التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, أبريل 26, 2024

واشنطن والعزف على أوتار البقاء في سوريا 

اتبع ترامب منذ وصوله إلى السلطة نهجاً نجح في تحقيقه مع المملكة حيث قال صراحةً بأن السعودية دولة غنية جداً وستعطينا جزءاً من ثروتها، وفي حال بقي الأمر كذلك نعتقد بأن واشنطن حتى نهاية حكم ترامب ستأخذ أكثر من الجزء الذي كانت تبحث عنه في السعودية، والأسباب كثيرة في هذا المضمار لعل أبرزها، فشل سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في السياسة الداخلية والخارجية واستغلال واشنطن لإخفاقات الأمير الشاب دفعها لجرّه إلى إخفاقات متتالية لتحصل على المزيد من المال.

اليوم العيون تتجه نحو سوريا والمئة مليون دولار التي منحتها السعودية للتحالف الدولي تحت ذريعة تعزيز الاستقرار في سوريا وإعادة الإعمار في مدينة الرقة السورية التي دمّرها التنظيم الإرهابي بالكامل، وهذا الكلام بطبيعة الحال يفتح باب التساؤل عن أسباب تقديم هذا المبلغ للتحالف الدولي بقيادة واشنطن في هذا التوقيت بالذات؟!.

قبل عدة أشهر طالبت أمريكا على لسان رئيسها مشاركة الشركاء في تحمّل عبء تعزيز الاستقرار في سوريا لحماية المكاسب العسكرية التي تحققت ضد داعش، وتحدث ترامب حينها بأن على السعودية تحمّل تكاليف البقاء في سوريا إذا كانت تريد ذلك، وحالياً نعتقد بأن واشنطن ضغطت في هذا الاتجاه لعدة أسباب مستغلةً تورّط السعودية بمجموعة من الملفات:

أولاً: هذا الدعم يأتي بعد أيام قليلة على مجزرة أطفال ضحيان في صعدة شمالي اليمن التي خلفت الخميس الماضي 51 قتيلاً بينهم 40 طفلاً، ولا نعتقد أنه من قبيل الصدفة أن مجلس الأمن لم يمنح أي صلاحيات للتحقيق في هجوم التحالف السعودي الإماراتي على حافلة الأطفال، بحسب ما كشفت المندوبة البريطانية لدى الأمم المتحدة كارن بيرس.

وما يثير القلق أن بيرس قالت: “في الماضي كان التحالف يقوم بمثل هذه التحقيقات بنفسه، وهم لديهم مركز خاص للتحقيق في انتهاكات القانون الإنساني الدولي، وكما يبدو فإن التحالف هو من سيجري التحقيق في الهجوم، لكن السؤال: هل سيوفي التحقيق بمتطلبات المصداقية والشفافية؟ لا نعرف، علينا انتظار النتائج”.

كيف يمكن لتحالف قام بعشرات المجازر بحق اليمنيين العزّل وتحدثت عن جرائمه كل الصحف العالمية الصديقة منها والعدوة، أن يقوم بمثل هذا التحقيق، هل من المنطق أن يدين نفسه؟!.

ثانياً: لتحقيق مآربها ضغطت السعودية في ملف ثانٍ يتعلق بحرية الرأي داخل السعودية، ولعبت على أوتار حساسية السعودية من هذا الملف ولكونها تعلم جيداً بأنها لن تستطيع أن تفعل ما فعلته مع كندا، عمدت إلى استخدام الأسلوب نفسه لتحصل على ما تريده من المال، فقد أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء الماضي، بياناً جديداً، ووجهت طلباً عاجلاً بشأن اعتقال الناشطين المدنيين في السعودية.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت في الإيفاد الصحفي اليومي: إن واشنطن “تحترم الحق في حرية التعبير، وهذا أمر ندعمه بحزم في كل مرة يتم التطرق فيها إلى هذه المسألة”، مشيرة إلى أن مسألة المحتجزين يتم تناولها مع السلطات السعودية باستمرار.

وجددت الإدارة الأمريكية قلقها من اعتقال ناشطين مدنيين في السعودية، وحثت الرياض على ضمان تنفيذ الإجراءات القانونية بحق المعتقلين، “بشكل شفاف وعادل”، قائلة إن أمريكا “تدافع بحزم وفي كل المحافل عن حرية التعبير”.

ثالثاً: ما تقدّم يقودنا إلى البحث عن مصلحة أمريكا في توجيه كل هذا الضغط نحو السعودية، لدعم التحالف في سوريا، ويمكننا أن نتنبأ بأن هناك أمرين آخرين يدفعانها للقيام بذلك:

1- الآن العلاقة مع تركيا تشهد توتراً كبيراً على جميع الأصعدة وإن كانت أمريكا تفكّر جدياً بالخروج من الشمال الشرقي السوري، اليوم نعتقد بأنها تريد تأخير ذلك لتعزيز قوة الأكراد وبالتالي عدم خسارة هذه الورقة في الضغط على تركيا التي لديها حساسية عالية من هذا الموضوع.

2- تريد أمريكا بطبيعة الحال إطالة أمد الأزمة السورية لكونها تحقق لها العديد من المكاسب في محادثاتها مع الدول الكبرى وتستطيع من خلالها التفاوض بشكل أقوى وفي نفس الوقت تسحب ما تريده من أموال السعودية نزولاً عند رغبة الأخيرة في بقاء أمريكا هناك، فالرياض أيضاً خرجت من سوريا دون أن تحصل على أي مكسب بعد أن انهارت جميع الجماعات المسلّحة التي كانت تدعمها، لذلك قد تعتقد السعودية بأن بقاء القوات الأمريكية هناك لمصلحتها وهذا غير صحيح والزمن سيكشف للسعودية أي خطأ جديد ترتكبه في تلك البلاد.

بكل الأحوال بقاء القوات الأمريكية في سوريا غير قانوني وستخرج لا محالة وهي تعلم هذا الأمر لكنها تريد استغلال ما يمكن استغلاله هناك قبل الخروج.

أما للسعودية فنقول: هل يعقل أن من دعم الإرهاب في سوريا لسبع سنوات متواصلة يريد اليوم إنقاذها ولو كان الأمر كذلك بعد كل هذه الأموال لدعم الاستقرار هناك لكانت سوريا اليوم أكثر مدن العالم أمناً، ولكان اقتصادها من أقوى الاقتصادات، ولكن الفكرة تكمن لمن تعطى هذه المبالغ وما الغاية منها، حيث تبين أن الغاية تخريبية أكثر منها عمرانية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق