الطبيعة البشرية في مفهوم الدكتور علي الوردي
· * فهيمة عبدالعزيز البرزنجي
تناول عالم الاجتماع الدكتور علي الوردي الطبيعة البشرية في العديد من كتبه ومقالاته .. وأولى اهتماما كبيرا لطبيعة الفرد في المجتمع العراقي الذي ينتمي إليه.
تطرق في دراساته العديدة في هذا المجال إلى مفهوم الشخصية والآنوية والباراسايكولوجية لتكون له منطلقا لفهم طبيعة المجتمع ككل وتأثير كل ذلك على عادات وتقاليد المجتمع التي قد تختلف عن عادات وتقاليد مجتمعات أخرى في تباين الآراء والأحكام والسلوك المجتمعي …وقد تفرد الراحل بآرائه القيمة عن الشخصية العراقية وتأثرها بمجريات الأحداث والموروثات والحروب والنزاعات التي مرت على العراق إبان عهود حكمه واحتلاله من دول أخرى كالدولة العثمانية والانكليز وقبلهم المغول والفرس ..
مفهوم الشخصيــــة :
==========
للدكتور الوردي رأى في تكوين الشخصية ..فهو يعتقد أن هناك علاقة جدلية بين الوراثة والمحيط في بلوَرَة الشخصية ..وتتشكل الشخصية الإنسانية للفرد نتيجة تفاعل مجموعتين من العوامل هما الوراثة والمحيط..فالفرد يحمل صفات يرثها من أبويه كالشكل والأجهزة العصبية والهرمونية , كما تؤثر البيئة التي ينشأ فيها الفرد كالبيت والأصدقاء والمجتمع , وقد يختلف تأثير هذه العوامل من شخص إلى آخر ..ويعتقد الدكتور الوردي أن ليس للإنسان يد في صنع شخصيته إلا ضمن حدود معينة , والعلم الحديث يؤكد صحة نظريته ..فالإنسان ابن بيئته ..يتأثر بالأسرة والمدرسة والأصدقاء والأعلام …وأيضا مكنونات ذاته ..
العقل البشري :
=======
يعد العقل البشري من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان , يتميز به عن الحيوان, بالعقل يستطيع أن يميز بين الخير والشر , والخطأ والصواب , وقد وردت آيات بينات في كتاب الله العزيز عن عظمة وأهمية هذه النعمة الآلهية ..ولعالمنا الجليل رأى يخالف رأى الفلاسفة القدماء الذين احتكموا للعقل في كل صغيرة وكبيرة وعدّوه الأساس في أحكامهم ..فهو يقول :” إن عظمة العقل ليست مطلقة فهي لها حدود تقف عندها ” , ويصف رأى الفلاسفة في تعظيم العقل أنه خطأ ومثالي, مؤيدا رأى الفيلسوف الحديث ورائد علم النفس وليم جيمس الذي يعدُّ العقل عضواٌ خلقه الله جلَّ في عُلاه للإنسان لمساعدته في تنازع البقاء , كما خلق الخرطوم للفيل ..والمخلب في الأسد والسيقان للغزال والسم للعقرب , مضيفا أن العقل ليست وظيفته التوصل للحقيقة كما كان قدماء الفلاسفة يتصورون ..بل هو الوسيلة التي تُمكٍّن الإنسان من النجاح في الحياة أو تُمكنَه من التغلب على خصمِه أو خصم الجماعة التي ينتمي إليها ..فالحياة الاجتماعية هي ميدان صراع دائم يحاول كلُّ فريق التغلب على خصمه, لذلك فهو يستعمل عقله لاكتشاف الوسيلة التي تمكنه من ذلك ..وانطلاقا من رأيه هذا ألف كتابه الشهير ” مهزلة العقل البشري ” مؤكدا رأيه أن العقل لا يسيطر على الطبيعة البشرية , بل الطبيعة البشرية هي التي تسيطر على العقل وتسيِّره.
العقل الباطن :
=======
يعد الدكتور علي الوردي أن اللاشعور عند الإنسان هو من أهم العوامل التي يقوم عليها السلوك الإنساني , لأن الإنسان لا يسلك في حياته بناء على ما يمليه تفكيره الواعي وإرادته , لأن في أعماق النفس البشرية حوافز خفية تدفعه نحو ما يقوم به من سلوك دون أن يشعرَ بذلك …كما أنه سخِرَ من التفكير العقلاني ومن أن للحقيقة وجها واحدا ..وقال : إن العلم الحديث اكتشف بطلان هذه النظرية ,وأن للحقيقــــــــة أوجـــــــها متعــددة
طباعة الخبر
ارسال الخبر الى صديق
في ثقافة وفن
