التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 20, 2024

الأكراد ولغز ترحيل القوات الأمريكية 

مازال قرار البرلمان العراقي بشأن طرد القوات الأجنبية من البلاد في 5 يناير 2020، في قلب النقاش السياسي والأمني في هذا البلد منذ أسبوعين. في هذه الأثناء، لا شك أن القوات الأمريكية هي أهم قوة يستهدفها هذا القرار، وعلى الحكومة العراقية اتخاذ خطوات لترحيلها.

في هذا الصدد، شهدنا مؤخرًا قيام الحكومة العراقية بمراجعة علاقاتها الأمنية مع الأمريكيين، وقد صرح العميد “عبد الكريم خلف” المتحدث باسم القوات المسلحة العراقية، أن قرار ترحيل القوات الأجنبية قرار سيادي ويشمل جميع الأراضي العراقية، بما في ذلك إقليم كردستان، لأنه جزء من العراق، کما أن إقليم كردستان ليست لديه مشاكل بهذا الصدد أيضاً.

ولكن على الرغم من تأكيد الحكومة العراقية على الحاجة إلى إنهاء الوجود الأمريكي في العراق، فقد شهدنا في الأيام القليلة الماضية لقاء رئيس حكومة إقليم كردستان السابق “مسعود بارزاني” مع القنصل العام الأمريكي في أربيل “ستيفن فاجن” من جهة، ومن جهة أخرى التصريحات التي أدلى بها رئيس حكومة إقليم كردستان “نيجيرفان بارزاني”، والتي حملت معارضةً ضمنيةً للانسحاب الأمريكي من العراق بسبب احتمال عودة داعش.

كذلك، تشير بعض المصادر إلى أن حكومة إقليم كردستان قد أعطت ضوءًا أخضر لبناء أربع قواعد عسكرية، بما في ذلك قاعدة “حرير” في إقليم كردستان.

السؤال الذي تطرحه هذه الأحداث مجتمعةً هو، ما هي أهداف وهواجس المسؤولين السياسيين في أربيل؟ وهل بإمكان الأكراد توفير الأساس لبقاء القوات الأمريكية في شمال العراق؟

لماذا تريد أربيل بقاء الولايات المتحدة في العراق؟

لطالما كان أكراد العراق يأملون أن يرافقهم الأمريكيون على طريق تحقيق الاستقلال والانفصال من العراق، منذ انتفاضة “الملا مصطفى البارزاني” ضد مختلف الحكومات العراقية، والتي بدأت في عام 1961 واستمرت حتى عام 1975، لكن ما رآه الأكراد حتى الآن كان وما زال الخيانة ونکث العهود.

مع ذلك، على المستوى الأولي، على الرغم من هزيمة الأكراد في كركوك وعودة 51٪ من المناطق الخاضعة لسيطرة الإقليم إلى حضن بغداد، في الظروف العراقية المتأزمة الجديدة، يأمل الأكراد من ناحية أن يساعدهم الأميركيون على طريق تحقيق حلم الاستقلال وسط حالة التوتر مع بغداد. وفي هذا الصدد، يمکن الإشارة إلی تصريحات السناتور الجمهوري “ماركو روبيو” المقرب من ترامب، والذي ردَّ على قرار البرلمان العراقي بتغريدة في 5 يناير، قال فيها: “ربما حان الوقت لاستقلال إقليم كردستان الذي يُدعى شمال العراق حالياً”.

من ناحية أخرى، فإن الأكراد العراقيين قلقون بشأن انسحاب القوات الأمريكية من العراق على مستويين. في المستوى الأول، يخشون بشدة أنه إذا غادر الأمريكيون، فإن داعش سيهدد مرةً أخرى حدود الإقليم من خلال حشد قواته وإعادة تنظيمها. وثانياً، يشعر الأكراد بالقلق من أنه إذا ما غادر الأمريكيون، فسوف يفقدون ميزان القوى ضد الحكومة المركزية، ويكونون في موقف ضعيف أمام بغداد.

ومع ذلك، فإن القضية الآن هي أن هذه المخاوف ليست بأي حال من الأحوال عذرًا حقيقيًا وصحيحًا للأكراد لتجاهل الدستور العراقي، وهذا لن يكون في مصلحة أربيل في المدى المتوسط والطويل.

الأكراد ومخاطر بقاء القوات الأمريكية في شمال العراق

على الرغم من رغبة الأكراد في أن يظل الأمريكيون في العراق، يمكن القول إنهم من ناحية غير قادرين على القيام بذلك، ومن ناحية أخرى سيواجهون تهديدات كبيرة على المدى الطويل لحماية مصالحهم وإنجازاتهم الحالية. وفي هذا الصدد، يمكن تقديم الحجج الأربع التالية:

1- وفقًا للدستور العراقي، يعد إقليم كردستان جزءًا من الأراضي والسيادة العراقية، وأي قرار برلماني في بغداد ملزم أيضًا لحکومة الإقليم. وبالتالي، من الناحية الدستورية لا يملك الأكراد أي مبرر قانوني لدعم أو اتخاذ إجراءات لبقاء القوات الأمريكية.

2- حكومة إقليم كردستان والشخصيات السياسية الكردية، ومن خلال الأخذ بدروس التاريخ، يجب أن يكونوا على دراية بأن الثقة في أمريكا لن تکون نتيجتها سوى الخيانة والتخلي عنهم في الظروف التاريخية الحساسة، مثل عام 1975. نتيجةً لذلك، إذا قبل الأكراد بالصراع مع بغداد بسبب دعمهم للأمريكيين، فيجب عليهم توقع هزيمة كبرى؛ لأن واشنطن أظهرت لجميع حلفائها، حتى في أوروبا وحلف الناتو، أنها ليست حليفاً موثوقاً به. وفي هذا الصدد لا يحتاج الأكراد بالتأكيد إلى إعادة قراءة تجربة الآخرين، لأن إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا هو أكبر درس يتراءی لحلفاء البيت الأبيض في السنوات الأخيرة.

3- على مستوى آخر، لن يكون لدعم الأكراد وربما تعاونهم لبقاء القوات الأمريكية في شمال العراق، أي نتيجة سوی الخلاف مع الجيران الإقليميين المتاخمين للعراق، وخاصةً جمهورية إيران الإسلامية. في الواقع، يجب أن يعلم الأكراد العراقيون أن الثقة في بلد يبعد عنهم أكثر من 10 آلاف كيلومتر، يجب ألا تقع ضحيةً للتعاون مع أحد أهم أصدقائهم ومؤيديهم في المنطقة أي طهران. أمريكا ستغادر المنطقة عاجلاً أم آجلاً، والأكراد في العراق هم وحدهم الذين يتعين عليهم معرفة التداعيات التي يمکن أن تترتب علی العداء والخلاف مع إحدى القوى الإقليمية المجاورة لهم. وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلی مسارعة إيران عن طريق الفريق الشهيد “قاسم سليماني” في تقديم المساعدة العسكرية لإربيل في المراحل الأولى من توسع داعش في العراق.

4- في المستوى الرابع، أظهرت تجربة الاستفتاء الفاشلة أن الظروف والإرادة الإقليمية والدولية تمنع أي تحرك للأكراد نحو استقلال العراق وتفككه، وحكومة الإقليم هي التي يجب أن تتخذ القرار المنطقي، وأن تكون واثقةً من أن إزالة مشاكلها الأمنية والاقتصادية ممکنة عبر العمل مع بغداد فحسب.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق