التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

قد تكون نصيحة 

ثقافة ـ الرأي ـ

كل طاقة بشرية مزدحمة، تعلن بدء تفتحها أنها لن تتقيد. انها لا ترى ما يمتدحونه مهماً، انها تتجاوز، انها تقدم جديداً، انها انها…، صِيَغ مختلفة لهذا الكلام.

وهو ليس كلاماً سيئاً من حيث الرغبة في التجاوز وليس سيئاً من حيث الرغبة في التجديدِ. هو سيىء، هو مضلّل بسبب عدم معرفة الطريق الصحيح للتجاوز وعدم معرفة السبيل للتجديد.

المشاريع لا ينجزها الكلام. لا تنجزها الرغبة وحدها مهما كبُرَتْ المشاريع، أدبية، صناعية، فنية…، ينجزها التمكّن المعرفي وامتلاك المواد الأساس والمهارة أو الدِرْبة. وهذه لا تأتي من فراغ، من حماسة، وفورة، الشعور بالأهمية.

هي تأتي من القراءة والتأمل، من الرؤية والاستنتاج، من الممارسة واستخلاص النهج أو الأسلوب. كلام الاولاد مهما كان جميلاً لا يليق بالكبار وهو لا يليق بجدية العمل وجدّية الانجاز!

التطور الفردي يسير على هذا المنوال: التكرار والتحسن والتقليد والإضافة والنفاذ وزحزحة المدى. هذا نوع متدرج من إعادة الخلق أو بدء الإبداع!

ولن يتم هذا من دون امتلاك المزايا الداخلية، هذا يعني بإيجاز ممارسة الحرية في التقليد، يعني اختراق طرق جديدة من خلال المتيسّر المتفوّق، يعني التوغل في النصوص، والمشاهدة، لمضامين مخفية من اكتشافنا نحن! هذه طرق للوصول.

الاستهانة بالنماذج علامة الخَرافة الأولى، علامة الانحدار من الشروع بالعمل الجاد إلى تبجّحات اللاجدوى. نماذج الأدب أو نماذج الفن، نصوصاً، لوحاتٍ، أداءً، شخصيات او أساليب، تمنح الجديد في تكرار الرؤية لها، في تكرار القراءة وفي تكرار التماس مع التجربة.

في هذه يظهر نوع من الكتابة متميز، نوع من الإبداع الفني متفوق على ما رأيناه من قبل. لتكن رواية أو أشعاراً أو لوحات أو رقصات اوفنّ غناء..

القارئ الجيد أو الرائي الجيد، حين يكون جاداً، يريد أن يجدّد، عليه أن يخرج بأنموذج ينتمي إليه وان يحقق خطوة في التطور.
الأديب اللفظي، كثير اللغط، يفيض ثناءات أو كراهات ويظل في دائرة الوهم بأنه مهم وأنه يبدع حتى وهو يقلّد أو وهو يستلف..

ما يصنع الفارق بين القارئين هو المزايا الداخلية والقدرة على التمييز والاحترام والفهم الجديد ومع هذه كلها، الشرط الأساس، أعني الازدهار الداخلي !

التبجح كثير، وإظهار النفس بمظهر الكبار كثير، والتعابير الفضفاضة كثيرة، لكن ضآلة الإنتاج والصغر الحقيقي وافتقاد الأصالة واضحة وكل منها كثير أيضاً!

المرء يتحسن بالتماهي مع النماذج العظيمة، إنسانية أو إبداعية، حياةً أو عملاً فنياً. وكل إعادة احترام- وهنا تعني إعادة فهم الأعمال الكبيرة، خطوة تطور كبيرة. وخطوات التطور هذه مثلما هي للنفس، هي للأدب كله. وهي أيضاً درجات جديدة للسلّم تتقدم عليها أجيال وراءك قادمة، هي أيضاً تريد أن تصل!

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق