التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

التوازن السياسي للمرجعية في الاحتجاجات العراقية.. المبادئ والأهداف 

لا يزال العراق يعاني من الاحتجاجات والاضطرابات، وجهود السياسيين العراقيين للتغلب على الأزمة لم تسفر عن أي نتائج، كما فشلت حزم الإصلاح السياسي والاقتصادي للحكومة في إرضاء المحتجين بإنهاء الاحتجاجات.

كذلك، بينما منح “عادل عبد المهدي” الأسبوع الماضي الكتلتين الرئيسيتين في البرلمان “الفتح وسائرون”، الفرصة للتوصل إلى اتفاق لانتخاب رئيس وزراء جديد، نتيجةً لخفض دعم جزء مهم من الائتلافات البرلمانية لاستمرار رئاسته لمجلس الوزراء، لكن ليس هناك أفق واضح للتوصل إلى اتفاق، ما جعل وضع عبد المهدي في هالة من الغموض.

من ناحية أخرى، بينما أقرت الحكومة بشرعية المظاهرات السلمية من قبل الشعب، والتي انطلقت في بداية أكتوبر، وخاصةً في بغداد والمحافظات الشيعية الجنوبية، احتجاجاً على البطالة ونقص الخدمات العامة والفساد السياسي والاقتصادي، لكن إجراءات قوات الأمن للقيام بمهمة الحفاظ على النظام والتي فرضت التعامل مع جزء من المتظاهرين الفوضويين، أدّت إلى زيادة التطرف في أجواء الاحتجاجات، ووفّرت لوسائل الإعلام الأجنبية الدعاية المناسبة لتأجيج الصراع الداخلي وتوسيع نطاق الأزمة.

وفقاً للمفوّض السامي لحقوق الإنسان في العراق، منذ بدء الاحتجاجات في 1 أكتوبر إلى 8 نوفمبر، قُتل 283 شخصاً وأصيب أكثر من 13 ألف آخرين.

في مثل هذا الوضع المضطرب، فإن إيلاء الاهتمام بالتوجهات الرئيسة لبيان آية الله السيستاني والتي تتضمن: 1. التأكيد على حق الشعب العراقي في تنظيم احتجاجات سلمية 2. ضرورة امتناع الحكومة عن التعامل العنيف مع المتظاهرين وتنفيذ الإصلاحات 3. التأكيد على عدم تدخل الأجانب ومصادرة إرادة الشعب العراقي، تدل على أن المرجعية الشيعية العراقية يمكنها أن تعمل كنقطة اتصال بين المحتجين والحكومة، وتوفر الأرضية للسيطرة على الوضع ومن ثم حل الأزمة.

في الواقع، يمكن القول إن المرجعية في العراق كانت المؤسسة الوحيدة التي حاولت في الشهر الماضي أن تكون جسراً بين الحكومة والشعب، من خلال تمثيل المطالب الشعبية.

ضرورة الفصل بين المتظاهرين السلميين والفوضويين المشاغبين

لقد كان العراق مسرحاً لمختلف المؤامرات المحلية والدولية في السنوات الأخيرة، والتي استهدفت استقراره وسلامته الإقليمية وتماسكه الداخلي واستقلاله.

وفي الاحتجاجات الأخيرة، كانت هناك تقارير مختلفة عن وجود عناصر مرتبطة بأجهزة المخابرات الأجنبية، وخاصةً الإمارات والكيان الإسرائيلي، لتوجيه بوصلة الاحتجاجات، وفي أحدث حالة، كشف الرئيس التركي عن هذا الأمر أول أمس، وهذه الحقيقة قد تجعل بعض المسؤولين في العراق يتسترون على حالة الاستياء الشعبية والمشكلات والتقاعس والفساد الاقتصادي.

وفي هذه الظروف، عالج آية الله السيستاني كلتا القضيتين، كما جاء في بيان صدر مؤخراً عن المرجعية الشيعية العراقية، حيث دعم البيان الاحتجاجات الشعبية، لكنه أكد على أن بعض العملاء والجماعات المحلية والأجنبية على السواء، تسبّبوا في الماضي باضطهاد وتعذيب الشعب العراقي، و “قد يسعون اليوم لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية لتحقيق بعض أهدافهم”.

الحيلولة دون الانسداد السياسي

كذلك، بينما أيّد بيان آية الله السيستاني الاحتجاجات الشعبية المشروعة بطريقة سلمية، دعم الحكومة لتنفيذ الإصلاحات ومطالب الشعب والتي قد تلعب دوراً مهماً في منع الجمود السياسي وتدهور الأوضاع في البلاد نتيجة الفراغ الحكومي.

قال البيان “إن أمام القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة فرصةً فريدةً للاستجابة لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفذ في مدة زمنية محددة، فتضع حدّاً لحقبة طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعية، ولا يجوز وجود مزيد من المماطلة والتسويف في هذا المجال، لما فيه من مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد”.

بناءً على ذلك، رحّب عادل عبد المهدي بتعليمات المرجعية في بيان له، قائلاً: “لقد تظاهر شعبنا من مدنيين وعسكريين ترحيباً بالخطبة المباركة، خصوصاً ما عبّرت عنه بالفرصة الثمينة التي يجب عدم تضييعها”.

إحباط المؤامرات ضد الحشد الشعبي

يمكن اعتبار أحد أهم خطوط عمليات التسلل الأجنبي في الاحتجاجات العراقية، هو إزالة الشرعية عن قوات الحشد الشعبي وتشويه سمعتها في أذهان الشعب العراقي.

خلال العام الماضي، مارست أمريكا الكثير من الضغوط على الحكومة العراقية لحل الحشد الشعبي، لكنها فشلت، وفي وقت لاحق، تعرّضت مقار الحشد للهجوم من قبل الطائرات المسيرة للكيان الإسرائيلي أيضاً.

ولكن مع انتشار الاحتجاجات في أواخر أكتوبر، أصدر مكتب آية الله السيستاني بياناً في 1 نوفمبر في خطبة الجمعة في كربلاء، شدد على الحاجة إلى تجنّب قوات الأمن مواجهة المتظاهرين.

وبعد صدور البيان، بدأ الإعلام الأجنبي في التصويب ضد الحشد الشعبي واعتبار بيان المرجعية بأنه يستهدف هذه القوات، لكن بيان آية الله السيستاني الأخير قد أبطل مفعول كل هذه الجهود.

جاء في هذا البيان: “إن أحباءنا في القوات المسلحة وأولئك الذين انضموا إليهم في محاربة إرهاب داعش والدفاع عن الشعب العراقي والأرض والمقدسات، لهم حق كبير على أعناق الجميع … يجب ألّا ننسى تضحياتهم ولا ينبغي أن يسمعوا كلاماً يشكك في تضحياتهم الكبيرة”.

ويأتي موقف آية الله السيستاني هذا في الوقت الذي تحاول فيه بعض وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، اتهام الحشد الشعبي بقتل المحتجين.
المصدر/ الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق