التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مارس 28, 2024

عملية المفاوضات بين إيران والسعودية… الإشارات والمتغيرات 

مع انطلاق القمة الـ 76 للأمم المتحدة في نيويورك يوم الثلاثاء، وجد رؤساء الدول مرةً أخرى الفرصة للتعبير عن آرائهم حول مختلف القضايا الدولية.

وفي هذا الصدد، ألقى الملك سلمان، ملك السعودية، الذي تردد الكثير من الأخبار والمعلومات حول صحته في الأشهر الأخيرة، كلمةً عبر الإنترنت.

بدء المحادثات بين طهران والرياض في الأشهر الأخيرة، فضلاً عن وصول الحرب اليمنية إلی طريق مسدود، کان من القضايا التي كان من المتوقع أن تعطي نظرةً مختلفةً لکلمة الملك السعودي، لكن ما حدث كان تكرارًا لاتهامات لا أساس لها ضد إيران وعدم الاستعداد لإنهاء الحرب في اليمن.

ارتباك السياسة الخارجية السعودية لتجاوز الأزمات

إذا نظرنا إلى خطاب العاهل السعودي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيمكن من ناحية أن نشير إلی محاولاته للرد على الانتقادات الدولية المتزايدة لمسؤولية السعودية المباشرة عن خلق أزمة إنسانية في اليمن، من خلال استمرار الحصار واستمرار الحرب في هذا البلد؛ ومن ناحية أخرى هروبه إلى الأمام عبر انتقاد برنامج إيران النووي السلمي، للتقليل من دور السعودية المزعزع للاستقرار والتدخل في المنطقة؛ من الأوضاع الحالية في لبنان واليمن إلى القضايا السابقة، بما في ذلك حصار قطر ودعم الإرهاب في العراق وسوريا، والتخطيط لانقلاب فاشل في تركيا وقمع مباشر ومستمر لثورة الشعب البحريني وما إلی ذلك.

وفي حين أن مخاوف السعودية بشأن انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة وتقليل التزامات واشنطن الأمنية، وكذلك جهود الانسحاب من المستنقع اليمني، أجبرت السعودية على إجراء تغييرات في سياستها الإقليمية، لكن إصرار الملك سلمان على ضرورة تنفيذ ما يسمى بخطة السلام السعودية بشأن الحرب في اليمن باعتبارها الحل الوحيد للأزمة، يظهر عدم رغبة الرياض في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

إن إرسال الرياض لإشارات متناقضة ينبغي اعتباره نتيجة الارتباك والاختلاف بين الهيئة الحاكمة السعودية، لتجاوز المشاكل والأزمات القائمة في هذا البلد في مجال السياسة الخارجية.

السياسة الخارجية العدوانية للسعودية في الفترة التي تلت تولي الملك سلمان السلطة وتحوُّل محمد بن سلمان إلی صانع القرار الرئيسي في هذا المجال، فشلت مع مرور الوقت في معظم الملفات الكبرى، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك التحريض المكلف والحاسم على الحرب في اليمن.

السعودية الآن، وبعد ست سنوات من الحرب غير المثمرة، وإنفاق مليارات الدولارات، ليس فقط لم تقترب حتی من الأهداف الأصلية للحرب، بل إن الأمن الإقليمي السعودي وخاصةً شرايينه الاقتصادية الحيوية، يتعرض لتهديد غير مسبوق من الصواريخ والطائرات بدون طيار اليمنية.

کما أن التراجع أمام قطر ورفع الحصار عنها في وقت سابق من هذا العام، هو مثال آخر على الافتقار إلى البصيرة في طليعة القرارات الحاسمة لحكام الرياض. وفيما يرتبط ببعض المواضيع أيضًا، أدت الخلافات بين العائلة المالكة إلى مثل هذه الإشارات المتناقضة.

وعلى الرغم من تدهور الحالة الصحية للملك سلمان، إلا أنه يبدو أنه لا يزال يقاوم بعض قرارات ابنه وتصريحاته. على سبيل المثال، بعد وقت قصير من حديث بن سلمان عن المصالح المشتركة للسعودية والکيان الإسرائيلي، انتقد الملك سلمان علنًا اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً للکيان الصهيوني، واصفًا خطة السلام العربية بأنها الحل للأزمة الفلسطينية.

التقدم المحتمل للمفاوضات

لا شك أن متغير الحرب اليمنية له أهمية خاصة في مسار ونتائج المفاوضات بين إيران والسعودية.

وتأتي مخاوف السعودية بشأن استهداف منشآتها النفطية، فضلاً عن أمن خطوط أنابيب النفط البحرية في البحر الأحمر والخليج الفارسي، على رأس أهداف الرياض في المفاوضات. ويعتمد حل هذه القضايا على قبول السعوديين لواقع اليمن اليوم.

إن النظر إلی اليمن کحديقة خلفية واستمرار اعتماد حكومة صنعاء على الرياض، لا مكان له في واقع اليمن اليوم. ولحل مشاكلها مع صنعاء، يجب على الرياض أولاً إنهاء تدخلاتها، وخاصةً استمرار الحرب والحصار على هذا البلد. وبالطبع، من الممكن بعد ذلك التوصل إلى اتفاقيات إقليمية، للنظر في المصالح الأمنية للجميع على أساس رابح-رابح.

في الوقت الحالي، وعلى الرغم من أن المسؤولين السعوديين لم يبدوا أي مؤشر على تغيير موقفهم من اليمن، إلا أن موقف الجانب الإيراني يؤكد على تقدم المحادثات الثنائية.

وفي هذا الصدد، أفادت وكالات الأنباء يوم الأربعاء الماضي أن وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان التقى بمسؤولين من الدول الخليجية، بما في ذلك السعودية والكويت وقطر ومصر والأردن، وأن أمير عبد اللهيان قال في هذه المحادثات إن تعزيز العلاقات مع الجيران هو الأولوية الرئيسية للحكومة الجديدة.

واليوم أيضاً، أشار السفير الإيراني في بغداد إلى أن “المحادثات مع السعودية تتقدم بسرعة”، معربًا عن أمله في أن تحقق هذه المحادثات نتائج ملموسة. وكانت الحكومة العراقية الوسيط الرئيسي، والعراق المكان الرئيسي للمشاورات الدبلوماسية بين المسؤولين الإيرانيين والسعوديين في الأشهر الأخيرة.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق