- وكالة الرأي الدولية - https://www.alrai-iq.com -

زيارة الجبوري لأربيل.. بين المبادرة الفردية والخطأ السياسي!

في وقت لا يزال الخلاف على أشده بين بغداد وأربيل على خلفية الاستفتاء الغير دستوري على الانفصال، وفي وقت أكد البرلمان العراقي عدم مشروعية هذا الاستفتاء لا يمكن وصف زيارة رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى أربيل إلا بالخطأ الاستراتيجي الذي لن ينفع بغداد حتما، بل وقد يُفيد أربيل والبرزاني في تحصيل شرعيته المفقودة.

زيارة سليم الجبوري والتي صرح نفسه بأنها شخصية وبناء على رؤيته الشخصية لواجب وطني أتت وسط انتقادات واسعة من قبل كافة الأوساط في بغداد والكتل النيابية الممثلة في البرلمان. أصوات وصفت الزيارة بالمخيبة للآمال والمخالفة لتوجهات البرلمان وأخرى اعتبرتها تصب في مصلحة مسعود البرزاني الذي التقاه الجبوري في أربيل ولم يُحصّل منه أي مكاسب للعراق.

في المقلب الآخر أي في أربيل فقد رحبت أصوات كردية مقربة من البارزاني بهذه الزيارة، وكيف لا والبرزاني ينتظر بحرارة أي مؤشر إيجابي من قبل بغداد ليستفيد منه في إضفاء شرعية معينة على الفعل الذي أقدم عليه. وهذا إنما يؤكد حقيقة الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه الجبوري في خطوته هذه.

وحول هذه الزيارة علّق نائب رئيس المركز الوطني للإعلام عادل المانع في حوار مع قناة دجلة الفضائية معتبرا أن هذه الزيارة لا يمكن أن تكون شخصية وإنما هي سياسية بامتياز، خاصة أنها أتت بعد الزيارتين التين قام بهما كل من النجيفي وإياد علاوي. وعن سبب ردود الأفعال المنددة بالزيارة ضمن الأوساط السياسية العراقية اعتبر المانع أن السبب هو أن سليم الجبوري يرأس البرلمان العراقي الذي كان قد اتخذ عدة قرارات تؤكد عدم شرعية الاستفتاء الذي تم في إقليم كردستان، وبناء عليه كان على الجبوري أن يلحظ هذه الاعتبارات التي لا يمكن تجاوزها.

ويضيف المانع أن المتابع لكلام الجبوري يلمس أن الأخير أحس بواجب للتدخل ولكن وبسبب العنوان المؤسسي الذي يحمله الجبوري يوجب عليه أخذ بعض الاعتبارات بعين الحسبان. ومن هنا أشكل البعض ومنهم نائب رئيس مجلس النواب الذي رفض الزيارة دون الخوض في تفاصيل. بناء عليه كان من الأفضل الالتزام بموقف البرلمان وعدم القيام بهذه الزيارة ولقاء مسعود برزاني.

أما حول زيارة كل من علاوي والنجيفي فاعتبر المانع أن ليس لهما الثقل الذي في زيارة الجبوري، كون القانون لا يعطيهما كنائبين لرئيس الجمهورية صلاحية تسمح لهما بالتفاوض والاتفاق، والحكومة ليست ملزمة بأي اتفاقات قد يعقدوها كونهما ليسا مكلفان بذلك أصلا. أما مسألة الجبوري فتختلف كليا كونه يرأس السلطة التشريعية في البلاد.

وقد أكد المانع أن لا شك أبدا في مواقف السيد الجبوري من مسألة استفتاء إقليم كردستان، كما أن زيارته لا يمكن أن تغير شيئا في مواقف مسعود البرزاني الذي تخطى الدستور والقانون علنا، الخوف هو إعطاء بارزاني مشروعية معينة يفتقدها.

وحول استفتاء انفصال إقليم كردستان أكد المانع أن انعكاساته السلبية تلقي بظلالها ليس فقط على الإقليم بل أيضا على بغداد والمجاميع السياسية في بغداد. ولذلك على صناع القرار الركون إلى العقل والحكمة والوطنية للخروج من المأزق والنفق المظلم الذي دخله العراق. مؤكدا أن التفاوض مع البرزاني يعطيه شرعية يفتقدها بالأصل كونه هو الذي خرج عن القانون والدستور وأصر على الاستفتاء، انطلاقا من ذلك من الضروري العودة إلى التوافق السياسي وعدم إعطاء البرزاني أوراق قوة يفاوض من خلالها.

وعن إمكانية وجود مساحة للحوار والتفاوض بين بغداد وأربيل فقد اعتبر المانع أنه وفي حال وجود هكذا مساحة فهي ليست من أجل الحوار الوطني وإنما حوار من يمتلك أوراق قوة للضغط ولي ذراع الآخر، أوراق وملفات ضاغطة كالاتصالات والانترنت والمياه قد تكون بوابة لجزء من الحل، حل بعيد عن الرؤية الدستورية والوطنية التي ينشدها الشعب العراقي. مؤكدا أن هذا موقف الشارع العراقي الذي قد يختلف عن موقف السياسيين الذين ينشدون البقاء في المرحلة المقبلة ولو تمكن البرزاني من تحقيق دولته المنشودة.
المصدر / الوقت