التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أبريل 20, 2024

إيران تقع على أهم طريق تجاري بين شمال وجنوب آسيا.. كيف ستعبر هذه الطريق من إيران؟ + خريطة 

من المحتمل أن يصبح الممر بين الشمال والجنوب، والذي ينتهي في “مومباي” الهندية من ناحية الجنوب و”سان بطرسبرغ” الروسية من ناحية الشمال، أهم طريق تجاري دولي يعبر من خلال الأراضي الإيرانية في السنوات القادمة.

ومن المفترض أن يمثّل الموقع الاستراتيجي الذي تتميّز به بعض البلدان فرصة اقتصادية مهمة لاسيما في مجال النقل العابر.

ويساعد مجال النقل الدولي في توطيد العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الدول إلى جانب تأثيرها الكبير على الظروف الاقتصادية لبلدان المنشأ وبلدان المقصد.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن قدرة إيران على النفاد إلى بحر قزوين من جهة الشمال والخليج الفارسي من جهة الجنوب وبحر عمان كممر مائي يمتد إلى المحيط الهندي، من شأنها أن تساعد على تعزيز حضورها الدائم في مجال النقل الدولي بصفتها جسراً يربط بين شرق وغرب العالم، ويتأكد هذا الأمر من خلال ممرات العبور القديمة التي تعبر إيران على غرار طريق الحرير.


لماذا وكيف سيعبر هذا الطريق من إيران؟

سوف يعبر هذا الطريق من بحر عمان وصولاً إلى جنوب إيران وبالتحديد إلى مينائي “شاباهار” و”بندر عباس” وذلك من أجل تصدير البضائع عن طريق استخدام السكك الحديدية والوصول بها إلى شمال البلاد ومن هناك، سيدخل خط السكك الحديدية المؤدي إلى مدينة “استارا” الأذربيجانية وسيبدأ طريق بحري من عند ميناء “بندر انزلي” الإيراني الواقع في بحر قزوين، وبعد قطعه بحر قزوين سيصل في نهاية المطاف إلى ميناء “استراخان” الروسي الواقع في شمال بحر قزوين.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن هذا الطريق يعتبر أكثر فعالية من حيث التكلفة لربط شمال وجنوب آسيا من الطريق البحري الحالي، الذي على الرغم من أنه يمرّ عبر قناة السويس بين القارتين الآسيوية والإفريقية، ولكنه يجب عليه الدوران حول كامل شبه الجزيرة العربية وهذا الأمر يسبّب زيادة التكلفة.

يمكن للهند أن تستخدم الطريق الشمالية من أراضيها والمضي قدماً نحو المناطق العليا من بحر قزوين والوصول إلى مدينة “سان بطرسبرغ” الروسية دون الحاجة إلى نقل البضائع من بحر عمان وشحنها إلى بحر قزوين ومن ثم إلى الأراضي الروسية.

فلماذا أجبرت على استخدام الممر العابر من الأراضي الإيرانية؟

هناك عائقان رئيسان للهند، أحدهما جغرافي والآخر سياسي وهنا يمكن القول بأن جبال الهيمالايا، التي تفصل الهند عن الصين ثم تستمر في طريقها إلى أفغانستان، تعوق عملية التبادل الآمن والسريع للبضائع وهذه تعتبر عقبة جغرافية، لكن الأهم من ذلك إذا أرادت الهند استخدام الطريق الشمالي، فإنه ينبغي عليها العبور من الأراضي الصينية أو الباكستانية، في حين أن الصين تعتبر منافستها الاستراتيجية في المنطقة وباكستان تعتبر منافستها التاريخية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن الخلافات بين الهند والصين لا تنتهي فقط عند المشكلات الحدودية في منطقة “التبت”، بل إن الهند تلقّت الكثير من الدعم خلال السنوات الأخيرة من أمريكا على أمل كبح توسّع الصين الاقتصادي في المنطقة، ولقد أدّى ذلك التدخل الأجنبي إلى تفاقم الخلافات بين الصين والهند، الأمر الذي أجبر “بكين” على مواجهة تلك التحركات والقيام بتقديم الكثير من الدعم لباكستان التي تعتبر من أهم المنافسين التاريخيين للهند.

ولقد قدّمت الصين للجانب الباكستاني الكثير من قروض التنموية، وبالإضافة إلى ذلك قامت بإنشاء فرع لطريق الحرير يمرّ من شمال باكستان ويصل إلى جنوبها، وصولاً إلى ميناء “جوادار” الباكستاني. وفي المقابل قامت الهند بدورها بالاستثمار في ميناء “تشابهار” الإيراني القريب من ميناء “جوادار” الباكستاني، وذلك لكي توحي للعالم أجمع بأنها لا تحتاج إلى المرور من الأراضي الباكستانية ولا تحتاج أيضاً إلى خطوط السكك الحديدية الصينية للوصول إلى مناطق شمال آسيا.

التطورات الأخيرة في المشروع

حالياً، لا تقتصر بلدان الممر الشمالي – الجنوبي على كل من الهند وإيران وأذربيجان وروسيا، بل أيضاً يضم هذا الممر سلطنة عمان من ناحية الجنوب وتركيا وأرمينيا وسوريا وروسيا البيضاء وبلغاريا وجورجيا وأوكرانيا من ناحية الشمال الغربي لإيران ومن ناحية شمال شرق إيران انضمت طاجيكستان وكازاخستان إلى هذا المشروع الكبير لاستكمال الجناحين الشرقي والغربي، وتشكيل خطين يتقاطعان في وسط إيران ولهذا السبب كشف العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن هذا الممر يعتبر أهم ممر دولي يمرّ عبر إيران.

وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأنه تم انعقاد الاجتماع السابع لهيئات التنسيق في الدول الأعضاء والاجتماع الثامن للمجموعات المتخصصة في منتصف مارس الماضي في العاصمة الإيرانية طهران.

وبالإضافة إلى متابعة تنفيذ هذا المشروع، عملت الدول المشاركة على التباحث حول إيجاد طرق مختلفة وجديدة لزيادة التعاون الاقتصادي فيما بينها، بما يضمن أن يكون هذا الطريق التجاري أفضل من الطرق البديلة المكلفة.

لقد افتتحت الحكومة الإيرانية خط سكة حديد “قزوين – رشت” العام الماضي، والآن لا يزال طريق “رشت – أستارا” قيد الإنشاء، نظراً لارتفاع تكلفة الاستحواذ على الأراضي وبناء الجسور ولقد استثمرت دولة أذربيجان أيضاً 500 مليون دولار لاستكمال هذا السكة الحديدية.

الخلاصة

كشف العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن هذا المشروع الاستراتيجي والمهم سوف يخلق الكثير من فرص العمل وسوف يساعد على تعزيز التقارب الاستراتيجي بين الدول الأعضاء وسيساعدها على نقل الكثير من البضائع بشكل سريع وقليل التكلفة، ولكن تشييد مثل هذا المشروع العظيم يتطلب إدارة وتنسيقاً بين الدول الأعضاء. الجدير بالذكر هنا أن الممر بين الشمال والجنوب لن يسمح لنقل البضائع من البلدان المجاورة فحسب، بل إنه أيضاً سيستخدم كطريق مناسب وسريع لزيادة صادرات المنتجات الإيرانية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق