- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

اللجنة الدستورية السورية والتحديات المقبلة.. هل سيتم التوصل إلى حلول جذرية للأزمة السورية؟

خلال الأيام القليلة الماضية تم الإعلان عن هدنة لوقف عمليات إطلاق النار بين القوات الكردية السورية والجيش التركي والعناصر الإرهابية الموالية له وهذا الأمر أدّى إلى حدوث هدوء نسبي في التطورات الميدانية للأزمة السورية، وتبعاً لذلك تم الإعلان قبل أيام قليلة عن تشكيل لجنة دستورية للاهتمام بالتطورات الأخيرة التي تشهدها الساحة السورية.

وفقاً للاتفاقيات السابقة، سُتعقد الجلسات الأولى لصياغة الدستور السوري الجديد في العاصمة السويسرية “جنيف”، وتحقيقاً لهذه الغاية، عُقد قبل يومين اجتماع لوزراء الخارجية الضامنين للاتفاقيات التي تم التوقيع عليها في “آستانا” للتحضير لهذه الجلسة الأولية.

وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” ووزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” ووزير الخارجية التركي “مولود جاويش أغلو” عقدوا اجتماعاً تحضيرياً في “جنيف” للتوصل إلى الترتيبات اللازمة لاجتماع 30 أكتوبر.

وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن اجتماعات اللجنة الدستورية السورية انطلقت في “جنيف” يوم أمس الأربعاء الـ30 أكتوبر بمشاركة ممثلين عن الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بإشراف الأمم المتحدة، في وقت يجري فيه وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا مباحثات بشأن آلية عمل اللجنة.

وخلال كلمة له في افتتاح أعمال اللجنة، أكد “بيدرسن” أن الدستور القادم لسوريا سيكتبه السوريون وحدهم، وأشار إلى أن الإصلاح الدستوري يشكّل مدخلاً جيداً لتضميد الجراح بعد نحو تسع سنوات من الصراع العنيف، كما قال “بيدرسن”: “أعتقد أنها مناسبة تاريخية وبالطبع هي مسؤولية ثقيلة أن يلتقي 150 سورياً لبحث ترتيب دستوري جديد لبلادهم”.

وأضاف: “في النهاية هم سيحدّدون ما نوع الدستور أو الإصلاح الدستوري الضروري لسوريا”، أما رئيس وفد الحكومة السورية فقال إنه لا مانع من النظر في أي تعديل على الدستور الحالي أو تغييره “بحيث يطوّر واقعنا ويحدث تغييراً إيجابياً ينعكس على حياة شعبنا”.

وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، أن الأمين العام للأمم المتحدة، “أنطونيو غوتيريش”، كان قد أعلن قبل عدة أسابيع عن تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2011، وتتألف اللجنة من هيئة موسّعة من 150 عضواً تعين الحكومة والمعارضة الثلثين، بحيث تسمّي كل جهة 50 عضواً، بينما يختار المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن الثلث الأخير من المثقفين ومندوبي منظمات من المجتمع المدني السوري، فيما تتألف اللجنة المصغّرة من 45 عضواً بواقع 15 من كل مجموعة تتخذ قراراتها بموافقة 75% من أعضائها وبرئاسة مشتركة من الحكومة والمعارضة.

يذكر أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، أجرى “بيدرسن” محادثات مع وزير الخارجية السوري “وليد المعلم” في دمشق وشخصيات من اللجنة المشرفة على المفاوضات التابعة للمعارضة السورية في الرياض بشأن اللجنة الدستورية الجديدة وإطلاق سراح السجناء لبناء الثقة.

وعموماً، لم يستقبل السوريون تشكيل اللجنة الدستورية بترحاب كبير، لاعتقادهم أن المشكلة السورية ليست دستورية، كما أن كتابة دستور جديد ربما تستغرق زمناً طويلاً في ظل اتساع الهوة بين الحكومة والمعارضة حيال قضايا رئيسة.

الاجتماع الذي يفتقر إلى الترتيبات اللازمة والمقدمات الأساسية

كشف العديد من الخبراء السياسيين بأنه القوى الاقليمية والدولية تتحدث في وقتنا الحالي عن تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري، بينما لا تزال الساحة السورية تواجه أربعة مستويات من الأزمات الخطيرة وهي كالتالي:

قضية الجماعات الإرهابية: كشفت العديد من التقارير الإخبارية بأن قضية وجود الكثير من العناصر الإرهابية في مدنية إدلب السورية لا تزال حتى هذه اللحظة، وذلك لأن الحكومة التركية قدّمت ولا تزال حتى الآن تقدّم الكثير من الدعم المالي واللوجستي لتلك الجماعات الإرهابية في مدنية إدلب.

ويعتقد الكثيرون أن مدينة إدلب السورية أصبحت في وقتنا الحالي أخطر مكان في العالم وذلك لوجود الكثير من العناصر الإرهابية فيها، وبالإضافة إلى ذلك، كشفت العديد من التقارير الإخبارية بأن الجماعات المتطرفة المدعومة من تركيا تسيطر في وقتنا الحالي على جزء كبير من القطاع الشمالي السوري الواقع غرب وشرق الفرات، وبالتزامن مع وقوع هذه الأحداث تم الاعلان مؤخراً عن تشكيل لجنة دستورية سوريّة.

وجود قوات احتلال أجنبية: إن وجود قوات عسكرية تابعة لدول أجنبية في سوريا والتي يعتبرها الكثيرون بأنها قوات محتلة هو في حدّ ذاته عامل من شأنه التأثير بشدة على الاتفاقيات المتعلقة بعملية صياغة الدستور السوري الجديد.

وعلى الرغم من أن التحالف المناهض لتنظيم “داعش” الإرهابي الذي تقوده أمريكا كان في طريقه إلى تقليص وجوده في سوريا وحتى الانسحاب كلياً من كافة الاراضي السورية، إلا أن الوجود القوي للجيش التركي في المناطق الشمالية السورية يمكن أن يشكل عقبة رئيسية أمام مستقبل سوريا.

افتقار حكومة دمشق للسيطرة على الموارد النفطية في شرق البلاد: إن الحديث عن صياغة دستور جديد بالتزامن مع عدم سيطرة الحكومة المركزية على آبار النفط وحقوله، التي توجد عادة في مناطق “دير الزور” و”الحسكة”، يُعدّ أمراً غير مقبول وغير معقول. يذكر أن تصريحات “دونالد ترامب” الأخيرة بأن القوات الأمريكية سوف تبقى في سوريا لحماية آبار النفط وإعادة أرباحها إلى الأكراد قد غذّت الاضطرابات داخل الساحة السورية خلال الفترة القليلة الماضية.

قضية الأكراد: بعد الغزو التركي للمناطق الخاضعة لسيطرة القوات الديمقراطية السورية، شهدنا خلال الأيام الماضية مستوى عالٍ من التعاون والتقارب بين الأكراد السوريين والحكومة المركزية.

في الواقع، وبعد هذا التقارب الأخير، يمكن للأكراد أن يلعبوا دوراً مهماً في لجنة مراجعة الدستور السورية ويبدو أن دمشق وموسكو وطهران في وقتنا الحالي لا يعارضون ذلك، لكن القضية الرئيسة هي أن الحكومة التركية تعارض أي وجود للأكراد في المستقبل السوري، لذا فإن مسألة ما الذي سيقرره الأكراد فيما يتعلق بمعادلات سوريا المستقبلية وما إذا كانوا على استعداد لقبول قرارات التيارات الأخرى فيما يتعلق بمستقبل سوريا، يمثل عقبة خطيرة.
المصدر / الوقت