التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, مايو 19, 2024

من لبنان الى غزة…هزيمة عقلية الضعف 

عندما هزمت عقلية الضعف ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات

محمد محمود مرتضى

أن تأخذ حقك بقوة الارادة والسلاح، وتسترد ارضاً سليبة رغم انف العالم وجبروته ورغم طغيان الطغاة، لا شك أن ذلك لن يكون امراً عادياً، ولا يمكن له أن يكون كذلك، كيف والمهزوم هي “اسرائيل” ربيبة الغرب المستكبر كله.

لذلك لا يمكن للخامس والعشرين من ايار عام 2000 ان يكون تاريخاً عابراً، ليس لانه تاريخ تحرير وانتصار، بل لانه تاريخ بداية الانتصارات وأفول زمن الهزائم.

هو اول انتصار واضح على “اسرائيل” يرغمها على الانسحاب دون قيد او شرط ودون توقيع معاهدات واتفاقيات.

  • انسحاب لم يكن، وما كان له أن يكون، انسحاباً هادئاً، بل كان، وهكذا ينبغي له، انسحاباً صاخباً انكفأ فيه العدو من منطقة تلو الاخرى تحت ضربات المقاومة تارة، وزحف أشرف الناس تارة اخرى..فاختلطت فيه دموع الفرح مع زغاريد أعراس النصر ودماء الشهداء.

ست سنوات فقط كانت بين التحرير وحرب تموز، حيث خلدت الكثير من الصور. حفرت في الذاكرة، صور هي أشبه بالاساطير.

وبقدر ما كانت هذه الانتصارات عميقة في وجدان اللبنانيين خاصة، والعرب والمسلمين عامة، بقدر ما كانت الهزيمة عميقة في وجدان وذاكرة الصهاينة وحلفائهم؛ لأنه هشّم اسطورة عُمل على بنائها منذ تأسيس الكيان الغاصب.

ولذلك نفهم لماذا كانت حرب تموز، ولماذا كان الانتقام من مدينة بنت جبيل تحديداً كرمز لخطاب تاريخي كشف حقيقة كيان أُريد له ان يظهر على انه فولاذي لا يقهر وإذا به “أوهن من بيت العنكبوت”.

فشل جنوب لبنان عام 2006 اريد له ان يمحى من الذكرة من بوابة غزة عام 2008، لكنه الفشل مرة اخرى، اخفاق يعقب اخفاقاً، فكان لا بد من فتح الادراج ونبش الملفات علّهم يجدون ما يمكن أن يساعد في الحرب على المقاومة والممانعة. فوجدوا ضالتهم في الحروب والفتن المذهبية. ما نفع في الحرب على الاتحاد السوفياتي حتماً سينفع في تقسيم العالم العربي والاسلامي، وبدل التحشيد على العدو ” الملحد ” الشيوعي، يتحول الخطاب الى عدو “كافر”، او خصم ” مرتد” او قريب ” فاسق”.

وبعد ان انتشرت الفتن ها هم يحاولون من جديد في غزة، علّهم ينجحون بعد محاولات سابقة فاشلة، مراهنين على انشغال العالم الاسلامي بـ”داعش” العراق وسوريا و”دواعش” الانظمة العربية، لكنه الفشل من جديد.

فقد كشف السفير الاميركي الاسبق جيفري فيلتمان بعد حرب تموز 2006 أن الادارة الاميركية صرفت اكثر من خمسماية مليون دولار من أجل تشويه صورة المقاومة .

ربما نجحت الحملة في مكان ما بسبب الفتن المتنقلة، ولكن والحق أقول، انه رغم أهمية الدعم الشعبي للمقاومة، الا أنه لو كان للتظاهرات أن تحقق الانتصارات لتحررت فلسطين منذ زمن بعيد بل لما كانت اغتصبت بالاصل، ولما وصل العدو الاسرائيلي الى قلب بيروت، ولما احتلت الولايات المتحدة العراق، ولما نهبت ثروات العالم العربي والاسلامي..

  • وحدها التضحيات تحقق الانتصارات، بمقاومة واعية، وشعب مضحي.

نعم صرف الاميركيون مئات الملايين من الدولارات لتشويه صورة انتصار، قد ينجحون في مكان، ويفشلون في آخر، ولكن تبقى الحقيقة الثابتة التي لا يمكن تشويهها: ان آلاف ملايين الدولارات لن تستطيع ان تمحي الهزيمة من نفوس العدو .

وما دامت الهزيمة راسخة في نفس العدو ووجدانه وذاكرته، فإن فعل المقاومة قد حقق هدفه وغايته.

إن قيمة انتصارات جنوب لبنان وغزة وإفشال المؤامرة على سوريا، انه هزم عقلية الضعف والوهن التي زرعت في وجدان الامة منذ عقود.

وعندما هزمت عقلية الضعف هذه كان حقاً أن يقال : ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات.

 

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق