- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

مناورة للخروج من مستنقع المشكلات الداخلية.. نتنياهو یستجدي بوتین

من المقرر أن يسافر رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إلى موسكو اليوم الأربعاء للاجتماع مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”.

يذكر أنه كان من المقرر أن يجتمع “نتنياهو” و”بوتين” في موسكو، يوم الخميس الماضي 21 شباط / فبراير، لمناقشة عدد من القضايا المهمة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية أجّلت هذه الزيارة إلى هذا الأسبوع متذرعة بالشؤون الداخلية الصهيونية.

من جهته قال “نتنياهو” يوم الأحد الماضي، بأن التواجد الإيراني في سوريا يعدّ أحد أهم المواضيع التي سيناقشها مع الرئيس الروسي وهنا تشير العديد من المصادر الإخبارية إلى أن الكيان الصهيوني قام خلال السنة الماضية بشن العديد من الهجمات الجوية الشرسة على عدد من المناطق السورية، متذرعاً بأسباب مختلفة، خاصة بعدما رأى التفوق الميداني الذي حققه الجيش السوري خلال مواجهاته للجماعات الإرهابية.

وتأتي زيارة رئيس الوزراء الصهيوني لموسكو ولقاؤه مع الرئيس الروسي “بوتين”، في الوقت الذي يعاني فيه الكثير من المشكلات والتحديات الداخلية، فمن ناحية، يواجه “نتنياهو” اتهامات بالفساد، ومن ناحية أخرى، ومع قرب موعد انعقاد الانتخابات البرلمانية، يواجه حزب “الليكود” الإسرائيلي الذي ينتمي إليه “نتنياهو”، منافسة شرسة من ائتلاف الأحزاب الوسطى وربما تؤدي هذه المنافسة إلى الإطاحة بحزبه، وفي السياق ذاته، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية الأسبوع الماضي إن سبب تأجيل زيارة “نتنياهو” لروسيا، يتمثل في محاولة هذا الاخير لوضع خطة تمكنه من وضع الأحزاب اليمينية المتطرفة تحت مظلة واحدة ولكنه في الواقع يبدو أن سبب التأجيل يرجع إلى شيء آخر.

وعلى الرغم من أن “نتنياهو” يواجه حملة سياسية شرسة من خصومه داخل البلاد بسبب قيامه بالعديد من قضايا الفساد، إلا أنه من غير المرجح أن يؤجل زيارته المزمعة إلى روسيا لهذا السبب.

وهنا تشير العديد من المصادر الإخبارية بأنه منذ استهداف القوات الإسرائيلية للمقاتلة الروسية التي كانت تقوم بعمليات عسكرية في عدد من المناطق السورية في سبتمبر 2018، فإن هذا أول اجتماع لزعماء البلدين، ونظراً للدور الذي تلعبه روسيا في الساحة السورية، فإنه من غير المرجح أن يؤجل “نتنياهو” زيارته هذه بسبب قضايا انتخابية داخلية.

وفي سياق متصل، لفتت بعض المصادر الإخبارية إلى أن الجدال حول إجراء انتخابات مبكرة بدأ قبل بضعة أشهر، عندما شعر قادة “الليكود” بأن جماعات المعارضة أصبحت تمتلك القدرة على تشكيل ائتلاف قوي، لذا فإن الاستعداد لمواجهة هذا السيناريو لن يأتي بشكل مفاجئ وفوري وإنما سيحتاج إلى عدة أشهر.

وبناء على هذه المعطيات، فإنه يبدو أن سبب تأخير “نتنياهو” لروسيا، يرجع إلى الخلافات القائمة بين “موسكو” و”تل أبيب” حول التواجد الإيراني في سوريا وهنا يأمل “نتنياهو” من زيارته هذه بالفوز بدعم “بوتين” للحد من القوة المتزايدة لمحور المقاومة ولإيران في المناطق القريبة من حدود الكيان الصهيوني، وهذا الأمر تؤكده تصريحات الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الذي قال بأن الضربات الجوية الإسرائيلية لم تؤثر على العمليات العسكرية والميدانية التي قامت بها بلاده في سوريا والذي لفت أيضاً بأن القوات الإيرانية تمكنت من تحقيق أهدافها في جميع المجالات في سوريا وتمكنت من القضاء على معظم الجماعات الإرهابية التي كانت تصول وتجول في مختلف الأراضي السورية وهذه التصريحات كشفت زيف جميع مزاعم “نتنياهو” أمام الرأي العالمي.

وهنا تشير العديد من المصادر الإخبارية بأنه في وقت سابق من هذا العام، اتفق الجانبان الروسي والصهيوني على انسحاب قوات الحلفاء الموالية للجيش السوري من جنوب غرب سوريا ولهذا فإن “نتنياهو” يريد المحاولة مجدداً للتصالح مع الجانب الروسي لإقناعه بتنفيذ ذلك الاتفاق وإذا ما تمكن “نتنياهو” من تحقيق هذه الغاية، فإنه سيكون قد تمكن من الفوز بميزة سياسية كبيرة قد تمكنه من الفوز على منافسيه في الانتخابات القادمة.

لكن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هنا، هو هل ستوافق روسيا على الاتفاق مرة أخرى مع الكيان الصهيوني فيما يتعلق بالقضية السورية؟

في الحقيقة لم يمر زمن طويل على اجتماع قادة إيران وروسيا وتركيا في “سوتشي”، حيث تم التأكيد في ذلك الاجتماع على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية والوقوف بحزم أمام كل التدخلات الأجنبية ومما لا شك فيه أن نجاح عملية إعادة البناء السياسي في هذا البلد تتطلب انتصار الجيش السورية الذي تلقى خلال السنوات الماضية الكثير من الدعم من التحالف الروسي مع محور المقاومة، على كل الجماعات الإرهابية، إن تأجيل “نتنياهو” زيارته الأسبوع الماضي قد يعود أيضاً إلى رد فعل روسيا السلبي على الهجمات الصاروخية الإسرائيلية على ضواحي مدينة “دمشق”.

إن الروس على دراية كاملة بقواعد اللعبة في الشرق الأوسط ولقد تمكنت موسكو، التي كانت خلال السنوات الماضية تحت قيادة “بوتين”، من استعادة نفوذها السابق غرب آسيا، وتمكنت الآن من خلق تحالف قوي مع محور المقاومة لتصبح بذلك من أهم اللاعبين الدوليين في المعادلات الإقليمية.

بالإضافة إلى ذلك، قامت موسكو باستضافة عدد من ممثلي المقاومة الفلسطينية قبل بضعة أشهر للتوصل إلى إجماع حول مستقبل فلسطين وهذا الأمر تسبب في نشوب العديد من الخلافات بين “تل أبيب” و”موسكو”.

كما أن روسيا أيضاً تعدّ واحدة من الدول التي عارضت بقوة مؤتمر “وارسو” ولم يوافق قادة الكرملين على جدول أعمال ذلك المؤتمر البولندي.

ولذلك، لا يبدو أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني قادر على تحقيق إنجازات مهمة في هذه الزيارة، خاصة في مجال فرض مزيد من القيود على إيران في المنطقة.
المصدر / الوقت