- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

اليمن الاتحادي الديمقراطي: هل يعدّ همًّا للتحالف العربي؟

اليمنيون بسوادهم الأعظم سواءً من خالف العدوان أم حتى أولئك الذين أيدوا العدوان، كلهم يطمحون إلى بناء يمن قوي اتحادي ديمقراطي، أدركوا جميعاً حجم الكارثة التي حلّت بهم، فالدولة الآمنة المستقرة هي الحاجة الماسة للجميع اليوم، وإنّ ما خلّفه العدوان السعودي – الإماراتي زاد من الحالة السيئة للبلاد، وأعادها عقوداً إلى الوراء بعكس ما كان يُروّج له ساسة دول التحالف.

“عزّ” السعودية و”ذل” اليمن

أصبحت هذه المقولة هي الأبرز والأشهر للملك السعودي المؤسس، والذي عمل جميع أبنائه من بعده على تكريس هذه المقولة عملياً من خلال افتعال الأزمات والحروب في اليمن، فمنذ أيام الملك المؤسس وحتى وصول محمد بن سلمان كانت الحروب السعودية – وكما يرى الخبراء – حروباً بالوكالة سواءً عبر الحركات الوهابية التي فتكت باليمن، أم عبر غيرها من الحركات والأحزاب والتي عملت جميعها على تفتيت اليمن وإنهاكه، غير أنّ الأمير الشاب ابن سلمان وعلى عكس كل أسلافه أخذته العزة للتهور والحضور المباشر في معركة اليمن، إلا أنّه أخطأ الميدان، فاليمن ليس رحلة سهلة للأمير الشاب.

لبنان عُرف دائماً بأنّ قوته في ضعفه؛ وهذا بالذات ما تريد أن تزرعه السعودية في نفوس اليمنيين “أنّ قوتهم في ضعفهم”، هذا الضعف الذي عاشه اليمنيون خلال السنوات الثلاثين الماضية أوصل البلد إلى ما هي عليه اليوم، وهو من جرّأ السعوديين على مهاجمة اليمن الذي كانوا ينظرون إليه كحديقة خلفية، وظهر هذا الموضوع جليّاً مع وصول الصبي المتهوّر محمد بن سلمان الذي عزّز الوضع القائم، لا بل زاد الطّين بلّة من خلال العدوان الذي شنّه على المدنيين الآمنين.

ادعاءات العدوان

الهروب إلى الأمام بات سياسةً “سعودية – إماراتيّة” خصوصاً بعد الفشل الذريع الذي صاحب حملتهما العسكرية، لتبدأ الحكومتان بنسج قصص عن محاربة الإرهاب المنتشر في اليمن، وكأنّ الرياض وأبو ظبي ليستا من صنع هذا الإرهاب وتُسيّرانه الآن، ويؤكد اليمنيون أنّ تنظيم القاعدة الموجود في اليمن يتلقى الدعم الرئيسي من السعودية والإمارات، كما تقوم الدولتان بتوجيه تحركاته للاستفادة منها في تفتيت اليمن.

وبالإضافة إلى ما سبق؛ ومنذ انطلاق العدوان على اليمن؛ تحدّث ساسة البلدين عن محاربةً الوجود الإيراني هناك، غير أنّ الوقائع على الأرض وخصوصاً بعد إغلاق الموانئ البحرية والمجال الجوي اليمني، تبيّن أنّ إيران لا ناقة لها ولا جمل في اليمن، وأنّ ما يجمعها باليمنيين عبارة عن صداقة وشراكة، وفي الوقت ذاته تابع الجيش اليمني وجماعة أنصار الله اليمنيّة قصف المواقع والمدن السعودية باستمرار دون توقف، الأمر الذي يُثبت أنّ مسألة التخويف من إيران “إيران فوبيا” ليست إلا شمّاعة لاستمرار العدوان على اليمن.

الحلم.. يمنٌ مُفكك

يبدو أنّ أكثر ما يهمُّ الرياض وأبو ظبي هو إبقاء اليمن مُفتتاً ضعيفاً، ولذلك سخّروا المال لقتل الشعب اليمني وإسقاط الشرعية وتدمير البلاد، وذلك بهدف القضاء على مشروع البلاد الوحدوي، من خلال دعم وتشجيع القوات الانفصالية في المناطق التي احتلتها قوات العدوان والميليشيات المتحالفة معها من أبناء اليمن، ومع تزايد الحديث عن احتمالات لتقسيم اليمن من قبل بعض الأجنحة الموالية لدول العدوان والتي تعتقد بأن الانفصال من شأنه تقوية اليمن الجنوبي خصوصاً، وهو الذي تُسيطر عليه الإمارات، وهو الأمر الذي سيُمكّنها من بسط نفوذها على واحد من أكثر المضائق أهمية في العالم والذي تمرُّ عبره 12% من التجارة الدولية ألا وهو مضيق باب المندب، خصوصاً مع وجود قواعد عسكرية لها على الجانب الآخر من المضيق في عدد من الدول الإفريقية.

لكن؛ وعلى الرغم من كل محاولات العلمنة التي يسعى إليها ابن سلمان في مملكة الرمال الجديدة، إلا أن هذه النظرة بالطبع بعيدةٌ كلَّ البعد عن اليمن الذي يريده الأمير الصغير يمناً ممزقاً وغارقاً في العنف والإرهاب، أي اليمن الضعيف الذليل، ويبدو جليّاً أنّ سياسة ابن سلمان مُطابقة لمطالبته بالانتخابات والديموقراطية في الدول العربية، والسعوديون لا يعلمون معنى هذه الكلمة.

خلاصة القول، إن العدوان السعودي الإماراتي على اليمن يُعدُّ مخاضاً عسيراً لولادة نظام سعودي جديد، ولكن بذات العقلية الدكتاتورية القبلية التي حكمته سابقاً، إلا أن هذا المولود اليوم يحاول الاختباء خلف قناع العلمانية والانفتاح لأن العقلية السابقة التي شكّلت – برأي ابن سلمان – هامشاً أكبر في اضطهاد السعوديين قبل غيرهم من شعوب المنطقة، – وبرأي ابن سلمان أيضاً – إنّ سلوك المولود الجديد مُرحب به من قِبل الغرب الذي سيكون “ابن سلمان” لسان حاله حينها، مع إدراكه الكامل للانتهاكات التي يقوم الغرب بها، عملاً بمقولة “أن ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه”.

المصدر: الوقت