التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, أبريل 26, 2024

أهواء الجامعة العربية.. هل تنقذ الأكراد وسوريا 

تتعاطى الجامعة العربية مع أوجاع الشارع العربي بانتقائية فاضحة، ولهذه الجامعة مزاجها الخاص الذي يتغير بين شهر وآخر وبين حدث وآخر وبالنسبة لدولة وأخرى، وهذه الجامعة التي جمّدت عضوية سوريا في العام 2012 اجتمعت يوم السبت من دون سوريا للدفاع عن سوريا، في مشهد لو ذكرناه لأحفادنا في المستقبل لسخروا منا وضحكوا علينا، ولكن هذا هو الواقع المرير، فهل تستطيع الشعوب العربية تغييره؟.

الشعوب العربية حقيقة يائسة من هذه الجامعة التي لم تعد تحمل هموم القضايا العربية، بل أصبحت مكاناً “للتفرقة” و”تسيس القضايا”، لذلك لا يعوّل عليها كثيراً، والأفضل أن توفر الدول المبالغ التي تدفعها لبعثاتها الدبلوماسية وتستخدمها في قضايا تخدم بلادها أفضل بكثير، لأن لهذه الجامعة يد واضحة في تخريب سوريا ولها يد كبرى بما يجري في اليمن وليبيا وحصار قطر والظروف التي تمرّ بها لبنان وما يجري للقضية الفلسطينية، ومع ذلك اجتمعت هذه الجامعة بكل (…..) لتقول إنها اليوم تدافع عن سوريا وعن سيادتها وعن وحدة أراضيها، أين كانت هذه الجامعة في السابق وما سرّ حبها المفاجئ لسوريا؟.

الاجتماع الذي عقدته الجامعة (12 اكتوبر 2019) خرج ببيان ختامي أدان عملية “نبع السلام”، معتبرين أنها تمثل خرقاً لميثاق الأمم المتحدة وتهديداً للأمن العربي والدولي.

وطالبت الجامعة العربية بوقف فوري لعملية “نبع السلام” العسكرية التركية، التي تشنها أنقرة على مناطق تحت سيطرة القوات الكردية شمال شرق سوريا منذ 9 أكتوبر/تشرين الأول.

وقال الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، إن استخدام اللاجئين كورقة مقايضة في مواجهة الجانب الأوروبي “يعكس انحداراً جديداً غير مسبوق”، ولفت إلى أن التلويح بهذه الورقة “ليس من الأخلاق، وليس من الإنسانية، وليس من الإسلام”، في إشارة إلى تهديدات الرئيس التركي بالسماح لملايين المهاجرين بالتوجّه إلى أوروبا.

وأضاف أبو الغيط، في كلمته على هامش اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب بالقاهرة: “إن أهل سوريا، عرباً وكرداً، هم أهلنا، نتألم لألمهم ونهتم بمصيرهم رُغم تحفظات البعض على أجندات وتصرفات بعض الجماعات والتنظيمات الكردية”، حسب قوله.

فيما وصف الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي ما يجري بالاعتداء غير المقبول على سيادة دولة عربية عضو بالجامعة استغلالاً للظروف التي تمرّ بها والتطورات الحالية، وبما يتنافى مع قواعد القانون الدولي.

مصر التي دعت إلى هذا الاجتماع الطارئ، طالب وزير خارجيتها سامح شكري المجتمع الدولي باتخاذ كل التدابير لوقف “العدوان التركي على سوريا”، وقال شكري إن تركيا تحاول استغلال الوضع في سوريا لتبرير احتلالها، محملّاً تركيا المسؤولية الكاملة عن تبعات “عدوانها السافر” في سوريا.

أما وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش فقد أكد على ضرورة التركيز على الحل السياسي للأزمة السورية ودعم مهمة المبعوث الأممي، داعياً المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لوقف الهجوم التركي على سوريا.

وخلال الاجتماع طالب ممثلو عدة دول عربية إلى إعادة عضوية سوريا في الجامعة العربية، ومنهم وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم، والذي ترأس بلاده الجلسة الحالية للجامعة العربية.

ومن جانبه أكد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، جبران باسيل “أننا لا نجتمع اليوم ضد تركيا، نجتمع اليوم من أجل سوريا” حسب الوكالة الوطنية للإعلام، وتساءل باسيل “ألم يحن الوقت بعد لعودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية؟ .

السياسة واختلاف المصالح

جميعنا يعلم أن العلاقات بين العديد من الدول العربية، لاسيما السعودية والإمارات ومصر والبحرين ليست بالجيدة مع تركيا، نظراً لاختلاف النهج السياسي لهذه الدول وتعارض المصالح، وقد برز هذا الكلام واضحاً في “أزمة خاشقجي”، حيث استغلت تركيا الحدث وقامت بتسيسه قدر المستطاع للتشفي من السعودية على وجه التحديد، بالمقابل قامت بالسعودية بإجراءات مضادة وحاولت امتصاص الأزمة لكن دون جدوى، وفي نفس الوقت هناك خلاف بين السعودية وحلفائها مع الحكومة السورية، حيث ضخّت السعودية أموالاً ضخمة للمعارضة المسلحة التي دمّرت وجه سوريا الحضاري وجعلتها تنزف طوال السنوات الماضية، وبعد أن استطاع الجيش السوري القضاء على المسلحين واستعادة مساحات كبيرة من أراضي البلاد، اكتشفت السعودية أنه لا جدوى من معاداة الحكومة السورية وبدأت تمهّد الطريق لعودة العلاقات، إلا أن سوريا لن تعود بسهولة هذا أولا، أما ثانياً: أوليس تآمر بعض الدول العربية، هو من سمح للأتراك باختراق الجسم السوري والاعتداء على السيادة السورية.

ما تقوم به تركيا اليوم نتيجة وليس سبباً، لأن المسبب لوصول تركيا إلى هذا النوع من التمادي والاعتداء هو فشل الجامعة العربية في اتخاذ قرارات حكيمة لمصلحة الشارع العربي والدول العربية، ولو كانت قراراتها حكيمة، لما حصل ما حصل في سوريا ولبنان وليبيا وقطر، أين هي هذه الجامعة مما يحدث في اليمن، لماذا لا تتناول الأزمة اليمنية وتدين من يعتدي على اليمن وتنقذ الشعب اليمني من هذا الدمار الذي سبّبته لها دول عربية، عضو في الجامعة العربية.

على هذه الجامعة أن تكون منصفة بحق الشعوب العربية، وأن تدافع عن هموم الشارع العربي في الوقت المناسب، وليس بناءً على أهواء بعض الدول ولمصلحة بعض الأنظمة السياسية العربية دوناً عن غيرها، وإلا فهي ليست جامعة وإنما مكان “للتفرقة” وتمرير أجندات خاصة على حساب شعوب هذه الأمة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق