التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, أبريل 25, 2024

الإصلاح الهيكلي لمجلس الأمن الدولي… الضرورات والمبادرات 

إحدى القضايا التي أثيرت في الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، هي دعوة بعض البلدان، مثل اليابان وتركيا، لإصلاح هيكل الأمم المتحدة.

بعد أكثر من سبعين عاماً من عمر الأمم المتحدة وعضوية 193 دولة فيها، لا يزال العديد من البلدان غير راضين عن أداء مجلس الأمن كأهم ذراع تنفيذي لها.

مواقف اليابان وتركيا الأخيرة

لقد انتقد رئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” أداء الأمم المتحدة في مجالين رئيسيين، الأول هو التمييز الذي تمارسه الدول القوية بالنسبة إلى تزوُّد الدول الأخرى بالقوة النووية، قائلاً إنه يجب أن تكون الأسلحة النووية مباحةً للجميع أو ممنوعةً على الجميع، ويأتي هذا الانتقاد في حين أن جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن لديهم أسلحة نووية.

كما انتقد أردوغان عدم كفاءة الأمم المتحدة في حل التحديات الدولية، وقال: إن العالم أكبر من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن.

يُفهم من كلام أردوغان، أن تركيا تعتقد أن احتكار الأسلحة النووية يجلب توازن القوى والحصانة للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، في حين يتعيّن على هذه الدول إما قبول تزوُّد جميع الأعضاء الآخرين بالقوة النووية، حتى يوجد الردع النووي في أماكن أخرى من العالم، كما قال العالم البارز في العلاقات الدولية “كينيث والتز”، أو انضمام المزيد من الدول إلى مجلس الأمن.

كذلك دعا رئيس الوزراء الياباني “آبي شينزو” إلى إصلاح هيئة الأمم المتحدة وزيادة التنسيق بين مؤسساتها لتحسين أدائها.

على الرغم من أن شينزو دعا إلى إصلاح هيكل مجلس الأمن، إلا أن تركيزه كان أكثر على محاولة انضمام اليابان إليها كعضو غير دائم بحلول عام 2022، تمهيداً لقبول اليابان كعضو دائم في مجلس الأمن.

ومع ذلك، تبدو مواقف الدول بشأن نوع إصلاح الأمم المتحدة مختلفةً، كما أن بعض الدول أيضاً تريد الشكل الحالي للأمم المتحدة.

دعاة إصلاح الأمم المتحدة

تنقسم البلدان التي ترغب في إصلاح هيكل الأمم المتحدة إلى عدة أقسام، أهمها وأقدمها هي تلك التي كانت أعضاءً في المنظمة منذ البداية، وأعلنت منذ إنشائها أن استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول الخمس غير ديمقراطي وغير عادل.

حاولت هذه المجموعة من البلدان خلال الحرب الباردة عدم التحالف مع أي من قطبي السلطة، وشكلت حركة عدم الانحياز في عام 1961.

معظم الدول غير الراضية هي الآن أعضاء في حركة عدم الانحياز، وعددها 112 عضواً، كما أنها تشكّل معظم أعضاء الأمم المتحدة، والمطلب الرئيس لهذه المجموعة هو إزالة حق النقض.

بقبول حق النقض، يُنتهك مبدأ المساواة وسيادة الدول المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، كذلك إذا أقدم أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على “الإخلال بالسلم” أو “عمل عدواني”، فيمكنه باستخدام الفيتو أن يمنع الأعضاء الآخرين من اتخاذ إجراءات ضده.

عندما كان “كوفي عنان” الأمين العام للمنظمة، دعا عدداً من البلدان إلى فرض قيود على استخدام هذا النوع من التصويت، بدلاً من إزالة حق النقض، بحيث لا يكون هناك حاجة للإجماع من قبل الأعضاء الخمسة في مجلس الأمن في حالات “القتل الجماعي”، “الجرائم ضد الإنسانية” و”جرائم الحرب”.

تتضمن الفئة الثانية من البلدان المطالبة بالمراجعة، “خطة المجموعة الرابعة”، وتضم هذه المجموعة اليابان وألمانيا والبرازيل والهند كاقتصادات عالمية ناشئة.

نظراً للاقتصاد السياسي الدولي ودور هذه القوى الاقتصادية في النظام العالمي، بالإضافة إلى حقيقة أن أي قرارات خاطئة ستتسبب في أضرار اقتصادية واسعة النطاق على اقتصادات هذه البلدان، اقترح الأعضاء الأربعة قراراً على الجمعية العامة في عام 2006 وطالبوا بزيادة عدد الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن من 15 إلى 25، بحيث إنه مع إضافة ستة مقاعد دائمة، سيكون لكل قارة نفس العدد من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

لقد اتفق قادة الدول الأربع على دعم العضوية الدائمة لبعضهم البعض في مجلس الأمن، والحجة المشتركة بين هذه المجموعة من البلدان وغيرها من الدول غير الأعضاء في مجلس الأمن، الذين انضموا في السنوات المقبلة إلى دعاة إصلاح هيكل الأمم المتحدة، هي أن الأمم المتحدة قد نشأت عن حربين عالميتين، وبالتالي فإن حق النقض (الفيتو) والهيكل الحالي لمجلس الأمن مناسبان لذلك الوقت.

ومع انهيار الاتحاد السوفيتي، لم تعد هناك حاجة إلى مثل هذه الآلية، لأن طبيعة الحروب قد تغيّرت من الحروب العالمية إلى الحروب الإقليمية وبالوكالة، والأمم المتحدة غير قادرة فعلياً على إنهاء مثل هذه الحروب.

أما الفئة الثالثة فهي مجموعة “الوحدة من أجل التوافق”، وتشمل ثماني دول هي تركيا وإيطاليا وباكستان والمكسيك وكندا وكوريا الجنوبية والأرجنتين وإسبانيا.

تقدّم هذه المجموعة نموذجين هما الأزرق والأخضر، يتم فيهما زيادة عدد الأعضاء غير الدائمين وزيادة مقاعدهم من سنتين إلى أربع سنوات.

من الخطط الأخرى هي خطة التداول، بحيث في كل سبع سنوات وخلال اقتراع سري للبلدان في الجمعية العامة، يتم انتخاب 5 من 20 دولة لديها قدرات اقتصادية وسياسية وعسكرية متفوقة، كأعضاء في مجلس الأمن.

حتى الآن، لم يهتم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن بأي من هذه المقترحات.

بالإضافة إلى الانتقادات التي توجَّه إلى مجلس الأمن، فإن بعض الدول غير راضية عن استغلال أمريكا لمقر الأمم المتحدة أيضاً.

في السنوات الأخيرة، استخدمت أمريكا هذه القضية لمصلحتها، واستغلت ذلك في فرض قيود على وزيري خارجية إيران وفنزويلا لحضور الاجتماعات والمناقشات المتعلقة ببرامج الأمم المتحدة.

حجة مؤيدي الهيكل الحالي

المدافعون عن الهيكل الحالي للأمم المتحدة هم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وأغلب حلفائهم، وخاصةً معظم حلفاء أمريكا.

تعتقد هذه المجموعة من البلدان أن الأمم المتحدة والجمعية العامة تفتقران إلى السلطة التنفيذية لاتخاذ القرارات، والأعضاء الدائمون في مجلس الأمن هم الذين يرسلون معظم القوات لمنع الحرب وانتهاك السلام.

كما تزعم بعض هذه الدول، مثل أمريكا، أنها تدفع أكبر حصة من ميزانية الأمم المتحدة، والتي تدعي أمريكا أنها تمثّل حوالي 20 في المئة من إجمالي الميزانية.

والحجة الثالثة لهذه البلدان هي أن المقاعد الدائمة وغير الدائمة لمجلس الأمن هي بحيث أن هناك ممثلاً في مجلس الأمن من جميع القارات.

بالطبع، بالإضافة إلى قبول هذه البلدان لنفس الهيكل، فإنها تدعو أيضاً لإصلاحات بسيطة تتعلق بالبيروقراطية والميزانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

لقد دعت أمريكا مرةً إلى إجراء مثل هذه الإصلاحات في عهد كوفي عنان، وقبلت خطة الأمين العام الحالي “أنطونيو غوتيريس” المؤلفة من عشر نقاط لتقليص حجم النظام الإداري للأمم المتحدة، لكنها أدخلت بعض التغييرات لمصلحتها قبل قبول الخطة، ما دفع بعض البلدان إلى عدم التوقيع عليها مثل إيران.

كذلك أعربت روسيا مؤخراً عن عدم ارتياحها من الطابع الغربي في مجلس الأمن، والتقارب بين أمريكا وبريطانيا وفرنسا في العديد من حالات استخدام حق النقض، ومواضيع الاجتماعات الفورية لمجلس الأمن والتي تخدم مصالح الدول الثلاث، ولكن على الرغم من ذلك، لم تبذل روسيا وأمريكا حتى الآن أي محاولة لتغيير تركيبة أعضاء مجلس الأمن.

كيفية إصلاح الهيكل

وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، أي خطط لإصلاح هيكل المنظمة يجب أولاً أن تحصل على موافقة معظم أعضاء الجمعية العامة وجميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومن ثم يمكن إصلاح الهيكل.

وفي ضوء ما تقدّم، فإن أي تغيير في هيكل مجلس الأمن يتطلب موافقة أعضاء مجلس الأمن، ما يشكّل في الواقع عقبةً جادةً أمام إصلاح الهيكل.

كما أن مصالح الدول الكبرى، مثل أمريكا، قد منعت الأمم المتحدة والبلدان الأخرى من مواجهة تغير المناخ.

فترامب إما يتهم دولاً أخرى مثل الصين بإنتاج المزيد من الغازات الدفيئة، أو ينكر العامل البشري في تغير المناخ بالكامل.

وفي بعض الحالات، يتهم البلدان الأخرى بإلحاق الضرر بالاقتصاد الأمريكي تحت غطاء تغير المناخ.

بالنظر إلى الدور السلبي لبلدان مثل أمريكا وإضعاف الأمم المتحدة من ناحية، ورفض مقترحات إصلاح مجلس الأمن من ناحية أخرى، تبحث البلدان مع مرور الوقت عن آليات أخرى ثنائية ومتعددة الأطراف لحل الأزمات الإقليمية والعالمية، كما أن إيران تركيا وروسيا قد استفادت منذ البداية من مثل هذه الآليات لحل الأزمة السورية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق