- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

اجتماع جامعة الدول العربية والرسالة التي تم نقلها

عقد الاجتماع السنوي الثاني والثلاثون لرؤساء الدول العربية يوم الجمعة 29 مايو باستضافة المملكة العربية السعودية في جدة. كان لهذا الاجتماع اختلاف واضح عن الاجتماعات الأخرى لجامعة الدول العربية، بحضور الرئيس السوري بشار الأسد بعد 12 عامًا، وكذلك حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

تشير تطورات هذا الاجتماع وبيانه الختامي إلى حقائق مهمة:

أولاً؛ جاء حضور بشار الأسد في اجتماع جدة بناءً على دعوة رسمية من المضيف، والتي لقيت ترحيباً واسعاً من قبل الأعضاء، واعتبر الجميع عودة دمشق إلى الجامعة العربية وعداً بمستقبل مشرق لهذه الجامعة.

في هذا الصدد؛ أيدت الدول العربية في خطاباتها وفي البيان الختامي رسمياً الحكومة السورية والأسد شخصياً وشددت على ضرورة توحد الدول العربية في دعم دمشق لإرساء الاستقرار والأمن وإنهاء الإرهاب وانسحاب القوات الأجنبية غير الشرعية من هذا البلد.

وفي الإطار ذاته، كان ترحيب مضيف الاجتماع “محمد بن سلمان” ولي عهد المملكة العربية السعودية الحار والرسمي بالأسد وتعبيره عن سعادته بحضور الاسد في هذا الاجتماع، موضوعًا للعديد من وسائل الإعلام العالمية.

كما نقلت قناة الشرق الإخبارية نقلاً عن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان كما جاء في البيان الختامي لاجتماع جدة تأكيده على تعزيز التعاون المشترك بين الدول العربية، وأن السعودية تأمل أن تنهي عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية الأزمة في هذا البلد.

وأضاف إن السعودية ستبحث أيضًا العلاقات بين سوريا والأوروبيين، وتابع: من وجهة نظر الرياض، لا يمكن للوضع الحالي في سوريا أن يستمر، إن إيجاد حلول حقيقية للأزمة في سوريا ممكن فقط من خلال التعاون مع حكومة دمشق.

وقال “أحمد أبو الغيط”، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في لقاء صحفي مع وزير الخارجية السعودي: “فيما يتعلق بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، يجب أن نتصرف بعيدين عن وجهات نظر الدول الأجنبية”.

وعلى الجانب الآخر؛ كان حضور زيلينسكي كضيف لإلقاء خطاب فقط في هذا الاجتماع، ولم يكن لدى الحضور أي التزام تجاه أوكرانيا لا في الكلمات ولا في البيان الختامي.

ورغم أن زيلينسكي حاول خلق جو عاطفي حول هذا اللقاء والرأي العام بإيماءاته الهوليوودية، إلا أن الجامعة العربية في النهاية لم تدعم مواقفه واكتفت بالتشديد على ضرورة إنهاء الأزمة وتحقيق السلام.

ومن المثير للاهتمام؛ بالتزامن مع كلمة زيلينسكي، تمت قراءة رسالة “فلاديمير بوتين” إلى هذا الاجتماع، وأكد على تعاون موسكو مع الدول العربية في إطار المصالح المشتركة، ووصف هذه العملية بأنها مستمرة.

أظهر هذا التزامن محاولة جامعة الدول العربية لعب دور الوسيط، وهو ما تم بوضوح مع تخطيط بن سلمان لاستعادة مكانة جامعة الدول العربية العالمية بعد سنوات من التقاعس الإقليمي والعالمي.

وما تجب ملاحظته في لقاء جدة، على الرغم من حضور زيلينسكي في هذا الاجتماع، هو المزيد من الضعف لموقف أمريكا بين حلفائها القدامى. على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام وصفت وجود زيلينسكي بأنه علامة على تقارب هذا الاتحاد مع الولايات المتحدة، إلا أن هذا الاجتماع كشف مرة أخرى عن بُعد الدول العربية عن الولايات المتحدة.

على الرغم من أن الدول الغربية شددت على تقديم الأسلحة والدعم المالي لأوكرانيا في اجتماع مجموعة السبع في اليابان وقبل ذلك، لم يتم التطرق إلى مساعدة كييف في اجتماع جامعة الدول العربية، ولم يتم ذكرها حتى في البيان الختامي.

هذا النهج المخالف لرغبات الولايات المتحدة تبنته جامعة الدول العربية، بينما في الوقت نفسه، تبنت جامعة الدول العربية، في بيانها الختامي قضايا مثل التسوية العادلة للقضية الفلسطينية، ووقف التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتقدير اهتمام المملكة العربية السعودية بتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق النمو الاقتصادي في المنطقة، ودعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني، وزيادة الجهود العربية لمساعدة سوريا على تجاوز الأزمة وتعزيز الظروف المناسبة لعودة اللاجئين السوريين، ودعم اجتماعات طرفي النزاع السوداني في جدة ، وانتخاب رئيس للبنان وتشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن، ودعم استمرار سلسلة المساعدات الغذائية الأساسية للدول العربية، ودعم جهود دمج القوات المسلحة الليبية وتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم جهود الأمم المتحدة في هذا البلد، والترحيب بالاتفاق بين السعودية وإيران لتفعيل اتفاقية التعاون، حيث يتم تحقيق الأمن والاقتصاد للطرفين.

كل هذه القضايا هي نفس المبادئ التي أعلنت أمريكا مرارًا وتكرارًا معارضتها للعديد منها أو وضعت الحجارة في طريق تحقيقها. وبشكل أكثر دقة؛ يمكن النظر إلى الرسالة الرئيسية لاجتماع جامعة الدول العربية على أنها تضاؤل لدور أمريكا في المنطقة والمزيد من النهج الواقعي بين هذه الدول للابتعاد عن أمريكا كحل نهائي لإنقاذ المنطقة من سنوات من الأزمات وعدم الاستقرار.
المصدر/ الوقت