التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

شاب يروي بالتفصيل قصة انتمائه لداعش 

علي رحيم اللامي

تعد بلدة الكرمة التابعة لمحافظة الانبار من المناطق الساخنة والتي ينتشر فيها عناصر ما يسمى بداعش الارهابية اذ تغلغلت هذه العصابة بشكل غريب بين ابناء المحافظة لتندمج بينهم وتؤثر عليهم بشكل سلبي مما انتج عن هذا الاندماج والتاثر انضمام العديد من ابناء هذه المحافظة اليهم ليعملوا جنب الى جنب ويحترفوا الارهاب بأبشع صوره ..

طاهر الدليمي (46  سنة) أحد أبناء عشائر الأنبار الذي كان يقاتل مع «الدواعش» قبل أن ينسلخ عنهم ويعود إلى أهله «نادما» على حد تعبيره، ولتتقبله عشيرته بعد أن تأكدت أنه «لن يتورط بدم أي من أبناء العشائر الأخرى و(ما مطلوب) دم»، مثلما أوضح أحد أبناء عمه منتظرا أن «تتم تبرئته تماما وألا تطالب عشيرته بالثأر من قبل أي عشائر أخرى»، مثلما أكد ابن عمه، مشيرا إلى أن «مجتمع محافظة الأنبار عشائري تماما، وقوانين وأعراف العشائر هي السائدة أكثر من سيادة قوانين الدولة».

الدليمي قال «كنت مقاتلا في المقاومة ضمن كتائب ثورة العشرين إبان احتلال القوات الأميركية للعراق وخاصة في الفلوجة، وقد أبلينا بلاء مشرفا من أجل تحرير العراق من الاحتلال»، منبها إلى أن «المقاومة حق شرعي ووطني وواجب يفرض علينا كمسلمين وعراقيين، وكذلك كأبناء عشائر من أجل الدفاع عن قيمنا وشرفنا».

وعن الطريق الذي قاده إلى الانتماء إلى «داعش» وسبب ذلك، قال «بعد خروج القوات الأميركية من العراق ودخول اشخاص كانوا يحرضون على قتال كل من ينتمي الى الحكومة بحجة انها حكومة طائفية وتابعة لايران

هذا الامر وبفعل عوامل اخرى منها البطالة وسوء الخدمات أدت إلى احتقان كبير وصل إلى حد التظاهر والاعتصام في الرمادي والفلوجة وقد التحقت مثل غيري باعتصامات الرمادي

يستطرد قائلا «هنا كانت نقطة التحول في اتجاهاتي واتجاهات الكثير من أهالي الأنبار والفلوجة وكانت تنظيمات (داعش) تنشط بقوة في خيام الاعتصامات بالمحافظات السنية ورفعت شعارات مناصرة لمطالبنا، بل طرحت نفسها كبديل ثوري عن كل الشعارات والاعتصامات ، وكانت أعلام (داعش) ترفع في ساحات الاعتصامات باعتباره جهة مقاتلة ضد الحكومة لنصرة السنة».

مضيفا «عند ذاك انتميت مع الكثير من أبناء العشائر إلى داعش وقررنا رفع السلاح بوجه الحكومة والجيش العراقي والعمل على إسقاط العملية السياسية في بغداد»، موضحا أن «هدفنا كان التوجه إلى بغداد من الرمادي والفلوجة وديالى وتكريت وسامراء والحويجة والموصل، والخطط كانت موضوعة ووعدنا بأن هناك الآلاف من أنصارنا في العاصمة سيقفون معنا ومن بينهم ضباط سابقون وحاليون في الجيش العراقي».

يقول الدليمي (الداعشي السابق)، «اعتمدنا في البداية على ما عندنا من أسلحة وعملنا بنوع من الاستقلالية كوننا من ثوار العشائر ومتحالفين مع (داعش) الذي كانت قيادته حازمة معنا في ضرورة تنفيذ الأوامر الصادرة إلينا وعدم التصرف بمعزل عن التنظيم كونهم هم من يسيطر على المناطق التي نقاتل ضمنها ويجب أن تخضع كافة الفصائل الأخرى لأوامرهم، ومن كان يخالف هذه الأوامر فإن مصيره هو القتل باعتباره خائنا ومرتدا عليهم، ثم تلقيت مع عدد من أبناء عشائر الأنبار تدريبات في الصحراء الغربية الفاصلة بين العراق وسوريا، على أسلحة أخرى مثل ( بي كي سي) وقاذفات صواريخ (آر بي جي) ومدافع الهاون»، كاشفا عن أن «هناك ضباطا في الشرطة المحلية بل وفي الجيش كانوا يعرفون تحركاتنا ويرصدونها من دون أن تتخذ أي إجراءات ضدنا أو ضد مواطنين عرب كانوا متنفذين في التنظيم».

وتابع «كان بيننا يمنيون وسوريون وفلسطينيون وسعوديون وتونسيون وسودانيون، لكنهم لم يدخلوا إلى الأنبار أو الفلوجة في البداية بل اعتمدوا علينا نحن العراقيين في السيطرة على الأوضاع في المدن وتهيئة الأجواء لدخول بقية المقاتلين العرب».

وحول إذا ما كانت هناك اتصالات بين «داعش» وبعض الأجهزة الأمنية أو الحكومية في الأنبار، قال طاهر «لا أعرف بالضبط إذا كان هناك تنسيق على مستوى القيادة وبعض الضباط من السنة، لكنني كنت أتحرك بحرية سواء في الرمادي أو الفلوجة مع إخوة لي ومعروف عني أني كنت مع داعش، وبعض المسؤولين الأمنيين كانوا يطلقون علينا تسمية ثوار العشائر ويباركون جهودنا»، مشيرا إلى أن «مقاتلي (داعش) كانوا يحصلون بسهولة على ملابس رسمية للشرطة العراقية أو للجيش العراقي وسيارات تحمل أرقاما حكومية لتنفيذ عمليات هجومية على مراكز أمنية أو حكومية، وكانوا يقولون لنا إن هذه الملابس وحتى الأسلحة والسيارات هي من الغنائم التي يحصلون عليها في هجماتهم على الدوائر الحكومية». وأكد طاهر أن «تسليحنا كان يجري عن طريق الاستيلاء على أسلحة الجيش العراقي التي يتركونها ويفرون، كما كنا نهجم على مراكز للشرطة وعلى معسكرات أو مواقع للجيش العراقي ونغنم الأسلحة»، مشيرا إلى أنه «في بداية الأمر لم يكن تسليح داعش قويا أو متميزا بل كانوا يملكون أسلحة خفيفة ومتوسطة، لكن مع كل معركة أو هزيمة للقوات العراقية كانوا يغنمون أسلحة أكثر تطورا»،

 وقال ان قسوة (داعش) في التعامل مع الأسرى أو أفراد القوات الأمنية أو مع من يشكون بعدم ولائه لهم وذلك بقتله مباشرة خلق الخوف في نفوس الجنود والشرطة العراقية التي كانت تفضل الاستسلام على القتال مع أنهم كانوا يُقتلون على أيدي (داعش) إذا وقعوا في الأسر، وهذا ما حدث في الرمادي والفلوجة والكرمة والبلدات الغربية مثل حديثة وراوة وهيت».

ونفى طاهر أن «تكون (داعش) قد ذبحت أمام عينيه أيا من الرهائن الغربيين، فهذا في الأقل لم يحدث في الأنبار، لكنني شاهدت حالات إعدام فورية لرجال شرطة وجنود عراقيين جرت مداهمتهم وأسرهم وتقييد أياديهم وقتلهم فورا»،

وعن سبب تركه تنظيم «داعش»، قال طاهر «عندما انتميت إلى التنظيم كنت أعتقد أنهم بالفعل يريدون تحقيق مطالب شعبية، لكنني ومقاتلون آخرون كانوا في صفوف المقاومة اكتشفنا أنهم يريدون السيطرة على العراق وتحقيق أجندات بعيدة عن مطالبنا الوطنية، وأنهم بدأوا بممارسات أبعد ما تكون عن تعاليم الدين الإسلامي أو الأعراف العشائرية، وقد نفذوا الإعدام بعدد من ثوار العشائر الذين أرادوا الانفصال عنهم بسبب اعتراض الثوار على قتل العراقيين بلا أسباب والانتقام من بعض عشائر الأنبار لأنهم لم يؤيدوهم أو يصطفوا معهم».

 

هذه كانت قصة احد ابناء العشائر التي كشفها ولربما تكون هناك مئات القصص التي لم يكشف النقاب عن اسرارها بعد ، لتبقى حبيسة الخوف والندم الذي اختاروه بمحض ارادتهم المريضة..

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق