التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, أبريل 28, 2024

كيف سيكون الاستقرار الداخلي المصري، ثمن المشاركة في الحملة البرية علي اليمن؟ 

إن الجنون الذي دفع السعودية للدخول بحربٍ مع اليمن، هو من الأمور التي أصبحت مفهومة النتائج والدوافع. خصوصاً بعد وضوح حجم الترحيب الإسرائيلي بهذه العملية. ولعل التجربة اليمنية اليوم، ستكون السبب في تقييم الأطراف السياسية في المنطقة. فالدول الخليجية التي لا يمكن الرهان على عقلانيتها، وقعت في الفخ الأمريكي الذي نصب لها. وبالتالي فهي ذاهبةٌ نحو الهلاك لا محال. أما العجيب في الموضوع، هو الموقف المصري المتمثل بالاتفاق مع السعودية لإجراء مناوراتٍ مشتركة. ولعل الطرف المصري لم ينس حتى الآن حجم الضرر الذي لحق بجيشه في الماضي عندما دخل الوحول اليمنية. لكن الضرر الذي سيكون أكبر هذه المرة، لا بد أن يطال الداخل المصري. فكيف يمكن قراءة الموقف المصري الحالي من الأزمة اليمنية؟ وكيف يمكن أن ينعكس على الوضع الداخلي المتأزم أصلاً؟

أولاً: الموقف المصري بين مؤيد ورافض

لا شك أن السعودية تحاول إنقاذ نفسها من الوصول إلى العجز التام في عدوانها على اليمن، عبر القيام بآخر محاولاتها التي قد يكون لها أثرٌ من الناحية العسكرية، وهو الدفع بمصر إلى خطوة تدخل برّي محتمل. فبعد الإعلان لمناورة عسكرية تدريبية بين الجيشين المصري والسعودي مع قوات خليجية مشتركة، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي موافقته على المشاركة في المناورة التي ستتكفل الرياض بكامل مصاريفها، في وقتٍ نصحت فيه إيران الجميع وبالتحديد مصر إلى الانضمام لمساعي الحلّ السياسي عوضاً عن الانجرار إلى المستنقع اليمني. لكن وبالرغم من أن الأصوات المصرية المعارضة للتدخل البري في اليمن أكبر من تلك المؤيدة، رأى خبراء عسكريون مقربون من القوات المسلحة المصرية، أن موافقة السيسي على تنفيذ “مناورة استراتيجية كبرى” مع السعودية ودول الخليج باستثناء سلطنة عمان بمثابة موافقة ضمنية على التدخل البري باليمن. فموافقة الرئيس السيسي جاءت بعد طلب الرياض إجراء المناورات على أراضيها لتكون نواة للقوة العربية المشتركة، بالإضافة إلى وضع القوات على درجة الاستعداد إذا تطلب الأمر قراراً سياسياً بتدخل بري في اليمن. والحديث عن تكفل السعودية بالمصاريف كافة، ليس بالأمر المهم، فهي بحكم استضافتها للتدريبات عليها أن تتكفل بمصاريف التدريبات كاملة، وهو أمر معتاد في مثل هذه التدريبات .

ثانياً: ما يجب الالتفات اليه

إن الموقف المصري الذي يبدو متقارباً مع السعودية، يحتاج للكثير من الدقة في تقييمه، ولذلك تجدر الإشارة الى التالي :

–         ما يجمع مصر بالسعودية اليوم هو المصالح الاقتصادية. فالسيسي أثبت أنه رجل مصالح، وحاجته لتنمية الاقتصاد المصري، دفعته للذهاب الى الطرف السعودي. لذلك أتت دول الخليج بأسرها الى المؤتمر الاقتصادي الذي عقدته مصر في الأشهر الماضية. لكن ما يجب على الرئيس المصري معرفته أيضاً، هو أن تحسن الوضع الاقتصادي، يرتبط بالاستقرار الداخلي. وهو ما سينعدم في حال قامت مصر بمغامرة الدخول في العملية البرية في اليمن. وذلك يعود لطبيعة المعركة التي ستؤدي الى قلب الكثير من التوازنات، في وقتٍ تعيش مصر داخلياً حالةً من الفوضى الأمنية، والتي لم ينجح السيسي حتى الآن بالتخفيف منها .

–         إن تكرار حوادث الصدام بين وزارة الداخلية والجيش، يشي بوجود خلافات مكتومة بينهما، سببها محاولة فرض الهيمنة على الساحة الداخلية. وهو ما يعكس صورة الوضع الداخلي المتردي لمؤسسات الدولة. الأمر الذي سيزداد في حال دخول الجيش في الحملة البرية على اليمن، مما قد يؤدي الى انشقاقه. فمنذ عودة الجيش إلى صدارة المشهد عقب ٢٨ كانون الثاني ٢٠١١، وترسيخ وجوده بعد ٣٠ حزيران ٢٠١٣، تم رصد حالات متكررة للصدام المتصاعد بينه وبين وزارة الداخلية. فمحاولة تفسير أسباب التوتر بخلاف الصراع على مساحات الهيمنة والنفوذ الداخلي، ترجع كما يبدو إلى أن كلا الفريقين ينظر إلى الآخر على أنه صاحب فضل على الآخر. وخاصة في ما بعد «٣٠ يونيو»، في الوقت الذي ينظر فيه بعضهم إلى أن الجيش سيقدم الشرطة كبش فداء ويحاول تحميلها مسؤولية كل ما جرى من انتهاكات عندما تستقر الأوضاع في البلاد. ويمكن الربط بسهولة بين تصاعد الصدامات بين الطرفين وبدئها غالباً من جانب الشرطة، والتأثير في الساحة الداخلية بعد تراجع هيبة الجيش جراء الضربات المتكررة التي تلقّاها في سيناء على يد “ولاية سيناء” التي بايعت تنظيم “داعش” الإرهابي، وهو أمر ربما أغرى منتسبي “الداخلية” للتمدد بالقوة .

إن محاولة الرئيس السيسي لفت الأنظار على الصعيد الإقليمي والدولي وكسباً للود الأمريكي، سينعكس حتماً على الوضع الداخلي المصري. في وقت لم يحسم فيه بعد خيار الجيش المصري، في المشاركة بالحملة البرية على اليمن. لكن المؤكد أن الاستقرار المصري سيكون ضحية أي مغامرة غير محسوبة. وهذا ما سننتظر الأيام المقبلة لتشير إليه .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق