التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, مايو 7, 2024

عندما تنتحر السعودية وتغرق في الوحول اليمنية 

لم تجد السعودية إلا بالقصف على المدنيين في اليمن طريقاً لإثبات وجودها. فالسعودية التي كانت غائبةً فعلياً عن ساحة القرار الإقليمي والدولي، وجدت في قصف الأبرياء والعزل، طريقةً في تعزيز دورها، لعلها تحقق نصراً وهمياً. لكن يبدو أن السعودية العاجزة عن إثبات الذات، لم تفكر في أبعاد الغرق في الوحول اليمنية. وهنا يجري الحديث اليوم عن أهداف السعودية من الغارات على اليمن، وما يمكن أن تحقق من خلالها. فكيف يمكن قراءة الحدث الأخير المتمثل بالاعتداء السعودي على اليمن؟

لا شك أن السعودية اليوم، تنظر لنفسها، فتجد أنها لا تمتلك القدرة التي يمكن أنها تعودت على استخدامها، في فرض دورها وتوسيع نفوذها. فالوضع القائم اليوم ليس كما كان في الماضي. فالسعودية لم تعد قادرة على إدارة أي ملف خارجي بطريقة تُعتبر فيها راسمة لسياسته أو واضعة لخريطته. بل تفتقر السعودية الى من يرشدها لأسلوب حكيم تحتاج لمعرفته، من أجل ترتيب بيتها الداخلي. من هنا، كيف يمكن وصف الحال السعودية اليوم والتي أدت الى الجنون المتمثل بالاعتداء العسكري على اليمن؟

كشفت السعودية من خلال الاعتداء على اليمن، عن إفلاسها وليس على الصعيد السياسي فقط، بل على الأصعدة كافة. فقيام السعودية باستخدام العدوان الجوي بالنار، على الشعب اليمني، ليس إلا دليل واضح على حالة الضعف التي تعيشها السعودية. وقد تكون الهستيريا الجنونية التي قادت الى هذا العدوان، ظنت أن النتائج قد تكون لصالحها. لكن الواضح أن السعودية أطلقت على نفسها رصاصة النهاية من خلال هذا الاعتداء .

سعت السعودية منذ فترة ليست بقصيرة، الى تشكيل حلف سني إذا صح التعبير، لإظهار الصراع على أنه مذهبي. فالشعار المذهبي قد يكون الأكثر قدرةً على حشد الأطراف الى جانب السعودية. ولذلك حاولت السعودية الضغط على باكستان، وإشراكها في العدوان الأخير .

تعيش السعودية ومنذ زمن على تعزيز الفضاء الإستراتيجي لها، والذي يعطيها الأمان والقدرة على الاستمرار. وذلك من خلال بناء محيط لها، يمكّنها من تأمين الاستمرارية على المدى الطويل. ولذلك كان وضع اليد على اليمن أمراً يساهم في ذلك. لكن الأحداث الأخيرة في اليمن والتي أدت الى وصول حركة أنصار الله المدعومة من اللجان الشعبية اليمنية، الى الحكم، وتأمينها حالة الاستقرار، وإظهارها قدرة اليمنيين على الاستقلال وحكم بلدهم، أدى الى الجنون السعودي، فلا يمكن للسعودية أن تحيا في ظل جار يمني عزيز. وبالتالي فلا بد من كسر اليمن وإضعافه .

إن العقيدة السعودية الحاكمة، تعتمد على الأنا الذاتية، والتي بسببها تتناحر الأطراف الداخلية السعودية. لذلك لا تستطيع هذه الطبقة وإن اختلفت فيما بينها، أن تتقبل الأطراف الأخرى وبالتحديد الخارجية، وبالخصوص القوية منها والتي قد لا تكون مطواعة للأمر السعودي .

خسرت السعودية في كل الدول التي كان لها دور فيها. فالسعودية التي راهنت على الأزمة السورية وراحت الى وضع أعلى سقف سياسي يتمثل في إسقاط النظام، وهذا ما فشلت في تحقيقه. كما فشلت السياسة الخارجية للسعودية في لبنان مؤخراً، وكذلك في العراق اليوم. وتأتي الأزمة اليمنية لتضع السعودية أمام واقع الاستسلام للخسارة الإستراتيجية في إدارة الملفات الخارجية. الأمر الذي أدى الى أن وجدت السعودية نفسها في عزلة سياسية إقليمية ودولية. فاللاعب السعودي اعتاد على أن يكون عراباً في رسم سياسات دول المنطقة، وبالتحديد العربية. وكانت السعودية الذراع الأقوى للسياسة الأمريكة في المنطقة. لكن أمريكا التي تبيع وتشتري، لا تسعى إلا لمصالحها. ولا شك أن تغير الأولويات بالنسبة للسياسة الأمريكية وبالتحديد في المنعطف السوري، زاد من الجنون السعودي الأخير .

تتناغم السعودية اليوم مع الكيان الإسرائيلي فيما يتعلق بالهم المشترك المتعلق بتراجع الدور والنفوذ. ولذلك انتشرت مؤخراً الكثير من التقارير المتعلقة بالعلاقات الثنائية السعودية – الإسرائيلية. حتى أصبح خبر التعاون بين الكيانين الشبيهين في الماهية، أمراً عادياً لا يستحق الاستغراب. ولذلك نجد أن الكيان الإسرائيلي اليوم، أول من يدعم العدوان السعودي على اليمن .

ليست الأمور كما يتصور البعض. فالحملة العسكرية، أو الاعتداء السعودي على اليمن، ليس إلا مظهر الضعف الذي تعاني منه دول الخليج الفارسي، وفي مقدمتها السعودية. فاليمن أثبت أنه أقوى من التحديات المصطنعة. لكن الأخطر أن السعودية باعتدائها العسكري على اليمن، قد وضعت على الطاولة ورقتها الأخيرة. وبالتالي أحرقت السعودية فقط كل أوراقها السياسية. والواضح أنها أحرقت نفسها أيضاً في الوحول اليمنية. والجميع يعرف أن الأرض اليمنية صعبة، وقد يكون الدخول فيها سهلاً، لكن الخروج منها قد لا يكون مضموناً. وهنا يأتي السؤال الأهم: هل تدرك السعودية، أن الغرق في المستنقع اليمني، سيكلفها كثيراً على الصعيد الاستراتيجي المتعلق بسياستها الخارجية، وأن النتائج ستنعكس على الداخل السعودي؟

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق