيب البيت السعودي بعد أقل من سنة على التعيينات الأولى تؤكد وجود خلل ما داخل العائلة السعودية، خلل ليس من مصلحة أمريكا أن يتفاقم، وقد ظهرت يدها الخفية في التخطيط وارضاء قسم من المتضررين والمبعدين عن دائرة القرارات، دون أن تنسى حصتها من الكعكة الجديدة، عبر تعيين أشخاص يعلنون الولاء لها أكثر من ولائهم للسعودية نفسها، انه حكم الصبيان برعاية أمريكية.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق