التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

الخطوة الاولی لترتيب البيت السیاسي في العراق 

فبعد أخذ وعطاء استمر لعدة اشهر تم تحديد مصير رئيس ونائب رئيس البرلمان العراقي امس، حيث تولى رئاسة البرلمان شخصية سنية كما هو المتعارف عليه في هذا البلد.

وفي التفاصيل فقد تولى محمد الحلبوسي المنتمي لائتلاف “الفتح” منصب الرئيس فيما تولى حسن كريم الذي ينتمي لتحالف “سائرون” سدة النيابة الاولى. وبهذا الانتخاب تم اعتماد الخطوة الاولى لترتيب البيت العراقي في ضوء التحلي بالتناغم بين كافة التيارات والاجنحة السياسية، ومن المتوقع ان يتم تحديد منصب الرئيس المحسوم للاكراد وكذا اختيار الشخصية التي ستتولى اهم المناصب واكثرها حساسية في هذا البلد اي رئيس الوزراء.

وفي خصوص نتائج اجتماع البرلمان العراقي امس وكذلك مستقبل العراق ينبغي التنويه الى عدة قضايا هامة منها:

أ. مجموع الاصوات التي صبت في صالح الحلبوسي (169 صوتا) تكشف عن نمط من الاتحاد والتضافر والاتفاق بین التكتلين البارزين اللذين تصدرا نتائج الانتخابات العراقية، وهو مؤشر على ان مسالة “المحاصصة” و “الطائفية” لم يكن لها اي دور وباي شكل من الاشكال في اختيار رئيس البرلمان. ويبدو ان هذه الخطوة التي اتخذتها الاحزاب والتيارات السياسية في محطتها الاولى يمكن تطبيقها بشأن مسألة اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة (رئيس الوزراء) ايضا.

ب: تصويت نواب البرلمان العراقي لصالح الحلبوسي جاء في حين ان الرئيس الجديد كان يمثل الاکراد في تحالفي “الحل” و”المحور الوطني” وکذلك تكتل “البناء” الذي یضم تحالفات “الفتح” و”دولة القانون” و “الانبار هویتنا” (تحالف الحلبوسي). كما ان التصويت المباشر لحسن كريم الذي ينتمي الى التكتل الاخر والمنضوي في ائتلاف “الاصلاح والبناء” الذي يشتمل تحالف “سائرون” وحلفائه (والذي كان يتولى منصب قائمقام مدينة الصدر) من قبل النواب شكل مؤشرا اخر على ان ارضيات التعاون بين التيارين المتنافسين لا زالت كثيرة وان بناء مستقبل واعد للعراق يتصدر جميع الاولويات الاخرى.

ج. اختیار الحلبوسي باعتباره اصغر نواب البرلمان (في الـ36 من العمر) خطوة جديرة بالاشادة من عدة جوانب منها أنه منزه عن الاتهامات المتداولة في العراق مثل الانتماء لـ”داعش” او حزب البعث وآخر وليس اخيرا تهم الفساد. فالحلبوسي ذاع صيته في العراق بانه محافظ ناجح (في محافظة الانبار) وشخصية معتدلة سیاسیا. ولا شك أن هذا السجل الناصع ساعده على تجاوز التهم السائدة في الوقت الراهن “والتي تتمثل في دفعه الرشوة للمنافسین وتغريرهم بالمال لكي ينسحبوا من المنافسة لصالحه”، ليحصل على ثقة 169 نائبا من نواب البرلمان.

د. الآن وبعد ان تم تحدید مصیر البرلمان یأتي الدور الى اختيار رئیس الجمهورية الذي سيكون كرديا وفقا الاعراف السائدة. وبعد ذلك سيقوم رئيس الجمهورية وبناء على تفسير المحكمة العليا بالاعلان عن التكتل الاكبر في البرلمان. ومن ثم سيتم الاعلان عن اسماء الشخصيات المرشحة لمنصب رئيس الوزراء لكسب ثقة النواب. على الصعيد السياسي في العراق وفي الظروف السائدة فقد اختار كل من تحالفي “الفتح” و”سائرون” شخصيات لتقديمهم الى النواب لتولي منصب رئيس الوزراء او على اقل تقدير تم تسريب اسماء بعض الشخصيات من قبل انصار هذين التحالفين الى وسائل الاعلام . فمن جهة تحالف “الفتح” أبرز اسماء ثلاث شخصيات اكثر من الاخرين هم فالح الفیاض،علي الشکري وعادل عبدالمهدي. واما من جهة تحالف “سائرون” فان الاسماء الابرز هي اسعد العیداني،عبد الوهاب الساعدي وعادل عبدالمهدي.

س. بغض النظر عن اتفاق التحالفين بشأن عادل عبدالمهدي، یری البعض ان حظوظ العيداني محافظ البصرة هي اكبر من الاخرين انطلاقا من ان نواب البرلمان يريدون اختيار شخصية من البصرة (بهدف التركيز على حل المشاكل التي تعاني منها هذه المحافظة) لتسنم سدة رئاسة الوزراء، هذا فضلا عن انهم يرون في الساعدي الذي يتولى ايضا منصب رئاسة جهاز مكافحة الارهاب في العراق شخصية اكثر جدارة لتولى منصب رئاسة الوزراء.

ولكن رغم هذه التكهنات فان الحقيقة هي انه لا زال امامنا طريقا طويلا حتى اختيار رئيس الجمهورية والاعلان عن الكتلة الاكبر، وما لم تستقر تفاحة السياسة العراقية على الارض لا يمكن تقديم اي وجهة نظر مؤكدة بشأن منصب رئاسة الوزراء. جل ما يمكن قوله في الوقت الراهن هو ان ساسة العراق متفقون على ان يفكروا فقط بعراق حر وشامخ ومستقل بعيدا عن اي تدخل اجنبي، وتعميم تجربة الوفاق في الانتخابات البرلمانية على المجالات الاخرى.

العالم – ابو رضا صالح

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق