- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

المخاوف والآمال لدی معارضي وثيقة الإعلان الدستوري في السودان

لقد مرّ السودان بتطورات مختلفة خلال الأشهر الأربعة الماضية حتى التوصل إلى اتفاق على التعديل الدستوري.

الاتفاقات الأخيرة بين المجلس العسكري ومختلف المعارضين قد أحيت الآمال في التحرك نحو انتخابات حرّة وتشكيل حكومة مدنية في السودان بعد عقود من الحكم العسكري الذي استولى على السلطة، ولكن لا يزال أمام الشعب السوداني والمؤسسات السياسية طريق طويل حتى تحقيق تطلعاتهم وإجراء انتخابات حرّة.

التطورات في السودان

الاحتجاجات ضد عمر البشير، التي بدأت في يونيو 2012 ضد سياساته التقشفية، أطاحت به في نهاية المطاف في أبريل 2019.

ومنذ ذلك الحين، كانت وتيرة التطورات في السودان مذهلةً ولا يمكن التنبؤ بها، حيث أصبح “عوض بن عوف” وزير الدفاع السابق رئيساً للمجلس العسكري، لكنه استقال بعد 24 ساعة وأقال نائبه “كمال عبد المعروف” أيضاً.

وعلى الرغم من أن العسكريين قد انحازوا للشعب في الظاهر وبشكل سريع، لكن الدور الرئيس في التطورات السودانية كان للشعب والتحالف من أجل الحرية والتغيير.

حاول المجلس العسكري في البداية إنهاء الاحتجاجات العامة من خلال الوعد برئيس وزراء مدني، وبعد أسبوعين من تجدد الاحتجاجات، اتفقت الجماعات السياسية والعسكرية في أول جلسة مشتركة على تشكيل مجلس الحكم.

لكن التوترات قد استمرت، وبعد وساطة الجهات الدولية والإقليمية الفاعلة مثل الاتحاد الأوروبي وإفريقيا والوسطاء الإثيوبيين، وقّع المجلس العسكري الانتقالي السوداني وائتلاف الحرية والتغيير رسمياً على الاتفاقية السياسية للمرحلة الانتقالية في السودان في الأربعاء 26 يوليو، وهذا يعتبر أكبر إنجاز سياسي للسودان والذي وفرّ بصيص أمل لتشكيل حكومة ديمقراطية ومدنية في هذا البلد.

الاتفاق الدستوري

تم التوقيع على الوثيقة الدستورية من قبل المجلس العسكري وتحالف الأحزاب يوم الأحد الماضي، ووفقاً للوثيقة، سيقود البلاد مجلس مستقل، والفترة الانتقالية هي 39 شهراً، مع تخصيص الأشهر الستة الأولى لتحقيق السلام في جميع أنحاء البلاد وفي أماكن رئيسة مثل دارفور.

حدّدت الوثيقة 11 عضواً في مجلس الحكم، ستة منهم عسكريون وسبعة مدنيون، ترأس مجلس الحكم رجل عسكري يدعى “عبد الفتاح البرهان”، الذي شغل منصب رئيس المجلس العسكري منذ أبريل بعد استقالة عوض بن عوف.

وثيقة الدستور التي تنفذ أيضاً تقاسم السلطة بموجب اتفاق يوليو المهم، تركت تعيين رئيس الوزراء لأحزاب الائتلاف.

يجب ألّا يتجاوز عدد الوزراء 20 وزيراً، وستنتخب أحزاب الائتلاف 67٪ من البرلمان المقبل أيضاً، موعد انتخاب رئيس الوزراء هو 20 أغسطس، وستكون مدته 28 شهراً، وتسمح هذه الوثيقة لمجلس الإدارة بإعلان الحرب، وإعلان حالة الطوارئ، وتوقيع المعاهدات الدولية.

النظرة السياسية المستقبلية للتطورات في السودان

الجهات الفاعلة الرئيسة في السودان هي أحزاب الائتلاف التي تشمل 23 حزباً رئيساً وعسكريين على شكل المجلس العسكري وخمسة أعضاء في مجلس الحكم بالإضافة إلى ذلك يبحث العسكريون الموالون لعمر البشير دائماً عن فرصة جديدة، ويقال إنهم حاولوا الانقلاب مرتين على الأقل منذ أبريل.

ومن القضايا المهمة التي تواجه السودان هي انتشار الفقر في البلاد، والذي خلق تحدياً خطيراً للسودان بفصل جنوبه وفقد 75٪ من موارده النفطية.

وقد أدّى ذلك إلى قيام دول مثل الإمارات والسعودية بدور فعّال في إدارة التطورات السودانية من خلال تقديم المساعدة المالية إلى عمر البشير ثم إلى المجلس العسكري الانتقالي.

عبد الفتاح البرهان الذي خلف عوض بن عوف منذ البداية، قائد التحالف العسكري السوداني في حرب اليمن في 10 يونيو، دُعي لحضور القمة الإسلامية والعربية في مكة، وعند عودته من القمة، هاجم المتظاهرين في السودان وقتل الكثير منهم.

وفقاً لقناة الجزيرة، قال “محمد حمدان دقلو” المعروف بحميداتي، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، في كلمة له: نحن نقاتل إلى جانب الإمارات والسعودية، ولدينا أكبر القوى المشاركة في التحالف العربي ويبلغ عددهم حوالي 6000.

أُعلن أن السعودية والإمارات قد تعهدتا بتقديم 3 مليارات دولار للسودان، وادّعى نائب رئيس المجلس العسكري أن المبلغ قد أودع في البنك المركزي السوداني.

هذا في حين أن السعودية تسعى إلى إقامة علاقات مع العسكريين في السودان على غرار علاقاتها مع الجنرال حفتر في ليبيا، مع فارق أن أحزاب الائتلاف في السودان ستشغل 67 في المئة من مقاعد البرلمان ولن تسمح للسعودية بلعب مثل هذا الدور، إذ تعارض هذه الأحزاب وجود القوات السودانية في الحرب على اليمن.

من ناحية أخرى، فإن تكوين أحزاب الائتلاف متنوع للغاية، بحيث يشمل التيارات الليبرالية مثل الحزب الليبرالي، وكذلك التيارات القومية مثل الإجماع الوطني، بالإضافة إلى التيارات اليسارية والمستقلة وبعض الأحزاب الإخوانية.

إن النقطة الأكثر أهميةً لدى أحزاب المعارضة في السودان وإجماعها هي “لا للنزعة العسكرية” في البلاد، وبالتالي مع تغير ميزان القوى في السودان سيتغير هذا الائتلاف أيضاً.

ويعدّ التدخل الإسرائيلي في السودان بسبب أهمية نهر النيل ودور السودان في الجوار المصري، أحد تحديات السودان المستقبلية.

كما لم يتحدد بعد وضع الميليشيات، وقائدهم وهو نائب عبد الفتاح البرهان الموجود في مجلس الحكم، ومن ناحية أخرى لا يظهر الجيش رغبةً في الانسحاب من هيكل السلطة السياسية.

التحدي التالي للسودان هو الانتخابات الحرة بعد السنوات الثلاث المقبلة، والتغيرات الداخلية في السلطة في ذلك الوقت.

بشكل عام، طالما لا تتضح العائدات الاقتصادية والمساعدات الخارجية للسودان بشكل شفاف، فمن المتوقع أن تنمو التوترات المحتملة بشكل خفي تحت سطح التطورات.
المصدر/ الوقت