التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

لماذا يتهرب الشباب الاسرائيليين من الخدمة الالزامية؟ 

لم يشهد “كيان العدو” الاسرائيلي تهديدا وجوديا كما هو عليه الآن، إذ بدأت مؤسسته العسكرية تتآكل من الداخل، بعد أن فقدت هيبتها منذ حرب تموز 2006 وحتى اللحظة، وهذه التداعيات لا تزال قائمة حتى الآن، وما محاولات نصف الشباب الاسرائيليين الهروب من الخدمة الالزامية الا خير دليل على ذلك.

في الحقيقة المؤسسة العسكرية الحاكمة في الکیان الاسرائيلي لم تعرف ظاهرة الهروب من الخدمة كما هي اليوم سواء للأفراد أم للاناث رغم سيل المغريات والحوافز التي تقدمها المؤسستان العسكرية والسياسية لهم للانخراط في صفوف تلك المؤسسة، ومنها تقليل مدة الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي بمقدار أربعة أشهر لتصبح عامين وثمانية أشهر. (تستمر المرأة في الخدمة لمدة عامين).

وتفكر ايضا إسرائيل في تخفيض الخدمة العسكرية للرجال لمدة عامين لتتساوى مع النساء، بينما ستتم إطالة فترة خدمة وحدات النخبة لتصل إلى ثماني سنوات.

طرق التهرب

عبر الاستغلال للطرق القانونية المتاحة أو التهرب عن طريق السفر خارج الكيان الصهيوني باعتباره كيانا قائما على عسكرة المجتمع وهو في حالة حرب دائمة مع جيرانه العرب لكن في العقد الاخير أخذ اتجاه التهرب من الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال بالرفض العلني للخدمة العسكرية وأصبحت الشبيبة في اسرائيل في طليعة هذه الفئة والأقل رغبة في الانخراط ضمن الوحدات القتالية، وهذه الحقيقة هي التي نشرها قسم الموارد البشرية في جيش الكيان الصهيوني و وسائل الاعلام الاسرئيلية اذ تبين أن 25 بالمئة من الشبان الاسرائيليين في سن الثامنة عشرة اتجهوا إلى الدراسة في المدارس الدينية اليهودية للتهرب من الخدمة في الجيش في حين ارتفعت نسبة الذين يحاولون من الشباب اليهود التخلص من الخدمة العسكرية عن طريق الاعفاءات الطبية، أما نسبة المجندين الراغبين في الانخراط ضمن الوحدات القتالية في الجيش الاسرائيلي بعد حرب تموز مع حزب الله فقد انخفضت إلى 67.3 بالمئة وهي نسبة منخفضة عن مثلاتها في الاعوام التي سبقتها بحوالي 1.6 بالمئة.

مجددا كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، الأحد، عن رسالة بعث بها رئيس شعبة الطاقة البشرية بالجيش اللواء “موتي ألموز” إلى جميع ضباط الصحة النفسية بمكاتب التجنيد بعنوان “خطوات لوقف الارتفاع في الإعفاء النفسي”. وجاء في نص الرسالة التي أرسلها “ألموز” قبل أسبوعين ” مع افتتاح عام التجنيد 2020، شهد الجيش اتجاها واضحا ومقلقا يفيد بأن الكثير من الشباب وخاصة الذكور سيحصلون على إعفاء نفسي من الخدمة”.

ودعا المسؤول العسكري إلى “التحقق من أن قرارات الإعفاء النفسي يتم اتخاذها بشكل مهني ومسؤول”، وبحسب الصحيفة فإن هذه المعطيات “المقلقة”، تنضم إلى اتجاه انخفاض عام في عدد المجندين.

ووفق معطيات الجيش فإن ثلث (32.9%) من الشبان الذكور المفترض آدائهم الخدمة العسكرية سيطلبون الحصول على إعفاء لأسباب مختلفة في 2020.

ومع الأخذ في الاعتبار أن 15 بالمائة من المجندين يتهربون من الخدمة خلال مدة التجنيد، يكون نحو نصف الإسرائيليين لا يؤدون أو لا يملمون الخدمة العسكرية. كذلك فمن المتوقع أن يكسر الإناث في سن التجنيد هذا العام “الحاجز السلبي” بحصول 44.3 بالمائة منهن على إعفاء من الخدمة، وفق المصدر ذاته.

وللمقارنة، فإن ربع الشباب في سن الخدمة عام 2007 لم يتم تجنيدهم، وفي 2015 ارتفع هذا العدد بين الذكور إلى 26.9 بالمائة، وتجاوزت النسبة في 2019 الـ 30 بالمائة بقليل، لتصل إلى الثلث خلال العام الجاري.

الأسباب

يمكننا العودة في هذا الحال الذي وصل إليه الجنود الإسرائيليون إلى حرب تموز 2006 وحرب غزة، فبعد حرب تموز اكتسب المقاومون في المنطقة روحاً معنوية وقتالية تكاد لا تصدق، إذ كان الشارع العربي برمته تواقاً لحصول مثل هذا الانتصار الذي حصل في هذه الحروب، والذي جعل المؤسسات العسكرية الإسرائيلية والأمنية تراجع حساباتها جيداً وتقدّم إغراءات وميّزات للجنود لكي لا يفروا من جبهات القتال، حيث غيّرت الحروب الأخيرة موازين القوى وجعلتها في مصلحة أصحاب الأرض، إذ يشكّل اليوم الجندي العربي المقاوم رعباً حقيقياً لا يمكن تجاهله من أحد وهذا ما كان بحاجته كل عربي حر.

على سبيل المثال وفي خطوة لافتة ونادرة تدُلّ على مدى الهلع والفزع والتوجّس في “إسرائيل” من الفلسطينيين، يقول زئيف عوديد مناحم، وهو أخصائيّ علم اجتماع تربويّ إسرائيلي إن القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيليّ عرضت تقريراً عن حياة عائلة يهودية أرجنتينية تسكن في مستوطنات غلاف غزة، وحين سألوا الطفل الذي يبلغ من العمر 10 سنوات: ممّ تخاف بشكلٍ عامٍّ؟ كان جوابه: أنْ يخرج عربي من النفق ويأخذني أثناء نومي، على حدّ تعبيره.

وتابع الاختصاصيّ في علم الاجتماع: لا ننسى الحياة في الملاجئ وصوت صفارات الإنذار وبكاء الأمهات حين الهرب إلى الملاجئ، كلّ هذه الصور تجعلنا نبدو ضعفاء أمام الجيل القادم في حين تتكّون صورة في اللاوعي عند هؤلاء الأطفال أنّ تنظيم حماس هو “عدو وحشيّ قويّ لا يرحم” وأننا مهزومون، مُشدّداً على أنّ هؤلاء الأطفال سيصبحون جنوداً بعد ثمانية سنوات وأنا أتساءل: أيّ جيلٍ هذا الذي سيُدافِع عن “إسرائيل” وقد تربي على الرعب من أعدائنا؟، على حدّ وصفه.

في الختام؛ نتنياهو المهدد بالمحاسبة في اي لحظة حاول اقتناص فرصة لنفسه بعد التوترات الأخيرة بين ايران والولايات المتحدة الامريكية وكان يعتقد أن أمريكا ستحقق له أهدافه بإضعاف ايران لكن كل الحسابات جاءت معاكسة لتوقعات نتنياهو حتى في سوريا ولبنان والعراق وبالتالي لا يزال التهديد قائما في الوقت الذي تعاني اسرائيل من الداخل من تآكل مؤسستها العسكرية وضعف الروح المعنوية لجنودها.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق