التحديث الاخير بتاريخ|السبت, مايو 18, 2024

سيناريو ضبط سفينة اسلحة إيرانية ، لم يصدقه حتى الإسرائيليون !! .. 

 

الدكتور حسن عبد ربه المصري *

 عملية قرصنة بحرية في المياه الدولية لسفينة صغيرة تحمل علم بنما وقعت يوم الأربعاء 5 مارس الجاري بالقرب من ميناء بورسودان المطل على البحر الأحمر ، تحولت الى استعراض مسرحي قامت بإخراجه مخابرات دولة الاحتلال والعنصرية ليقوم ببطولته منفرداً رئيس وزرائها !! ويفتتح عرضه الأول من فوق منصة مؤتمر إيباك السنوي !! أملاً في الإلهاء والتسلية ووضع السم في العسل ..

في عرض البحر وبعيداً عن حدود الدولة العبرية بآلآف الأميال ، قام قراصنة الوحدة البحرية 13 التابعة لها بإعتراض السفينة ” كلوس سي ” و توقيفها ثم تفتيشها وإستجواب طاقمها ( 17 فرد من تركيا وأذربيجان وجوريجا ) وإستجوابهم ، الأمر الذي ترتب عليه إتخاذ قرار بالإستيلاء عليها وإصطحابها مخفورة بمعرفة بارجتين إسرائيليتين – خشية الفرار في عرض البحر – من المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حتى ميناء إيلات الفلسطيني العربي المحتل لعرض ما كانت تحمله من اسلحة مهربة الى منظمة حماس بغزة على وسائل الإعلام العالمي ..

عملية القرصنة لفتت أنظار الكثيرون حول العالم ، وكان بعضهم على إستعداد أن يصدقها إذا ما توافرت لها عوامل المصداقية والشفافية ..

لكن لما تابعوا عن قرب رئيس وزراء إسرائيل وهو يعلن في واشنطن – قبل أن تصل السفينة المختطفة الى مكان التحفظ عليها وتأمينها وعرض ما عثر على سطحها من اسلحة أمام الرأي العام العالمي – أنها تحمل عشرات ” الصواريخ من طراز M 302 سورية الصنع ” التي يصل مداها الى ما بين 100 و 200 كيلو متر ، أسقطوا من حسابتهم كافة الاعتبارات العملية والعلمية التي يمكن القياس عليها ، لأنهم وجدوا ان ” ما جرى على لسانه من حديث مهترأ ” الفرصة كاملة أن يتعمقوا في كلامه ويفندونه ، ومن ثم يحق لهم أن يُسفهوا ما نطق به ويبينوا ما فيه من عوار وتجاوزات وأكاذيب وإفتراءات وحجج واهية ..

كشفت الأقاويل المبتذلة أن الإصطناع المخبراتي ردئ الى أبعد حد ، واتفق المحللون على أنه لا يدع مجالاً للشك او لخلط الأوراق ، أن ..

نيتنياهو خطط لإفتعال هذه الأكذوبة لكي يبعد الأضواء عن الأجندة الأصلية المتفق عليها مع البيت الأبيض لمشاركته في مؤتمر ايباك السنوي والذي كان مخصصاً بالكامل لمناقشة إيجابيات وسلبيات إطار إتفاق السلام المتنازع عليه مع الجانب الفلسطيني ، لتقيم الجهد الذي بذلته واشنطن في هذا الخصوص عبر رحلات وزير الخارجية جون كيري منذ شهر يوليه الماضي ..

ورتب مع قادة جماعات الضغط اليهودية الأمريكية لكي يحرف جميع الأطراف المتداخلة في هذا الملف ، الإدارة الأمريكية والكونجرس ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع ، بعيدا عنه الى ناحية إيران التي لم تكن مدرجة على جدول المؤتمر السنوي ..

نتنياهو أراد أن يستغل الموقف الصعب الذي وجد فيه الرئيس الأمريكي نفسه في ضوء التطورات المتسارعة التي لحقت بملف قضية أوكرانيا ، لكي يزيد من حجم الضغوط التي صار يتعرض لها بسبب ما يوصف بأنه ” تراجع أمريكي أمام تشدد روسي ” ويدعي أن إتفاق إيران مع مجموعة خمسة + واحد الذي تم اقراره قبل نهاية شهر نوفمبر الماضي ، يمثل ”  تنازل ضخم وغير واقعي ” لصالح جمهورية ايران الإسلامية ” لم يكن له ما يبرره ” ..

من جانبنا نكرر مرة أخرى وليست أخيرة ..

إيران بسياساتها المتوازنة وقدرتها على توظيف الإستراتيجيات لخدمة أهداف شعبها في السيادة و المسقبل المشرق ، تمثل بالنسبة لدولة الإحتلال والعنصرية ” عقبة ” يجب حرمانها من كافة النجاحات التي تتحصل عليها بمجهودها وقدراتها التكتية حتى لا تتعرف بها مجموعة 5 + 1 بحقها في أن تكون قوة أقليمية يستعان بها بندية ، لذلك أدخل نفسه على إمتداد أكثرل من ثلاثة أشهر في فشل يلتوه فشل لكي يجهض هذا الإتفاق ولكنه لم ينجح !! فكان أن فكر في إعداد هذه المسرحية العبثية لكي يعلن عن إفتتاحها في نفس توقيت تواجده في واشنطن ..

وقام جهاز مخابراته بإعداد هذا النص المسرحي المتوافق مع هذه المعطيات الذي لم يقتنع به أحد حتى الإعلاموين داخل إسرائيل نفسها ..

من افضل التهكمات التي عثرت عليها في هذا الشأن .. ما كتبته صحيفة معاريف في عدد يوم 6 مارس ، حيث تندرت بشدة على كم المصادفات التي تلاقت معاً لصنع هذه المهزلة التي قُصد منها تقديم الدعم المادي لدعاوى رئيس وزراء إسرائيل المفضوحة بقصد إزاحة الستار عن واحدة من أقذر عمليات الإدعاء الكاذب ..

– سقوط السفينة في يد فرقة القرصنة تطابق مع توقيت إلقاء خطاب نتنياهو أمام المؤتمر السنوي لمنظمة إيباك ، الذراع الاقوى في مجال الدفاع عن مصالح دولة الإحتلال والعنصرية على مستوى الولايات المتحدة ، فكان أن خرج نتيناهو عن سياق الكلام الذي يلقيه وأذاع النبأ على الحضور بإعتباره صدمة للمجتمع الأمريكي الذي يدافع عن سياسات رئيسه الخارجية ..

– إقتحام السفينة بمعرفة قوات بحرية إسرائيلية تحت حماية مقاتلاتها الحربية على مبعد عدة ألآف من الاميال ، أدهش معلقوا العالم الديموقراطي الذي تساءل عن حقها في القيام بما وصوفه بـ ” العمل الإجرامي ” وتساءلوا كيف سكتت واشنطن عليه ولم تدنه او تشجبه ؟ ..

– قال نتنياهو أن عشرات الصواريخ ذات الرأس الحربي التي عثر عليها فوق سطح السفينة  سورية الصنع ، يصل مداها الى ما بين 100 الى 200 كيلو متر ، كان من شأنها أذا ما بلغت نهاية مكان تسليمها أن تكسر ” توازن القوى مع قطاع غزة ” لو وصلت الى ايدي حماس لأنها – أي الصواريخ – تتفوق على قدرات منظومتي القبة الحديدية  و العصا السحرية اللتين أقيمتا لمواجهة الصواريخ المنطلقة من داخل قطاع غزة في اتجاه إسرائيل ..

– ولم يكتف بأن يقول أن العملية عليها بصمة إيرانية يقف وراءها الحرس الثوري / فيلق القدس !! بل توسع في وصف الخطة بالكامل .. أكد أنهم قاموا بنقل الصواريخ من سوريا الى إيران حيث وضعت في صناديق ” مموهه ” ثم نقلت الى العراق !! ثم الى المياه الخليجية حيث ابحرت بها السفينة الى مدخل البحر الاحمر الجنوبي !! وقبل ان تفرغ حمولتها في ميناء بورسودان لكي تنقل من داخله الى إريتريا ومنها الى سيناء ثم الى قطاع غزة عن الطريق البري !! وقعت الغنمية في يد قراصنة دولة الإحتلال والعنصرية ..

هذه الصور السينمائية الهليودية – كما وصفت بعض وسائل الإعلام الأوربية – لم تستهلك من وقت نيتنياهو الشئ الكثير ، لأنه انتقل وبسرعة الى مقصده الأساسي وهو الإساءة الى جمهورية إيران الاسلامية والتعريض لسياساتها السلمية والطعن في حرصها على استقرار السلم والأمن الدوليين ، بالإدعاء بلا دليل ملموس أنها ..

– تساعد المنظمات الإرهابية الناشطة في قطاع غزة وتزودها بالسلاح ..

– أنها لم تتنازل عن سياساتها العدوانية ..

– ولم توقف مخططات زعزعة الإستقرار في الشرق الأوسط ..

– وأنها تواصل تضليل العالم عن طريق إبداء الإستعداد للتعاون معه ، بينما تستمر في مساندة الإرهاب من الباب الخلفي ..

هذه المقدمة المزيفة الركيكة المستهلكة زينت له أن يطالب بـ

1 – إعادة النظر في التقارب مع نظام الحكم الإيراني بموجب إتفاق نوفمبر 2013 ..

2 – إلغاء ما وصفه بالتنازلات غير المبررة التي مُنحت لطهران ..

3 – إجبارها على التنازل عن برنامجها النووي حتى لو كان سلمياً ..

4 – وقف مسلسل تخفيف العقوبات المفروضة عليها وأعادة تجميد أرصدتها ..

5 – التوقف عن ترديد المخاوف المحتملة نتيجة القيام بحملة عسكرية ضد أهدافها الحيوية ..

6 – إلغاء اي تنسيق جرى أو سيجري معها في القريب العاجل حول دور مؤثر لها في بعض الملفات الإقليمية مثل أفغانستان والعراق وسوريا ..

فهل تتفاعل مراكز صنع القرار الأمريكي بإيجابية مع أكاذيب رئيس دولة الاحتلال والعنصرية وتسارع بالضغط على إدارة الرئيس باراك أوبا لكي يستجيب لدعاويه الباطلة تجاه جمهورية إيران الاسلامية ويعيد واشنطن الى حلبة التجاذب التي لم تجن منها شيء ذو وزن على مدى اكثر من ثلاثة عقود ؟؟ ..

من ناحيتي لا اظن انها ستفعل ، وان فعلت فلن يتجاوب معها الرئيس ..

وإن غداً لناظره قريب ..

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق