التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

عندما تتكالب الذئاب علي الشعب اليمني 

 سبعون شهيداً على الأقل يضاف إليهم مئات الجرحى هم ضحايا العدوان الخليجي على الشعب اليمني حتى هذه اللحظة، هي حربٌ بكل ما تحمل كلمة حرب من معنى، قتلٌ ودمٌ، نارٌ ودخان، بيوتٌ مهدمة وأطفالٌ مذعورون وضحكاتٌ ذابلة، هي معالم المستقبل الذي اختارته السعودية وشركاؤها للشعب اليمني .

فمنذ الساعات الأولى من صباح يوم الخميس ٢٦ آذار/ مارس حين أعلن السفير السعودي في أمريكا بدء العدوان الخليجي على اليمن أو ما أسماه “عاصفة الحزم”، تتناهى إلى مسامعنا أخبار معاناة الشعب اليمني وما يلاقيه من جيران السوء (دول الخليج وعلى رأسهم السعودية). أعلنت حينها السعودية مشاركة كل من البحرين وقطر والكويت والإمارات ومصر والمغرب والسودان والأردن في هذا العدوان. ولكن أشد ما أثار انتباهي هو الذريعة الواهية التي اختارتها الدول المشاركة لهذا العدوان “حماية الشعب اليمني والدفاع عن أمن السعودية” لم أستطع إدراك ارتباط حراك الشعب اليمني ونزوعه إلى الاستقلال والحرية بأمن السعودية، أو كيف تستطيع دولة كالسعودية وهي التي لا تعترف أصلاً بشيء اسمه شعب أن تحمي شعب اليمن وتساعده .

قد يسأل سائل ما سر اجتماع معظم الدول العربية وتكاتفهم الملفت على القصعة اليمنية وكأن للدم اليمني طعمه الخاص الذي يثير شهيتهم فيطالعنا وعلى سبيل المثال لا الحصر بيان الخارجية المغربية والتي بررت من خلاله مشاركة المغرب في الحرب السعودية على اليمن بقولها “إن مشاركة المغرب في عملية عاصفة الحزم، تأتي للدفاع عن المملكة العربية السعودية في خطاها لدرء أي سوء قد يطال أرضها أو يمس، من قريب أو من بعيد، الحرم الشريف أو يهدد السلم والأمن في المنطقة برمتها “.

قد يحسب القارئ لهذه الكلمات أن الشعب اليمني قد قرر احتلال السعودية أو هدم المسجد الحرام، وهو الشيء الذي أثار الحمية المغربية ودفع بها إلى حماية “السعودية المظلومة” وضرب الشعب اليمني “الظالم”. ويغفل عن كون النفط السعودي وعلاقات الرِّق والاستعباد التي تجمع السعودية بمعظم الدول العربية هي التي دفعت بالدول العربية لتتسابق في إعلان ولائها وتأييدها للخطوة السعودية. فالاستثمارات السعودية الشهية تستطيع أن تغير لون الدم اليمني القاني، فتحول الظالم مظلوماً والمظلوم ظالماً، ليصبح الناس الآمنون في بيوتهم مصدر تهديد لآل سعود، الأمر الذي يبيح دماءهم وأموالهم .

رفضٌ دولي وعربي :

هذا العدوان ترافق بردود فعل مختلفة من كافة دول العالم. من الدول من أيدت السعودية في غيها وأعلنت استعدادها لتقديم يد العون لها وطبعاً كان الحليف الأمريكي على رأس هذه الدول. ومن الدول من خرجت عن إرادة الريال السعودي واتخذت موقفاً يتماشى مع سياستها الخارجية المستقلة، حينما أعلنت كل من روسيا والصين رفضهما التدخل العسكري السعودي في اليمن ودعوتهما الشعب اليمني للحوار من أجل حل مشاكلهم الداخلية .

الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت أكثر دول العالم وضوحاً في إدانتها لسفك دم الشعب اليمني عبر آلة الحرب الخليجية، حيث خرج المسؤولون الإيرانيون على كافة المستويات ليعبروا عن رفضهم للخطوة السعودية والتي وصفوها بالعدوان الذي يهدد أمن اليمن وسلامة أراضيه وليطالبوا بوقف هذا العدوان على الفور .

وعلى الصعيد العربي غردت كل من الجزائر وسورية والعراق وعمان خارج السرب السعودي. فكانت الجزائر في صدارة الدول العربية الرافضة لهذه العملية حيث قال وزير الشؤون الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة: “إن الجزائر لن تشارك في عملية “عاصفة الحزم” العسكرية ” وأشار إلى أن “جماعة أنصار الله هم طرف أساسي في المعادلة السياسية اليمنية، لذلك فإن الجزائر تركز على ضرورة إجراء حوار سياسي “.

سورية بدورها عارضت العدوان على اليمن حيث أعلنت الخارجية السورية : ” في الوقت الذي تؤكد فيه سورية على احترام سيادة اليمن واستقلاله ووحدته أرضاً وشعباً فإنها تدعو الأطراف اليمنية إلى الحوار فيما بينها للتوصل إلى حل سياسي يلبي إرادة وتطلعات الشعب اليمني وتطالب المجتمع الدولي باحترام هذه الإرادة.” كما وصفت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا العملية العسكرية السعودية بالعدوان السافر معلنةً انحيازها للشعب اليمني .

العراق هو الآخر رفض العملية العسكرية السعودية على لسان وزير خارجيته ابراهيم الجعفري الذي قال: ” الحل السلمي هو الحل الوحيد، لأن التدخل العسكري يزيد الأمر تعقيداً، ويؤدي إلى عسكرة الأمور، ونحن مع الشرعية والحلول السياسية، ونعتقد أن ما يحدث لا يحصى على الحلول السياسية “

أما عمان فرفضت الانضمام إلى القرار الخليجي على رغم كل الضغوط ومحاولات الاقناع التي تعرضت لها السلطنة واختارت الوقوف على الحياد وعدم اتخاذ موقف معلن في انتظار التواصل مع الأطراف اليمنية بهدف الوساطة بينهم .

رفضٌ يمنيٌ داخليٌ للعدوان :

على الصعيد الداخلي اليمني رفضت معظم الأحزاب والتيارات السياسية اليمنية العملية العسكرية السعودية ووصفوها بالعدوان الهمجي الذي يستهدف الشعب اليمني ووحدته واستقلاله. اللجنة الثورية العليا في اليمن رفضت العدوان السعودي واستنكرته وقالت في بيان صدر عنها: “الشعب اليمني الحر الأبي سيثبت للعالم قدرته الكبيرة على الصمود والتصدي لهذا العدوان الهمجي والدفاع عن أرضه وسيادته، باعتباره حقاً مشروعاً تؤكده الأعراف كافة والمواثيق والقوانين الدولية “

إلى ذلك رفضت حركة أنصار الله الإسلامية وحزب البعث العربي الإشتراكي والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري باليمن وحزب المؤتمر الشعبي وحزب الحق العدوان السعودي حيث قال السيد عبد الملك الحوثي زعيم حركة أنصار الله في كلمة له وجهها للشعب اليمني “إن العدوان السعودي على اليمن هو تنفيذ لإرادة أمريكية ورغبة إسرائيلية بعدما فشلت أدواتهم من القاعدة وداعش في فرض رغبتهم على اليمنيين.” وأضاف الحوثي: “إن الغارات الجوية السعودية استهدفت مؤسسات الشعب اليمني كله بما فيها المنشآت الحيوية في وقت طغت فيه قوى الشر على العالم بهيمنتها ونفوذها “

كما دعا حزب الحق الشعب اليمني للتصدي للعدوان السعودي الهمجي والذي اعتبره يتماهى مع الإرادة الصهيونية والأمريكية . 

إلى ذلك أعلنت القبائل اليمنية في مختلف أرجاء اليمن أمس النفير العام ودعت أبنائها لحمل السلاح لمواجهة العدوان السعودي الغاشم على المواطنين الآمنين.وقد تبنّت الإعلان كلّ من قبائل حاشد وبكيل وخولان الطيال وخولان عامر وهمدان ومذحج وقحطان, وطالب أبناء القبائل اليمنية الجيش اليمني بضرب المواقع العسكرية السعودية وضرب الرياض وجدة رداً على الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي بحق المواطنين الآمنين .

 تأييدٌ اسرائيلي :

لم يخف الكيان الاسرائيلي ارتياحه للعملية العسكرية السعودية ضد الشعب اليمني، فخيارات الشعب اليمني وخصوصاً شعارات حركة أنصار الله الإسلامية طالما أرقت المسؤولين الاسرائيلين، وبرأي صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية المصلحة الإسرائيلية من مجريات الأمور واضحة لأن مسارات تهريب السلاح من إيران إلى غزة تمر عبر باب المندب وعبر اليمن، وبما أن السودان عضو في الائتلاف برئاسة السعودية، فإن التهديد الذي تواجهه إسرائيل من تهريب الأسلحة قد خفت وتيرته .

إلى القلق الأمني والعسكري الإسرائيلي ينضم القلق من سيطرة حركة أنصار الله على مضيق باب المندب والخشية من تأثير ذلك على حركة السفن الإسرائيلية أثناء عبورها المضيق الاستراتيجي .

واليوم يعلق الاسرائيليون الآمال على الحليف السعودي لتقليص حجم القلق الاسرئيلي الآتي من ناحية اليمن عبر ضرب الغارات السعودية حركة أنصار الله وتدمير كل معالم قوة اليمن الأمر الذي يعيد الطمأنينة والراحة إلى قادة هذا الكيان .

إذاً هي الإرادة الأمريكية الإسرائيلية التي تلاقت مع مصالح آل سعود وخوفهم على عروشهم دفعت بدول مجلس التعاون وبعض الدول المستعبدة إلى المشاركة في سفك دم الشعب اليمني. دمٌ طاهرٌ يُسفك إرضاءً لأطماع الملوك والطواغيت.دمٌ طاهرٌ سيكتب بإذن الله نهاية هذه الأنظمة العميلة ويرسم فجر يوم مشرق تكون فيه كلمة الله العادل هي العليا وكلمة كل الطواغيت والظلمة هي السفلى، يوم تعود فيه الحرية للشعوب المقهورة ويرحل المتجبرون إلى غير رجعة .

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق