التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مارس 28, 2024

الانقلاب السعودي في لبنان .. إفلاس إسرائيلي وتكامل في الأدوار 

احتل الحدث السعودي – اللبناني، صدارة الاهتمام الإسرائيلي على المستويين الرسمي والإعلامي. وجال الخبراء والمعلقون على كافة وسائل الإعلام تفسيراً واستشرافاً.

لكن لم تتفق الرؤى والتقديرات الإسرائيلية حول تصور موحد إزاء مفاعيل وتداعيات السلوك السعودي تجاه لبنان. من جهة اعتبر بعضهم أن اضعاف مكانة حزب الله في لبنان يحتاج إلى استثمار قوة كبيرة، ولكن لا يوجد من هو مستعد لتفعيل هذه القوة، وعلى هذه الخلفية اعتبر أن كل ما يجري هو كلام بكلام، (مستشار الأمن القومي السابق، اللواء يعقوب عميدرور). في المقابل، اعتبر مستشار آخر تولى المنصب نفسه، (اللواء غيورا ايلاند)، أن ما يجري هو فرصة اخيرة لإسرائيل، لكن تحقيق أهدافها مشروط… ومعهما شكك آخرون عملوا في التقدير الاستخباراتي في مكتب رئاسة الحكومة، بنجاح المخطط السعودي، محذرين من أنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية، وصولا الى امكانية أن يعزز النفوذ الايراني ويضعف النفوذ السعودي.
مع ذلك، بادرت (إسرائيل) الرسمية، إلى حملة دبلوماسية عاجلة تهدف إلى توفير غطاء ودعم دوليين للخطة السعودية في لبنان. وهو ما يشي برؤية مفادها أن ما بادرت اليه الرياض، فرصة متجددة ينبغي استنفاذها والاستفادة منها بأقصى درجاتها. استنادا إلى هذا التقدير سخرت دبلوماسييها في الخارج لصالح المخطط السعودي، ووضعت محورا وشعارا لهذه الحملة، ينص على عدم مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة، وإلا فالبديل هو أن لبنان وحكومته ارهابيون… ويتساوق هذا المفهوم مع ما اعلنه وزير “العدوان” السعودي ثامر السبهان، الذي اعتبر أن مشاركة حزب الله في أي حكومة، بمثابة اعلان حرب على السعودية.
في العام 2006، بادرت “إسرائيل” بنفسها لتنفيذ مخطط القضاء على حزب الله. في المقابل، عمد السعودي إلى توفير الغطاء (بعض) “العربي”، منذ اليوم الاول. في هذا السياق، كشفت قناة “كان/بسكون النون”، (القناة الاولى سابقا)، الإسرائيلية عن أن السعودية طلبت من “إسرائيل” خلال حرب العام 2006، لاستخدام كل قوتها من أجل القضاء على حزب الله. ولفتت القناة إلى أن “السر الذي كان في السابق من الممنوع التحدث عنه بشكل صريح ومباشر، بات اليوم معلنا”. وأن المقصود من الزعماء العرب الذين كان المسؤولون الإسرائيليون يرددون بأنهم من طلب من “إسرائيل” ذلك هم المسؤولون السعوديون.
في المقابل، يلعب النظام السعودي، الوهابي، الدور الذي لعبه الإسرائيلي قبل 11 عاما، بمعنى المباشرة للتصدي لحزب الله. فيما يعمل الإسرائيلي على توفير الغطاء والدعم الدولي للاستراتيجية للموقف السعودي. وجند لهذه الغاية قدراته الدبلوماسية في العالم. لكن ما ينبغي قوله أن الإسرائيلي يلعب ورقة، إن ربحت يكون أول المستفيدين، (ويتعارض هذا الاحتمال مع موازين القوى والظروف السياسية الاقليمية)، وإن فشل المخطط فلن يخسر شيئا، وإنما من سيدفع الثمن اخرون، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي. وفي كل الاحوال رأى معلقون أمنيون في “إسرائيل” بأن “الفوضى الجديدة في لبنان” التي نتجت عن الخطة السعودية واجبار الرئيس سعد الحريري على الاستقالة “تصب في خدمة المصلحة الإسرائيلية”، انطلاقا من تقدير مفاده أن هذا المسار سوف يؤدي إلى “انشغال حزب الله بأزمة سياسية في الداخل، في الوقت الذي يقاتل في سوريا”. كل ذلك، يشي بأن رهان “إسرائيل” على الانقلاب السعودي في لبنان على التفاهم الداخلي في لبنان، يعكس مستوى الافلاس واليأس الذي اصاب القيادة الاسرائيلية.
بموازاة ذلك، ارتفعت وتيرة الحديث الشعبي وبعض السياسي عن فرضية أن تؤدي استقالة الرئيس سعد الحريري (المفروضة) والأزمة التي ترافقها وستليها، إلى حرب إسرائيلية على لبنان. ويبدو أن اتساع نطاق هذه الشائعة، يأتي جزء من سياسة التهويل والحرب النفسية التي يتعرض لها الشعب اللبناني. أو بفعل فرضيات نظرية، بادرت إلى تغذيتها بشكل مدروس أجهزة اعلامية وغير اعلامية.
لكن هذا التصور، يتعارض مع أكثر من حقيقة ومفهوم. وهو أن لا تأثير لوجود حكومة لبنانية، من عدمها، سلباً أو ايجاباً، في اعتبارات صناع القرار الحربي في تل ابيب. وأن معادلة الردع التي فرضها حزب الله على كيان العدو، لن تتأثر بخطوة من هذا النوع أو ما يشبهها. ويتقاطع ذلك، مع ما نقله أحد المعلقين الامنيين في إسرائيل، يوسي ميلمان، عن أن “قادة الجيش (الإسرائيلي) والزعماء السياسيين يريدون تفادي تكرار اخطائهم” في الماضي. مشيرا في هذا السياق تحديدا إلى أن “لهيب الحرب طال “إسرائيل” مرتين، في عامي 1982، و2006″. واستنادا إلى ذلك، لم يأت كلام ميلمان عن أنه لا يوجد “خطط أو طموحات بالتدخل (العسكري المباشر) والتأثير على الاحداث” في لبنان، طوعيا أو خيارا ابتدائيا إسرائيليا، وانما بفعل ما تراكم في وعي صناع القرار من سوابق كشفت لهم عن محدودية قدرة “إسرائيل” في تحقيق نتائج جوهرية في هذا المجال. وبلغ الحذر الإسرائيلي، بحسب ميلمان ايضا، أن هناك قرارا إسرائيليا بعدم استفزاز حزب الله لمنع أي تصعيد أو حرب جديدة.
بقلم : حيدر جهاد

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق