- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

ماذا وراء تصريحات الإسبان المستمرة حول مبادرة الحكم الذاتي للصحراء

تحدث وزير الدفاع الإسباني الأسبق والرئيس السابق لأجهزة الاستعلامات، خوسي بونو، عن علاقة مدريد بالمغرب ودورها فيما يتعلق بالصحراء، مؤكدا أنه “على إسبانيا أن تتعايش مع جارها الطيب وصديقها”.

ودافع الوزير الاشتراكي السابق، على مبادرة الحكم الذاتي المقدمة من طرف المغرب لتسوية الخلاف حول الصحراء، معتبرا أنها تعد الحل “الأكثر مصداقية وعقلانية”.

وأضاف بونو في مقابلة على قناة “لاسيكستا” الإسبانية “لقد سئم الصحراويون من أولئك الذين يعرضون عليهم قرارات الأمم المتحدة فقط، وما يريدون هو أن يعيشوا ولا يموتوا من الجوع”، مصرا على “أنهم بحاجة إلى حلول وليس قرارات”.

في هذا السياق، دافع عن أن هذا القرار “بلا شك” يفيد الشعب الصحراوي، مضيفا “إنه الموقف الأكثر مصداقية والأكثر منطقية للشعب الصحراوي”.

وقال إن “مقترح المغرب هو الأكثر مصداقية والأكثر منطقية، وهذا ما اعترفت به قوى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإسبانيا”، مرحبا بدعم بلاده لمقترح المغرب بشأن قضية الصحراء”.

في هذا السياق، دافع الرئيس السابق لمجلس النواب، عن أن هذا القرار “بلا شك” يفيد الشعب الصحراوي، مضيفا “إنه الموقف الأكثر مصداقية، والأكثر منطقية للشعب الصحراوي”.

وقال ان خطة الحكم الذاتي المغربية “تصب بلا شك في مصلحة ساكنة الصحراء، التي تحتاج إلى حلول وليس إلى قرارات”.

وحذر بونو من ما وصفها أطروحات “راديكالية لا تفيد أحدا باستثناء جبهة البوليساريو، التي لا تعمل بكيفية ديمقراطية”.

وطرأ هذا التحول على موقف المسؤولين الإسبانيين في منتصف مارس مع تصريح وزير الخارجية الإسباني “خوسيه مانويل ألباريس”، أمام الصحفيين في برشلونة.

وعن أصل المقترح الذي أثار أزمة بين المغرب والجزائر وفيما بعد اسبانيا، فإنه مقترح مغربي، إذ عرضت الرباط “مبادرة التفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء” في 11 أبريل 2007، في استجابة لدعوات مجلس الأمن الدولي الذي يتولى النظر في هذا النزاع.

وارتأت الحكومة المغربية أن هذه المبادرة تمثل الحل الوحيد لإنهاء النزاع القائم منذ العام 1975 مع جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الإقليم مدعومة من الجزائر.

وانضمت بذلك إسبانيا إلى كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا التي ترى المقترح المغربي “جديا وذا مصداقية”، فضلا عن الاتحاد الأوروبي الذي تربطه اتفاقيات اقتصادية مهمة بالمغرب.

لكن هذه الأطراف تؤكد في الوقت نفسه على أن أي حل يجب أن يكون في إطار الأمم المتحدة، وأن يكون مقبولا من كلا الطرفين.

وترفض جبهة البوليساريو والجزائر خطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لحل النزاع في منطقة الصحراء المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.

وتصفه بأنه “محاولة لفرض الأمر الواقع في ظل وهم الحل السياسي المقترح”. وتحذر من أن مضمون وأسس وأهداف ما يسمى الحكم الذاتي في الصحراء قد شكل سابقة خطيرة تهدد أساس الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة.

وتؤكد الجزائر أن “منح أي مصداقية للقوة القائمة بالاحتلال ولما يسمى مقترح الحكم الذاتي سيعني، وللمرة الأولى منذ إنشاء الأمم المتحدة، إضفاء الشرعية من قبل المجتمع الدولي على احتلال وضم إقليم والسيطرة على شعبه بالقوة”.

وقالت الرئاسة الجزائرية “إن موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، ويساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وبالمنطقة قاطبة”.

وعلى خلفية موقف مدريد من قضية الصحراء الغربية، علقت الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها مع إسبانيا قبل 20 عاما.

كما أعلنت جمعية البنوك الجزائرية، في بيان، أن الجزائر حظرت كل الواردات من إسبانيا. ومنعت الجمعية كل البنوك في البلاد من أي عملية توطين بنكي لعمليات الاستيراد والتصدير مع إسبانيا.

وعلى اثر القضية ذاتها سحبت الجزائر سفيرها في إسبانيا للتشاور منذ شهر مارس/آذار الماضي، بسبب الخلاف المتعلق بالموقف الإسباني الجديد من الصحراء الغربية.

وتعود التصريحات الإسبانية التي تظهر بين الحين والآخر الى3 عوامل أساسية، أولها ملف الصحراء الذي أدى لتفجرها نتيجة لتغير موقف الحكومة الإسبانية من معارضة مقترح الحكم الذاتي الذي قدمته المغرب في 2007 إلى قبوله، بل والنظر إليه على أنه أكثر الحلول المطروحة للقضية قابلية للتطبيق. الموقف الإسباني أدى لمتتالية تصعيد فاقمت الأزمة.

وتأتي الأزمة في إطار من حرب روسية على أوكرانيا، ما دفع دولا أوروبية، وحتى الاتحاد الأوروبي نفسه، إلى تبني تقارير تؤكد أن الأزمة رتبت لها روسيا لإحداث وقيعة أوروبية قبل قمة مدريد، ما يقود لتوجيه أصابع الاتهام إلى الجزائر في الأزمة.

الغاز الجزائري كان أحد أهم أسباب تصاعد الأزمة بقدر ما كان أحد عوامل كبتها. إذ أدى لتفاقمها بعد إعلان الجزائر نيتها إعادة تسعير عقود الغاز. كما كان أحد أهم عوامل كبتها نتيجة أزمة الطاقة التي خلفتها الحرب الروسية على أوكرانيا.

كان الاتحاد الأوروبي منحازا ومتسرعا في مساندة إسبانيا التي ارتفع صوتها بالغا حد التهديد. وبلغ تحيز الاتحاد الأوروبي درجة التلويح بتأثير الأزمة على اتفاقية الشراكة مع الجزائر. وهو ما دفع دولا عدة للتدخل لفصل مسار الأزمة عن الاتحاد الأوروبي، والحرص على استمرار ضخ الغاز الجزائري لأوروبا.
المصدر/ الوقت