- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

كيف ناقض نفسه.. قراءة في مقابلة ابن سلمان

حاول ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الرد على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المهينة للسعودية والملك على وجه الخصوص، عبر مقابلة أجراها مع وكالة “بلومبرغ” ونشرت الوكالة نص المقابلة يوم أمس الجمعة.

بعد تهديد الملك سلمان بعدم قدرته على الاحتفاظ بطائراته ولا الطيران بها من دون الحماية الأمريكية وعليه دفع المزيد من الأموال مقابل ذلك، كرّر ترامب الإهانة للسعودية وبلهجة أكثر فظاظة خلال لقاء ثانٍ مع الناخبين في ولاية مسيسيبي الأمريكية، حيث قال ترامب نحن نحمي السعودية، هل تعتقدون أن السعودية غنية؟ أنا أحب الملك سلمان، اتصلت به وقلت له أيها الملك نحن نحميك، ولن يكون بإمكانك البقاء هناك لإسبوعين من دوننا.

ردّ ولي العهد

جاء رد ولي العهد محمد بن سلمان على ترامب ضعيفاً ويحمل في طياته نوعاً من امتصاص تصريحات ترامب عوضاً عن الرد عليها، ولهذا الأمر أسباب كثيرة تتعلق بالظروف الصعبة التي تمرّ بها السعودية بعد أن خسرت جميع أوراقها في الداخل والخارج، لذلك رأينا ابن سلمان يحاول الرد مع مراعاة جميع الكلمات التي يتلفّظ بها، ووجدنا حديثه متناقضاً في كثير من الأماكن، فبينما قال ابن سلمان: أن بلاده “لن تدفع في الوقت الراهن أي شيء مقابل أمنها”، وأن الرياض تشتري الأسلحة من أمريكا ولا تأخذها مجاناً، عاد ليقول إنه يجب تقبّل المديح والنقد من الأصدقاء، وهذا ما لم نشاهده عندما بدأت الأزمة مع كندا، فلم تقبل السعودية نقد الأصدقاء وسارعت لقطع العلاقات مع كندا ولا تزال تطالبها حتى اللحظة بالاعتذار وقد جدّد الأمير الشاب هذا الطلب خلال المقابلة الأخيرة مع “بلومبرغ”.

وما أظهر حجم تخبّط ابن سلمان وخوفه من مجابهة ترامب حديثه عن النفط، الأمر الذي يبحث عنه الرئيس الأمريكي ويعتبره بيت القصيد في تهديداته للملك سلمان، فقد حاول ابن سلمان التهرّب من المسؤولية عبر قوله بأن ” سعر النفط يعتمد على العرض والطلب وبناء عليهما يتحدد سعره”، مضيفاً: “نحن نعمل مع حلفائنا في أوبك والدول غير الأعضاء في أوبك للتأكد من وجود معروض مستدام لدينا من النفط”، وتابع:”ترامب طلب من السعودية والدول الأخرى الأعضاء في أوبك تعويض النقص بعد تخفيض إيران لصادراتها، السعودية وشركاؤها من كبرى الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك زادوا الصادرات بحوالي 1.5 مليون برميل يومياً”.

بالمختصر يريد أن يقول ابن سلمان لترامب بأننا أنجزنا المهمة التي تبحث عنها.

الإعلام ووهم الصفقات

الإعلام السعودي تغنّى بالمقابلة وهلّل لها كثيراً واعتبر أنها أحاطت بكل الأجوبة التي يبحث عنها المواطن السعودي، وحاول إظهار ابن سلمان على هيئة بطل يواجه ترامب، ولكن المقابلة للأسف تؤكد العكس.

وحاول ابن سلمان نفسه طمأنة الشعب السعودي بأن مستقبل البلاد مقبل على استثمارات ضخمة وهناك تعاون كبير سيحصل في المستقبل مع دول كبرى، وفيما يخص رؤية 2030 وقضية أرامكو، قال ابن سلمان: إن “تأجيل رؤية 2030 غير صحيح”، وإن على أرامكو أن تستثمر المزيد في المصب (downstream) لأننا نعلم أن الطلب على النفط بعد 20 عاماً من اليوم سيكون من البتروكيماويات، وفي عام 2020 سيتم طرح أرامكو للاكتتاب العام، وأضاف: “مطلع عام 2021 سيكون لدى الصندوق 100 مليار دولار من طرح أرامكو للاكتتاب العام وبحلول عام 2030 سنقوم بإنتاج أكثر من 3 ملايين برميل من البتروكيماويات أغلبيتها داخل السعودية وجزءٌ منها خارجها، وهذا سيتم من خلال شركتي أرامكو وسابك”.

والأهم أن ابن سلمان عاد ليؤكد بأن طرح أرامكو سيكون بنسبة 5 % كاملة، وبيّن محمد بن سلمان أن بين الرياض وواشنطن استثمارات ضخمة بالإضافة إلى تحسّن جيد في التجارة بين البلدين، متابعاً بالقول: “هنالك الكثير من الإنجازات وهذا رائع حقاً”.

الواضح أن ولي العهد استغل هذه المقابلة وصرّح بهذا الكم من الاستثمار لتعزيز أوراقه في الداخل السعودي بعد سقوط أسهمه في توالي الفشل تلو الآخر، ولمن يلاحظ خطابه سيرى كمية الوعود الموجودة فيه وهذا ما دأب عليه منذ وصوله إلى السلطة ولكن الشعب لم يرَ شيئاً عملياً من كل هذا الكلام، ومن المستغرب حقيقة أن يرفض والده طرح أرامكو للاكتتاب العام ومن ثم يأتي نجله ليؤكد العكس، هل هذا نوع من الاستثمار الوهمي لمصلحة وصوله إلى العرش أم صراع خفي مع والده وتحدٍ له ولقراراته لإبراز قوته وبأنه لا يتبع والده بكل شيء بل له شخصيته المستقلة القوية التي تهمشت خلال الفترة الماضية بسبب فشله في إنجاز أي من المهام التي وعد بها.

ولي العهد قال” عام 2020 سيتم طرح أرامكو للاكتتاب العام.. مطلع عام 2021 سيكون لدى الصندوق 100 مليار دولار من طرح أرامكو للاكتتاب العام”…. هو قال هذا الكلام سابقاً مطلع العام 2018، الآن 2020، وفي العام 2020 قد يقول في العام 2025، ولكن لا نعتقد أن يصل ابن سلمان لهذا الزمن في الحكم نظراً لكثرة الأعداء في العائلة الحاكمة والداخل السعودي.
المصدر / الوقت