التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

خبير أمريكي: حلف الناتو سينهار كغيره من الإمبراطوريات السابقة 

في تسعينيات القرن الماضي بدء حلف “الناتو” بالتوسع شرقاً من خلال انضمام دول أوروبا الوسطى إليه، ولقد استمرت هذه العملية على مدى السنوات الماضية بحيث أصبحت هذه المنظمة الدولية تضم 28 عضواً، الأمر الذي رآه بعض المحللين السياسيين بأنه سيعزز قوة هذه المنظمة الدولية ولكن “مارتن سيف”، الكاتب والمحلل الإخباري الذي عمل في الماضي لدى صحيفة “واشنطن تايمز” وقام بكتابة تقارير إخبارية عن 70 دولة و 12 حرباً، كتب بأن “هذا ليس صحيحاً”، لأن “التوسع” لا يعني دائماً “تنامي القوة”.

وأعرب “سيف” بأنه في عام 1999، انضمت المجر والتشيك وبولندا إلى حلف الناتو، وفي عام 2004 انضمت أيضاً سبع دول أوروبية صغرى إلى منظمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” ولهذا فلقد حذّر هذا المحلل أمريكي المعروف بتنبؤاته الدقيقة، أمريكا من أن توسع حلف الناتو في وسط أوروبا سيشكل خطراً كبيراً على هذه المنطقة وسيعتبر مقدمة لانهيار هذه المنظمة الدولية، وذلك لأن هذا التحرك وهذا التوسع جاء عن طريق تخويف تلك الدول الأوروبية من روسيا ولفت إلى أن هذه التنبؤات جاءت وفقاً لخبراته التاريخية على مدى القرون الثلاثة الماضية وأعرب بأن هذه الدول كانت دائماً “تفتقر إلى النزاهة، والبنية التحتية الاقتصادية القوية لتشكيل قوة صناعية ومالية واستراتيجية وعسكرية” وفي مقدمة مقالته التي نشرها موقع “الثقافة الاستراتيجية” على الإنترنت، كتب “سيف”: “لم تستطع هذه المنظمة أن تجعل أمريكا وحلفاءها الغربيين أكثر أماناً وإنما على العكس من ذلك فلقد قضت هذه المنظمة على الروابط الصادقة والجيدة بين تلك الدول وروسيا” وحول هذا السياق ذكر “سيف” في مقاله هذا بعض النماذج التي روى فيها كيف انهارت بعض الامبراطوريات بسبب توسعها.

جهود الإمبراطورية النمساوية المجرية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر

كانت الإمبراطورية النمساوية – المجرية متعددة الجنسيات هي القوة المسيطرة على جميع دول أوروبا الوسطى في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، لكن هذا التوسع، ضُعف تدريجياً، لا سيما عندما شعرت الإمبراطورية الروسية في الشرق والمملكة البريطانية في الشمال الغربي بالخوف من هذا التوسع وفي عام 1867 تم التوقيع على اتفاقية “المصالحة”، وعلى الرغم من اسم هذه الاتفاقية، إلا أنه تم تقسيم تلك الإمبراطورية إلى جزأين “النمسا والمجر”، وبسبب وجود برلمانيين منفصلين، انهارت جميع الإمكانيات والميزانيات والخطط التي كانت تسعى إلى تعزيز القدرات العسكرية لتلك الإمبراطورية وهنا يذكر “سيف” بأن هذه النتيجة وكل هذه التناقضات، جاءت نتيجة لمحاولة تلك الإمبراطورية الحفاظ على مساحات واسعة والسيطرة على العديد من الدول المختلفة، ولقد أدّت هزيمة الجيش الإمبراطوري ضد الإمبراطورية العثمانية وصربيا في بداية الحرب العالمية الأولى، إلى انهيار إمبراطورية “هابسبورغ” وتقسيمها إلى مناطق أصغر، بما في ذلك تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا وبولندا.

جهود ألمانيا خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية

أرادت ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى، بوصفها حليفاً للنمسا والمجر، إبقاء أوروبا الوسطى في صفها، وفي الحرب العالمية الثانية حاولت ألمانيا فرض هيمنتها على شعوب دول هذه المنطقة وعلى الرغم من أن “برلين” استطاعت خلال هاتين الحربين العالميتين، السيطرة على أجزاء كبيرة من أوروبا الوسطى، إلا أنه ومع مرور الوقت أصبح من الواضح بأن تأثير نفوذ شعوب هذه المنطقة على السلطة الألمانية كان “صغيراً وعديم القيمة” ولم يُستخدم أبداً ضد القوى العالمية.

توسع الناتو وسط أوروبا وانضمام العديد من دول تلك المنطقة إلى هذه المنظمة الدولية بين عامي 1999 و 2004.

جهود الاتحاد السوفيتي مع حلف “وارسو”

كانت قوة العالم الثالث التي حاولت الهيمنة على أوروبا الوسطى هي الاتحاد السوفييتي وهنا أعرب “سيف”، بأنه بعد فوز قوات الاتحاد السوفيتي على جيش ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، كان يمكن لهذا الاتحاد أن يكتفي بتأثيره السياسي على بولندا وأوروبا الشرقية، لكنه للأسف قام باحتلال كامل دول أوروبا الوسطى وبهذا كان لهذا التوسع أثر سلبي على اتحاد وتماسك هذا الاتحاد السوفيتي، حيث كتب “سيف”: “لقد قوّضت هذه الدول الاتحاد السوفييتي وقضت على تركيزه وعلى تماسكه”.

حلف الناتو يكرر الأخطاء السابقة

يرى “سيف” بأن دول أوروبا الوسطى تشبه دائرة مترابطة تقع بين القوى العظمى العالمية وليس هناك سبب يجبرها على الانضمام إلى واحدة من تلك الجبهات العالمية، وذلك لأنها ستكون سبباً في خلق الفرقة وإضعاف تلك القوى العظمى العالمية ولفت إلى إن ابتلاع هذه المنطقة بالنسبة للقوى العظمى الناشئة يُعدّ أمراً سهلاً، لذا فإنها تتجاهل التجارب التاريخية وتقوم مرة أخرى باقتراف هذا الخطأ وفي تلخيصه، وصف “سيف” دول أوروبا الوسطى بأنها كانت عرضة للاحتلال خلال العقود الماضية، ولفت إلى أنه وفقاً للمراجع التاريخية كانت هذه المنطقة تحت سيطرة القوى العظمى التي ظهرت في العالم على التوالي، بداية من الإمبراطورية العثمانية، ومروراً بإمبراطورية “هابسبورغ”، ثم تليها فترة وجيزة من الديمقراطية، ثم النازية، ثم جاءت الشيوعية، وأخيراً وللمرة الثانية عاد لها المناخ الديمقراطي، وأشار هذا الخبير إلى أن هذه المنطقة لم يكن لها أي دور في زيادة قوة تلك القوى العظمى، والآن فإنه من المحتمل أن يتلاشى ولاء روسيا لحلف الناتو، خاصة عقب استعادتها لقوتها في العالم وهذا الأمر قد يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار هذه المنظمة الدولية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق