التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 5, 2024

لماذا أعتبر أوباما اتفاقه مع ايران تاريخياً؟ 

علاء الرضائي /

مساء الخميس 2 أبريل/ نيسان، وبعد يوم من الارتماء في أحضان الطبيعة وفق تقليد يعود الى آلاف السنين، كان الايرانيون على موعد مع خبر سار من العيار الثقيل، خبر جعلهم ينزلون الى الشوارع في طهران وغيرها من المدن، رافعين شارات النصر واعلام بلادهم..

نعم.. لقد تم التوصل الى اتفاق اطار بعد ما يقرب اسبوعين من المفاوضات الماراثونية بين ايران ومجموعة 5+1 او في الحقيقة بين ايران وأميركا في لوزان السويسرية. هذا الاتفاق الذي وصفه الرئيس الأميركي في كلمة متلفزة بـ”التاريخي”.. فلماذا الاتفاق مع الايرانيين “تاريخي” بالنسبة لأوباما، ونصر بالنسبة الى ايران.. وما الذي حصل عليه كل جانب وما الذي فقده وتنازل عنه؟

وللاجابة، لابد أن نعود الى نص البيان المشترك لنرى ما يحتويه، وهذا ملخصه:

 

 

1. ان الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة والدول الاعضاء في مجموعة “5+1” والمؤلفة من الصین وروسیا وفرنسا وامیرکا وبریطانیا والمانیا، وفي اطار العناصر المدرجة في برنامج العمل المشترك المؤرخ 24 نوفمبر 2013 واثر عملیة المفاوضات الطویلة والمعقدة في الابعاد التقنیة والقانونیة والسیاسیة، قد توصلت الى مجموعة من الحلول اللازمة للوصول الى برنامج العمل المشترك الشامل في مدینة لوزان السویسریة، المجموعة التي تتضمن هذه الحلول لیست لها صفة قانونیة بل توفر فحسب الدلیل المفاهیمي لتنظیم وصیاغة برنامج العمل المشترك الشامل. بناء على ذلك سیتم البدء قریبا بصیاغة برنامج العمل المشترك الشامل على اساس هذه الحلول في المستقبل القریب.

 

 

 

2. في اطار الحلول القائمة، لن یتم وقف او اغلاق او تجمید اي من المنشات والانشطة المتعلقة بالشان النووي وستستمر الانشطة النوویة الایرانیة في جمیع المنشات النوویة ومنها نطنز وفردو واصفهان واراك.

 

هذه الحلول الشاملة تضمن استمرار برنامج التخصیب داخل البلاد وبناء علیه ستکون الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة قادرة وفقا لنص برنامج العمل المشترك الشامل بالانتاج الصناعي للوقود النووي لتوفیر الوقود للمحطات النوویة.

وبناء على الحلول الحاصلة، فان الفترة الزمنیة لخطة العمل المشترك الشامل بشان برنامج التخصیب الایراني ستکون 10 اعوام، وخلال هذه الفترة ستواصل اکثر من 5000 جهاز للطرد المرکزي في نطنز عملیة انتاج المواد المخصبة في مستوي 3.67 بالمائة. سیتم جمع اجهزة الطرد المرکزي الاضافیة والبنیة التحتیة المرتبطة بها والاحتفاط بها تحت اشراف الوکالة الدولیة للطاقة الذریة لتکون بدیلا عن الاجهزة التي ستصاب باعطال خلال هذه الفترة، کما ان ایران ستکون قادرة على تخصیص مخزونها من المواد المخصبة لانتاج مجمعات الوقود النووي او تصدیرها الى الاسواق الدولیة ازاء شراء الیورانیوم.

وبناء على سبل الحل الحاصلة ستواصل ایران برنامجها للابحاث والتطویر على اجهزة الطرد المرکزي المتطورة وستواصل مراحل بدء واکمال عملیة الابحاث والتطویر لاجهزة الطرد المرکزي IR-6 و IR-5 و IR-4 و IR-8 خلال فترة 10 اعوام لبرنامج العمل المشترك الشامل.

 

 

3. بناء على الحلول الحاصلة سیتم تحویل منشاة فردو الى مرکز متطور للابحاث النوویة والفیزیائیة. سیتم حفظ اکثر من 1000 جهاز للطرد المرکزي وجمیع البنیة التحتیة المرتبطة بها في فردو وفي هذا الاطار ستکون هنالك سلسلتان من اجهزة الطرد المرکزي في حالة دوران، کما ان نصفا من منشاة فردو سیخصص بالتعاون مع بعض الدول الاعضاء في مجموعة “5+1” لاجراء ابحاث نوویة متطورة وانتاج نظائر مستقرة لها استعمالات مهمة في الصناعة والزراعة والطب.

 

 

 

4. وفقا للحلول الحاصلة، سیبقي مفاعل اراك البحثي للماء الثقیل، وسیتم تطویره وتحدیثه عبر عملیة اعادة تصمیم. في عملیة اعادة التصمیم للمفاعل، سیتم خفض حجم انتاج البلوتونیوم وزیادة فاعلیة المفاعل بصورة ملحوظة. ستبدا عملیة اعادة التصمیم لمفاعل اراك في اطار برنامج زمني محدد وفي اطار مشروع دولي مشترك بادارة ایران ومن ثم ستبدا على الفور عملیة البناء واکماله في اطار برنامج زمني محدد. انتاج وقود مفاعل اراك ومنح شهادة دولیة لوقود المفاعل یعد من ضمن حالات هذا التعاون الدولي. من جانب اخر سیواصل مصنع انتاج الماء الثقیل عمله کالسابق.

 

5. ان ایران وفي مسار الشفافیة وبناء الثقة ستقوم بصورة طوعیة بتنفیذ البروتوکول الاضافي بصورة موقتة، وستتم المصادقة علیه وفق جدول زمني في اطار صلاحیات رئیس الجمهوریة ومجلس الشوري الاسلامی.

 

 

6. بناء على الحلول الحاصلة، وبعد تنفیذ برنامج العمل المشترك الشامل، سیتم الغاء جمیع قرارات مجلس الامن، کما ستلغي على الفور جمیع اجراءات الحظر الاقتصادیة والمالیة الأوروبیة متعددة الاطراف والامیرکیة احادیة الجانب ومن ضمنها اجراءات الحظر المالیة والمصرفیة والائتمانیة والاستثماریة وجمیع الخدمات المتعلقة بها في مختلف المجالات ومنها النفط والغاز والبتروکیمیاویات وصناعة السیارات.

 

 

ومن خلال هذا الاطار يظهر ما يلي:

أولاً ـ حصلت ايران، على:

1.  اعتراف دولي معزز بتصديق مجلس الأمن على دخول النادي النووي.

2.  الاحتفاظ بأكثر من 6000 جهاز طرد مركزي عامل، في حين أنها كانت قبل 12 سنة تتفاوض على 164 جهاز وكان الغرب يرفض ذلك!

3.  احتفضت ايران بمخزونها من اليورانيوم المخصّب والبلوتونيوم الذي سيتحول الى نظائر مشعة لاستخدامها في مجالات علمية وعلاجية وتقنية مختلفة.

4.  الابقاء على جميع المؤسسات والمنشآت النووية دون تفكيك مع تغييرات في استخدامات بعضها بأموال أوروبية.. و حتى أجهزة الطرد المركزي الفائضة عن الحاجة.

5.  رفع العقوبات الأممية والأوروبية والأميركية.

6.  الاعتراف بها قوة اقليمية، على الصعيدين المادي والمعنوي، واستطاعت ان تبدد الصورة التي فرضها الاعلام الأميركي والصهيوني حولها بأنها دولة متمردة ومارقة وشريرة وداعمة للأرهاب و… الخ، من خز عبلات الأعلام الغربي و لتي تبناها ايضاً الاعلام العربي ـ الخليجي على وجه التحديد…

 

 

 

ثانياً ـ ايران تفقد “قنبلتها النووية“ التي لم تسع اليها يوماً، و التي يحرّمها قائد الثورة الاسلامية، أي زعامتها الدينية والسياسية! وبالتالي فهي في الحقيقة لم تفقد شيئاً، لأن استراتيجيتها في الدفاع لا تقوم على امتلاك مثل هذا السلاح أو أي نوع من أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها اعداءها الدوليون الاقليميون على حدّ سواء. ومن هنا نتحول الى أول ما حصلت عليه الولايات المتحدة والغرب.

 

 

ثالثاً ـ حصلت الولايات المتحدة الأميركية جرّاء اتفاقها مع ايران، على:

سدّ الطريق على أي محاولة لأيران بأمتلاك أسلحة نووية… ولاشئ غير ذلك!

هذا اذا كانت ايران تسعى الى مثل هذه القنبلة أساساً؟!

 

 

في حين انها ـ أي الولايات المتحدة الأميركية ـ فقدت:

1.  ثقة حلفاءها التقليديين في المنطقة ( الكيان الصهيوني، البلدان الخليجية، تركيا، وغيرهم ) للحدّ الذي أصبح الاتفاق مع ايران مصدراً للأزمة بينها وبين حلفاءها المذكورين.. وقد شاهد العالم بأسره التجاذبات والمشادات الكلامية التي حصلت بين الادارة الأميركية والحكومة الصهيونية كأهم وأقوى حليفين في العالم بأسره.

وهكذا جاء خطاب أوباما ليل أمس الأول (الخميس) ليؤكد فيه التزامه بأمن حلفائه الذين تزعزعت ثقتهم بالولايات المتحدة.

 

 

 

2. فقدت أميركا هيبتها العسكرية، هي وحلفائها الذين لم يتمكنوا من مواجهة دولة يصنفوها من “العالم الثالث“… دولة صاعدة لم يمض على انتصار ثورتها الّا 36 سنة قضتها في صّد العدوان ولملمة جراحها جراء الحصار والعقوبات والعداء الدولي ومن بعض اذيال أميركا اقليمياً.

أضحت أميركا ولأول مرّة في تاريخها الشرق أوسطي تتحدث عن عدم جدوى مهاجمة الآخرين والحرب ضدهم وتحسب لخطواتها العسكرية ألف حساب، بل تمنع حليفتها “اسرائيل“ من ذلك، خشية أن تنجرّ اليها هي مرغمة!

 

3. وفقدت أهم سلاح استخدمته ضد ايران خلال السنوات الـ 36 الماضية (العقوبات الذكية) التي أقرّ أوباما في خطابه بعدم جدواها في ايقاف اندفاع ايران نحو حقها الطبيعي بالتقنية النووية (السلمية).

 

4. فقدت أميركا النموذج الذي تعمل على تصديره الى العالم منذ عشرات السنين والذي غزت فيه أوروبا وأميركا الجنوبية وآسيا وجعلت بلدان عظمى بواسطته تبعاً لها، بلدان مثل: اليابان وكوريا والمانيا وبريطانيا وفرنسا… الخ، لكنها اليوم تواجه انموذجاً فريداً في المقاومة وادارة الدولة أصبح يزاحمها والنماذج المزيفة التي تطرحها اذيالها في المنطقة… ولعل هذه المسألة من أهم المسائل التي يمكن أن تحدد مصير المنطقة والعالم.

 

لقد ربحت ايران الكثير في مقابل “كذبة “ وضعت أميركا و”اسرائيل” وبعض البلدان المتحالفة معهما، انفسهم في شرنقتها.. لقد فقدت ايران قنبلتها النووية “الفضائية“!

وهذا هو المعلن من الاتفاق سيبقى سرّياً يثير قلق كثيرين حتى لو حصلوا على جميع أسراره من على لسان وزير الخارجية الأميركي (كيري) أو أوباما نفسه.. لأن جسر الثقة انهار بينهم!

***

أما لماذا يعتبر أوباما اتفاقه مع ايران “تاريخياً“ فلا أحد يدري! قد يكون من باب: أعذه اكذبه!

أو لأنه تخلص من شبح الحرب الذي ظل يلاحقه على مدى سنوات من رئاسته وهو الذي جاء الى البيت الأبيض بشعار “التغيير” و“ كف يد أميركا من الحرب“ و“اعادت جنودها من العراق وافغانستان“.

نعم “تاريخي“ لأن أميركا كانت على موعد مع حرب لم تكن مضمونة النتائج بالنسبة لها هذه المرّة، ومدمرة لحليفتها وقرّة عينها (اسرائيل).. ولأن عدوها هذه المرة، يعرف جيداً مواجعها…

 

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق