التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

تناقضات السياسة السعودية ومخاطرها علي المنطقة 

المتتبع للسياسة السعودية في المنطقة خلال السنوات الماضية يرى بوضوح التناقضات التي تنطوي عليها هذه السياسة ويكتشف بسهولة المخاطر الجمّة التي تشكلها على مستقبل ومصير هذه المنطقة.

والامثلة التي سنسوقها ونسلط الضوء من خلالها على هذه السياسة تبين لنا بوضوح الأخطاء الجسيمة التي ترتكبها السلطات السعودية في تعاطيها مع أحداث وتطورات المنطقة والتي تنذر  بإلحاق أضرار  كبيرة على استقرار  وأمن دولها وشعوبها على المدى القريب وشكل ومصير  العلاقات التي تربط فيما بينها على المدى البعيد.

وأوضح هذه الامثلة هو ما تتبناه الرياض في تعاملها مع الازمة العراقية من خلال دعمها للجماعات الارهابية والتكفيرية والمتطرفة وتزويدها بالسلاح والاموال وكل ما تحتاج اليه لضرب وحدة وأمن واستقرار الشعب العراقي وهو ما كشفته الادلة الدامغة والقاطعة التي حصلت عليها السلطات العراقية التي تسعى حالياً لتخليص البلاد من الهجمة البربرية الشرسة التي تشنها تلك الجماعات لاسيما تنظيم ” داعش” الارهابي الذي يحتل مناطق كبيرة من العراق ويقتل أبنائها وينهب ثرواتها ويستبيح أعراضها تحت غطاء ديني مزيف يلقى الدعم الكامل من ” رجال دين ” سعوديين يطلقون “الفتاوى ” التي تبيح قتل العراقيين وتسوغ للجماعات الارهابية ارتكاب أبشع الجرائم بحق هذا الشعب بدلاً من التعاون معه لتخليصه من براثن الارهاب وتمكينه من استعادة أمنه واستقراره واعادة بناء بلده الذي دمرته الاموال والاسلحة السعودية ومعها العديد من الاطراف الغربية وعلى رأسها أمريكا وبعض الدول الاقليمية من بينها قطر  وتركيا.

وما تقوم به السعودية من نشر  لقواتها وحفر خنادق على حدودها مع العراق والذي يكلفها أموالاً طائلة بحجة التصدى للجماعات الارهابية التي قد تتسلل من العراق الى داخل اراضيها لايمكن أن يحد من خطر هذه الجماعات – على فرض قبول مزاعم السعودية بأنها تحارب الارهاب – وكان من الاولى للرياض أن تضع إمكاناتها المادية والتسليحية الهائلة تحت تصرف العراق وتتعاون معه بجدية في محاربة الارهاب الذي بات يهدد أمن واستقرار جميع دول المنطقة.

وكان من الاجدر أيضاً بالسلطات السعودية أن لا تصب الزيت على النار  من خلال تحريضها الازهر على اصدار  فتاوى تهاجم الحشد الشعبي في العراق الذي يحقق انتصارات باهرة لدحر الارهاب وهو ما اكده محمد البرادعي المرشح السابق لانتخابات الرئاسة المصرية .

وهكذا الأمر فيما يتعلق بسياسة السعودية مع سوريا ولبنان . فهناك وثائق كثيرة تدلل على أن الرياض دعمت وتدعم بقوة بالمال والسلاح الجماعات الارهابية التي تستهدف أمن واستقرار هذين البلدين بالتعاون مع الدول الغربية وفي مقدمتها اميركا ودول اقليمية كتركيا وقطر والتي يدفع الشعب السوري ضريبتها من دماء أبنائه وتسببت بتشريد الملايين منهم الى دول أخرى اضافة الى ما تحمله من اضرار  بالغة لحقت بإقتصاده وبناه التحتية في كافة المجالات.

اما فيما يتعلق بسياسة السعودية مع جارتها الجنوبية ” اليمن ” فلا يختلف الأمر عما فعلته وتفعله الرياض ازاء العراق وسوريا ولبنان . فالسلطات السعودية تدخلت ولازالت تتدخل في الشؤون الداخلية اليمنية من خلال محاولاتها فرض شكل النظام الحاكم في هذا البلد ومنع شعبه من تقرير مصيره بيده وهو ما قامت به الرياض بدعمها الواضح لنظامي الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي والرئيس الاسبق علي عبد الله صالح.

وتجلت التدخلات السعودية في اليمن أيضاً بمحاولة تحشيد دول اقليمية لاسيما دول مجلس التعاون لعقد اجتماعات في الرياض بهدف الطعن بشرعية الحكومة الجديدة في صنعاء التي تقودها “جماعة انصار الله ” التي تحظى بدعم كبير من قبل مختلف شرائح الشعب اليمني اضافة الى قيام السلطات السعودية بارسال السلاح الى الجهات المعارضة للحكم الجديد في اليمن وتحريض القبائل اليمنية الموالية لها لاسيما في المنطقة الشمالية المحاذية للحدود السعودية لاثارة المشاكل بوجه حكومة ” انصار الله ” ووضع العراقيل امام هذه الحكومة التي تسعى لانقاذ البلد من التدخلات الخارجية لاسيما الامريكية والسعودية وإعادة الامن والاستقرار  الى كافة المناطق التي تسعى الجماعات الارهابية كالقاعدة لزعزعة استقرارها بدعم من واشنطن والرياض رغم ادعائهما بالسعي لمحاربة الارهاب.

وفيما يخص البحرين يعلم الجميع كيف تدخلت السعودية في شؤون هذا البلد وأرسلت ما يعرف بقوات “درع الجزيرة” لقمع المطالب المشروعة والسلمية للشعب البحريني . ولكن بعد مرور اربع سنوات على انطلاق الثورة البحرينية لم تتمكن الرياض من اخماد جذوة هذه الثورة رغم القمع الشديد لها وهي الآن مطالبة بالخروج من البحرين كي يقرر شعبها مصيره بنفسه . وتجدر الاشارة الى أن التدخل السعودي في البحرين لا يحضى بدعم أغلب دول مجلس التعاون وهذا يعني ان الرياض قد تهورت في إتخاذ قرار  التدخل العسكري في البحرين.

هذه الامثلة وغيرها تبين بوضوح حجم التآمر الذي تضطلع به الحكومة السعودية لاثارة الفوضى في المنطقة وإعانة الدول الاجنبية على التدخل في شؤونها وتمهيد الارضية لها للهيمنة على مقدراتها والاستحواذ على ثرواتها على حساب كرامة ومصالح شعوب المنطقة التي ادركت وشخصت وأفرزت بشكل دقيق وواع، من هو الصديق الحقيقي الذي يريد لها الخير والتقدم والصلاح ومن هو العدو الذي يتربص بها لقتل ابنائها ونهب ثرواتها ووضع العصى في عجلة تقدمها خدمة للمشروع الامريكي – الصهيوني في المنطقة.

وفي الختام لابد لنا أن نتساءل : اليس حري بالسلطات السعودية أن تكون صادقة مع نفسها وأن تمد يدها للتعاون مع باقي دول المنطقة والعمل معها بجدية من أجل طرد الجماعات الارهابية وتعزيز  الامن والاستقرار  في هذه المنطقة، بدلا من الوقوف الى جانب أعدائها لاسيما وان ” السعودية ” تمتلك ثروات هائلة وترسانة ضخمة من الاسلحة التي اشترتها بأموال المسلمين والتي باتت تذهب الى اعداء الامة لقتل ابنائها والفتك بشعوبها من خلال دعم الجماعات الارهابية والتحريض على القتل رغم ادعائها بالوقوف ضد الإرهاب في أبواقها الإعلامية.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق