التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, مارس 28, 2024

لماذا دعمت السعودية ومن تبعها إستراتيجية ترامب الجديدة ضد إيران؟ 

بعد الإعلان عن الإستراتيجية الأمريكية الجديدة ضد إيران، والإتهامات التي تضمنتها لطهران، رحبت بعض الأنظمة العربية بمن فيها السعودية التي تعتبر الحليف الأقرب لواشنطن بهذه الإستراتيجية وأعلنت عن دعمها لها.

لقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه الأخير الذي القاه يوم الجمعة الماضي، عن إستراتيجية إدارته الجديدة لمواجهة إيران، منتقداً الإتفاق النووي الذي يعتبر أحد الإتفاقيات الدولية واصفاً إياه بالإتفاق الأسوء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

إن هذه الإستراتيجية الجديدة التي تسعى فيها الإدارة الأمريكية إلى تطبيق سياسات أكثر شدة ضد إيران، رافقت فور الإعلان عنها لبعض الأنظمة العربية في المنطقة ومنها النظام السعودي الذي رحب ومن لف لفه بهذه الإستراتيجية.

في المقابل فقد واجه خطاب ترامب بموجة من المعارضات الدولية حيث أكدت جميع الدول بما فيها الدول الأوربية على التزامها بتنفيذ الإتفاق النووي وبإنتقادها لخطاب الرئيس الأمريكي، حيث دعمت هذه الدول موقف إيران فيما يخص الإتفاق النووي.

في خضم ذلك أعلنت بعض الأنظمة العربية بما فيها النظام في السعودية، والبحرين، والإمارات ومعهم الكيان الصهيوني عن دعمهم للإستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة.

إن هذا المقال بطرحه لهذا التساؤل فهو يسعى للإجابة على هذا الموضوع، وهو أنه لماذا إبتهجت هذه الدول الثلاث بخطاب ترامب بعد عرضه مباشرة وعبرت عن ترحيبها به؟ في الوقت الذي أنتقد فيه المجتمع الدولي توجه ترامب إزاء إيران وأكد على ضرورة إستمرار الإتفاق النووي. فما السبب وراء مخاوف هذه الأنظمة العربية؟ للإجابة على هذا التساؤل ينبغي لنا أن نعود لمرحلة ما قبل التوقيع على الإتفاق النووي.

إذا ما أردنا أن يكون لنا مرور على موقف الأنظمة العربية من الإتفاق النووي فسنجد أن هذه الدول كانت منذ البداية تعارض الإتفاق النووي مع إيران، وقد طلبت في محادثاتها الرسمية وغير الرسمية من إدارة أوباما عدم التوصل إلى إتفاق مع إيران لأنها تعتبر هذا الإتفاق ليس بصالحها.

إن الأنظمة العربية كانت قد رحبت بكل ما من شأنه الحد من النفوذ الإقليمي لإيران، لأن هذا النفوذ يتعارض ومصالح هذه الأنظمة في المنطقة، لذلك فقد بذلت هذه الأنظمة قصارى جهدها لإفشال الإتفاق النووي، لكنها سلّمت بهذا الاتفاق بعد أن لمست في إدارة أوباما إرادة حقيقية على توقيعه.

لقد اصبحت السعودية الآن ترى بعد وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى سدة الحكم في أن الأجواء باتت مهيئة فأخذت تبذل قصارى ما بوسعها للقيام بما تعتبره ” مواجهة إيران في المنطقة”.

وقد لجأت الرياض التي فشلت سياساتها الإقليمية في جميع البلدان بما فيها سوريا واليمن والعراق إلى الإدارة الأمريكية الجديدة للبحث لها عن مخرج من هذه الإنكسارات، ولكن بما أن ترامب يعتبر تاجراً، وينظر إلى هذه الأمور من هذه الناحية، فإنه على السعودية وقبل كل شيء دفع ثمن ذلك، وبهذا الصدد فقد سعت الرياض من خلال توقيع العقود العسكرية إلى لفت إنتباه أمريكا والحصول على تأييدها.

فحتى أن ترامب في خطابه الأخير ولأستلطاف الأنظمة العربية قام بإستخدام مصطلح الخليج ال ع ر ب ي المزور والمزعوم.

إن هذه الأنظمة العربية قلقة من القوة الإقليمية لإيران وكذلك التقدم المتنامي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجالات المختلفة لا سيما القدرات العسكرية. وهذا في وقت تتحقق فيه الإنجازات الإيرانية رغم أقسى العقوبات الظالمة المفروضة على طهران.

إن ما يسوء السعودية وحلفائها في المنطقة هو أنه ورغم الدعم المالي الكبير الذي قُدم للإرهابيين في سوريا إلا ان نظام الرئيس بشار الأسد ما يزال ممسكاً بزمام السلطة في سوريا ولم يتزعزع.

وحزب الله اللبناني أحد قوى المقاومة اللبنانية، قوته آخذة بالتنامي يوماً بعد آخر وينشط كإحدى القوى السياسية في لبنان في المجال السياسي لهذا البلد.
وفي العراق الحكومة الشيعية وإلى جانب باقي القوميات في البلاد تتولى إدارة الدولة العراقية وإستطاعت تحقيق إنتصارات كبيرة في مواجهتها للمجموعات الإرهابية، حيث ينازع داعش في هذا البلد أنفاسه الأخيرة.

كذلك في اليمن سيطرت جماعة أنصار الله على الجزء الأكبر من الأراضي اليمنية وما تزال إلى اليوم تتحدث بمنطق القوة في مواجهة العدوان السعودي، وهذه هي جماعة انصار الله التي تشترط على الحكومة السعودية الشروط للدخول في مفاوضات معها.

وهذه ليست بالقضايا التي من الممكن ان تعتبرها الدول العربية أنها حدثت بالصدفة، فهذه الدول ترى في إيران مسؤولة عن كل ما تقدم ، كما تزعم هذه الدول أنها تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية!!!.

يرى ترامب انه من الضروري تحجيم إيران والحد من نفوذها الكبير في المنطقة، لأنه يعتبر تعظام النفوذ الإيراني أمراً لا يصب بصالح حليفيه في المنطقة أي “إسرائيل” والسعودية، ولهذا فقد سعوا إلى إستهداف ذراع إيران، وهنا يمكن الإحاطة بجوهر غضب هذه الدول من حرس الثورة الإسلامية والإتهامات التي لا اساس لها ضده.

لقد وضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه الاخير في يوم الجمعة الماضي، حرس الثورة الاسلامية ضمن قائمة المنظمات الخاضعة للعقوبات بسبب إجراءات عرفت بالـ “الإرهابية”. في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن حرس الثورة الإسلامية قام بتعاون وثيق مع دول المنطقة بما فيها سوريا لمواجهة الإرهاب. أساس هذه المخاوف يمكن ملامسته في التصريحات الأخيرة لـ “انور قرقاش” وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الذي أكد على أهمية تظافر الجهود الإقليمية لما (وصفه) بإحتواء نفوذ طهران.

لقد بلغ الحال بهذه الأنظمة أن أصبحت تنقر على الدوام على طبل “الإيرانوفوبيا” في المنطقة وتناست في المقابل الكيان الإسرائيلي الذي يعتبر العدو الرئيسي في المنطقة والمهدد لهذه الدول، كما انها لديها علاقات إقتصادية مع هذا الكيان.

خلال هذه السنوات إستطاع الإيرانيون وفي ظل الحرب والعقوبات إحراز تقدم كبير في المجالات المختلفة، العلمية منها والعسكرية حيث فاجئوا بذلك العالم، وقد حدث هذا في ظروف عبرت فيها شعارات إيران الحدود الجغرافيا وأصبح لها الكثير من المناصرين والمؤيدين في دول المنطقة، وهنا يمكن القول لهذا النظام أنه بإجراءات كهذه وفرض قيود على إيران لا يمكن الوقوف بوجه النفوذ المتعاظم لإيران في المنطقة. فعلى هذه الدول أن تنشغل اولاً بحل الخلافات البينية لها، وبدلاً من إنتهاج سياسة المواجهة، لتنتهج سياسة التعاون، وأن تتذكر أن إيران كانت وما تزال داعية للسلام والإستقرار في المنطقة، وان الجمهورية الإسلامية هي القوة التي تقف إلى جانب هذه الدول في مواجهة التهديدات في المنطقة وخارجها ومن ضمنها التهديدات الإرهابية.

بقلم / حسن رستمي

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق