التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, مارس 29, 2024

الاضطرابات الأخيرة في العراق.. الأسباب والنتائج 

أعربت العديد من وسائل الإعلام العراقية بأن رقعة المظاهرات شهدت توسعاً ملحوظاً في عدد من المدن العراقية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث خرج المتظاهرون العراقيون الغاضبون من تردي الخدمات والمطالبين بالمزيد من فرص العمل في عدد من المدن العراقية ومن بينها العاصمة بغداد ولفتت وسائل الإعلام تلك إلى أن المتظاهرين الغاضبين اقتحموا مطار “النجف” الدولي جنوب العاصمة بغداد، بالتزامن مع استمرار المظاهرات في مدينة “البصرة” جنوب العراق لليوم السادس على التوالي، احتجاجاً على سوء الخدمات وتدهور الأحوال المعيشية، مؤكدة بأن هذه الاحتجاجات امتدت لاحقاً إلى محافظات جنوبية أخرى، حيث جرى تنظيم احتجاجات أيضاً بمدينتي العمارة والناصرية مع تصاعد الغضب الشعبي وقام المحتجون باحتلال مقرّ المحافظة في العمارة وبإلقاء الحجارة على فروع حزب “الدعوة” ومنظمة بدر” وبالاعتداء على أفراد الشرطة ومع اشتعال المظاهرات في البلاد، فرض الأمن العراقي حظراً للتجوال في عدة مدن عراقية ولا سيما بغداد والبصرة والنجف، بعد مقتل متظاهر وإصابة أكثر من 50 عنصراً من قوات الأمن في هذه المظاهرات التي خرجت احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية ومستوى الخدمات ومن جهته أكد رئيس الوزراء “حيدر العبادي”، أن الشعب العراقي من حقه أن يطالب بحقوقه ودعا جميع القادة والمسؤولين العراقيين للمساهمة بدعم حملة البناء والإعمار.

أسباب اتساع رقعة الاحتجاجات في العراق

إن الشعارات واللافتات التي رفعها المتظاهرون تؤكد بأن هنالك مطالب سياسية إلى جانب المطالب الخدمية والمعيشية، حيث طالب بعض المتظاهرين بتغيير النظام البرلماني وبمعاقبة الأحزاب السياسية الفاسدة الموجودة في الساحة العراقية وحول هذا السياق أعرب أحد أعضاء البرلمان العراقي في مقابلة أجراها مع إحدى القنوات الإعلامية، بأن العوامل التي أدت إلى انتشار رقعة الاحتجاجات في المدن العراقية، تتمثل في أن معظم أبناء الشعب العراقي ولا سيما سكان المحافظات الجنوبية، حُرموا خلال السنوات الأخيرة من الحقوق الأساسية والامتيازات الاقتصادية، وفي الوضع الحالي اختلطت هذه المشكلات بالنقاشات السياسية، ولهذا فإن هناك أحزاباً وجماعات سياسية تسعى إلى تنفيذ خططها وتحقيق أهدافها السياسية من خلال هذه الاحتجاجات.

ومن جهة أخرى، إن عدم تطبيق القوانين الحالية، يُعدّ أيضاً أحد أسباب عدم رضا الناس وعلى سبيل المثال، في عملية تقسيم الدخل القومي ووفقاً للقانون، يتم منح 5 دولارات من بيع برميل النفط الواحد للمحافظات ولكن هذا القانون للأسف الشديد لم يتم تنفيذه لأسباب مثل انخفاض أسعار النفط وبالتالي فإن مدناً مثل البصرة التي تعتبر المصدر الرئيسي للنفط العراقي، لم تحصل على الخدمات الكافية والسبب الآخر لتزايد حالة عدم الرضا عند أبناء الشعب العراقي يتمثل في سياسة الحزب الحاكم وتجاهله للمحافظات الجنوبية وكذلك انتشار الفساد على نطاق واسع في عدد من الوزارات والدوائر الحكومية ما أدّى إلى تقديم الحكومة القليل من الخدمات للمواطنين.

ولفت هذا النائب البرلماني العراقي إلى أنه خلال العام الماضي، تم الإبلاغ عن أكثر من 260 احتجاجاً، وخلال الفترة من نوفمبر 2017 إلى أبريل 2018 حصلت العديد من المظاهرات في عدد من المحافظات العراقية ضد إصلاحات رئيس الوزراء في قطاع الطاقة، لأنهم كانوا على يقين بأن هذه الإصلاحات وهذه الخصخصة، جاءت من أجل رفع أسعار الكهرباء والسلع الاستهلاكية، وأشار هذا النائب البرلماني إلى أنه في المقابل ردّت الطبقة الحاكمة على هذه الاحتجاجات بإيجاد حلول قصيرة المدى، مثل إرضاء المتظاهرين بوعود بتأمين فرص عمل لهم ولفت إلى أن عدم التزام الحكومة بإيجاد حلول مستدامة لكل هذه المشكلات المتراكمة جنوب العراق، ما سيؤدي إلى اتساع حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في تلك المناطق.

تأثير هذه الاحتجاجات على السياسة الخارجية العراقية

لقد خرجت معظم هذه الاحتجاجات في عدد من المحافظات العراقية للمطالبة بشكل أساسي بتوفير الكهرباء ونظراً لقيام إيران بخفض صادرتها من الكهرباء للعراق، قامت بعض الأحزاب المخالفة لإيران بدعوة رئيس الوزراء العراقي لطلب المساعدة من السعودية وهذا الأمر ظهر بشكل واضح عندما قام بعض المحتجين برفع لافتات ضد الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران ولهذا فإنه يمكن القول هنا، بأن عدم تأمين إيران للكهرباء في العراق، سوف يؤدي إلى تّقرّب العراقيين من السعودية وبهذا فإن الحكومة العراقية ملزمة بمراعاة هذا الأمر وبإيجاد حلول عاجلة لتحسين المستوى المعيشي للمواطن العراقي.

النتيجة

لقد حشدت المحافظات الجنوبية الكثير من المقاتلين خلال فترة الحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي وقدمت الكثير من الشهداء، والنخب الحاكمة العراقية تدين بفوزها في الانتخابات البرلمانية لهذه المجتمعات العراقية الجنوبية التي تم إهمالها لسنوات عديدة، وهنا يجب التذكير بأن استمرار الاحتجاجات الشعبية في المحافظات الوسطى والجنوبية العراقية في ظل الظروف الحالية التي يواجهها هذا البلد خلال فترة ما بعد “داعش”، ستخلق الكثير من الصعوبات والمشكلات في الساحة السياسية العراقية ولهذا فإنه من الضروري أن تقوم الحكومة العراقية الحالية بإصلاحات عاجلة في جميع المرافق الخدمية وأن تقوم بحل جميع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها معظم أبناء الشعب العراقي وأن تقوم بوضع خطط اقتصادية وأمنية للقضاء على الفساد المنتشر في كثيرِ من الوزارات والدوائر الحكومية.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق